شبكة قدس الإخبارية

"سعيد بدّو شُغل".. أعلن إضرابه واعتصم بساحة عامة بغزة

هدى عامر

غزة- خاص قُدس الإخبارية: مستندًا على واجهة لنُصب الجندي المجهول بساحة عامة وسط مدينة غزة، يجلس الشاب سعيد لولو خريج الاعلام والعلاقات العامة بجامعة الأزهر بغزة، معلنًا اعتصامه أمام الملأ واضرابه المفتوح عن الطعام ليطالب بحقه بفرصة عمل.

يرتدي قبعة الخريجين، يرفع لافتة مكتوب عليها "بدّي شغل"، إضافة إلى إلصاق لافتات عديدة حوله مكتوب عليها شعارات تشبه في أصلها مطالب الفئة الكادحة في العصور الوسطى، إلا أن ثمة اختلاف بسيط، بأن سعيد لا يكدح في عمله، إنما لإيجاد فرصة عمل.

"ملعون أبوك يا سكوت أنا حلمي مش حيموت"، "وفرولنا فرصة عمل احنا خريجين بدنا شغل"، "ارحموا خريجي غزة.. أنا خريج"، "سوف أبقى هنا لحين تحقيق مطالبنا ..بدنا شغل". هذه بعض الشعارات التي خطتها اليد العاطلة عن العمل لكنها ليست عاطلة عن الكتابة ولا يموت فيها عصب الأمل.

ومما يبدو لافتًا هنا هذه المرة أيضًا، أن المضرب المعتصم جعل من الميدان العام مكان مُناصرة لا لقضيته الشخصية فقط، إنما حمل معه مسئولية أولئك الذين يعانون وضعًا مشابهًا لحالته، ونصّب نفسه ناطقًا باسمهم حتى دون أن يعووا ذلك، كان أبرز ما كتبه وقاله، "عاشت قضية الخريجين"

بصوتٍ باهت، ربما كان من أثر الاضراب عن الطعام عرّف عن نفسه "أنا المواطن سعيد لولو خريج الاعلام بجامعة الأزهر عام 2007". ثم أضاف شارحًا حالته، "تقدمت للعديد من فرص العمل بعدد من المؤسسات والوزارات الحكومية لكني لم أجد فرصتي فيها، ولا حتى فرصة عمل عقد لشهور على بند البطالة".

يتابع سعيد، "عملتُ في مؤسسات المجتمع المدني من عام 2004-2011، بمجال التدريب وتسيير ورش العمل وعقد اللقاءات والمناسبات الخاصة، حتى أنّي أعطيت تدريبات في غير مجالي منها التثقيفي والصحي حتى دربتُ عن الصحة الإنجابية".

ويوضح أنه منذ العام 2011، اتجه للعمل الشبابي الوطني وإنجاز الفعاليات الوطني منها فعاليات إنهاء الانقسام، حتى تعرض للعديد من الاعتقالات من قبل الأجهزة الأمنية في غزة، مما أثّر على عمله في مؤسسات المجتمع المدني، "حتى نبذتني هذه المؤسسات واضطررت حينها لما لم أتوقع"، وفق تعبيره.

"في مطعم فلافل" هذا كان عملي منذ العام 2011 وحتى بداية 2016 الحالي وأنا أدوام صباحًا ومساءً للعمل في مطعم الفلافل وأقفُ خلف المقلى كي لا أكون عاطلًا تمامًا على استحقاق كرامتي وتيسير أمور بيتي ومستلزماتي، إلا أن ذلك لم يستمر أيضًا، يقول سعيد.

ويشير إلى أن عمله في المطعم طيلة خمس سنوات لم يمنعه من تنظيم الفعاليات الوطنية، حيث ينتهي عمله الصباحي عند الواحدة ظهرًا ليمارس ثورته الوطنية الشخصية، ويكون حاضرًا في أغلب الفعاليات واللقاءات السياسية والمظاهرات المطالبة بانهاء الانقسام

في شهر آذار الماضي، قرر صاحب محل الفلافل التخلي أيضًا عن سعيد، حيث قال له "إنت إلك بالسياسة ما بتلزمنا بدناش مشاكل" ليجد نفسه دون عمل لمدة شهر ونصف، حتى ضاقت به الظروف ووجد نفسه وهو المعيل لأسرته وأخواته لا يستطيع إعالة نفسه.

ولمّا ضاقت الظروف كليًّا وأخذ يذهب إلى بيته ويعود مشيًا على الأقدام لأنه لم يجد في جيبه حتى ثمن المواصلات، قرر أن يعلن غضبه وأن يطلب حقه الذي يستحقه من وطنٍ يسعى لاصلاحه وينادي باسمه منذ سنوات، لا سيما من ساسته ومسئوليه.

يقول سعيد، "أسوة بالأسرى الذين أضربوا لنيل كرامتهم وحقهم حذوت حذو خضر عدنان وهناء شلبي ومحمد القيق وغيرهم مركعين السجان، وقررت أن أعلن إضرابي بمفردي تحت حملة "أنا خريج بدّي شغل" ثم بدأت أطالبهم بالتضامن لأنني أتحدث باسم الخريج وليس باسمي وحدي وجميعنا بحاجة لحلول.

في اليوم الثاني للاضراب، جاءني أحدهم يربت على كتفي ويسألني: "أنتَ سعيد؟.. أنا رائد من حي التفاح بغزة حالي كحالك أنا خريج وليس لديّ عمل وأرغب في التضامن معك ومشاركتك بالحملة". ويضيف، "وها أنا ورائد نجلس سويًا من يومها حتى الآن"، داعيًا الخريجين العاطلين للتضامن.

وبيّن سعيد، "كل التضامن الذي وجدناه هو تضامن مجتمعي بسيط ولم يتدخل أحد بشكل رسمي حتى اليوم الخامس على الأقل، إلا أن هناك العديد من العروض التي تلقيناها للتشغيل كعمال براتب بسيط لكن ذلك ليس هو مطلبنا وغاية اضرابنا".

وأوضح أن الهدف من وقفته واعلان إضرابه هو ايجاد حل لتشغيل عادل للخريجين ذوي الاستحقاق، كما أن مطلبه هو استحقاق العمل بوظيفة رسمية وليس كعامل لأنه يمتلك شهاداته وتاريخ عمله في التدريب الذي يؤهله للعمل بشكل رسمي كما أنه متمسك بمطالب الخريجين كافة وحقهم في التشغيل، مطالبًا الجهات المعنية بايجاد حل للآلاف من الشباب الذين سيقيمون مؤسسات الدولة على أيديهم.

رائد وسعيد ما زالا مضربين عن الطعام، ينامان على الأرض في الساحة العامة ولا سقف زمني لاضرابهما، وهما مستمران بحسب ما أعلنا حتى تنفيذ مطالبهما، ينضم إليهما عدد من الشبان والمتضامنين، إلّا أن آخر ما وصل إليه سعيد هو تدهور وضعه الصحي جراء عدم الطعام وانعدام الجو الآمن في حياة الشارع ليل نهار لينتقل مساء أمس إلى المستشفى ويعود ليكمل اعتصامه الثائر لأجل قضية الخريجين.

s3s4s6s1