شبكة قدس الإخبارية

حمزة المتروك.. بطل "المقاومة الفردية"

نائلة خليل

طولكرم – قُدس الإخبارية: تعيش دولة الإحتلال الإسرائيلي حالة صدمة وتخبط تنعكس في التصريحات الصحافية العاجلة وغير المألوفة لجهاز أمنها، بعد العملية التي نفّذها الشاب، حمزة المتروك، من طولكرم، حيث طعن 11 إسرائيلياً، خمسة منهم إصابتهم بالغة، إذ تخشى من أن يكون هناك رابط بين العملية ووعد "حزب الله" بالردّ والثأر من الاحتلال، بعد قتله قيادات للحزب في غارة في الجولان السوري للمحتل.

العملية التي نفّذها المتروك (23 عاماً) في أكثر شوارع تل أبيب استراتيجية، فرضت منع تجوّل في الشارع، وتم استنفار المئات من رجال شرطة وأمن الاحتلال لملاحقة الشاب، الذي تحوّل إلى آلة طعن غاضبة تمشي على قدمين في شوراع تل أبيب.

بعد اكتشاف هوية حمزة، الذي دخل إلى عمق فلسطين المحتلة دون أن يحمل تصريحاً للعمل، تعرضت عائلته وأصدقائه للاستجواب من قبل جهازي الأمن الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء، فحاول كلا الجهازين حلّ لغز كيفية دخول "الشاب الكهربائي"، الذي لم يسبق له أن اعتقل لدى الاحتلال أو الأمن الفلسطيني، إلى تل أبيب، وطعن 11 إسرائيلياً قبل أن يوقفوه قسراً عبر إطلاق وابل من الرصاص على قدميه، أسقطته أرضاً.

يعمل حمزة، وهو من مواليد 1992، في مجال التمديد الكهربائي في المنازل، وسبق أن أنهى مرحلة الثانوية العامة بنجاح. وهو يعيش مع أمه وأشقائه في رام الله، بعدما انفصلت الأم عن الأب، الذي يعيش في مخيم طولكرم.

ذهب حمزة مساء العملية، كي يزور والده في مخيم طولكرم للاجئين شمال الضفة الغربية. جلس مع والده، ثم ذهب مع أصدقائه، أمضوا وقتهم بالسهر والسمر، قبل أن يعود إلى بيته. عند الفجر، صلى، قبل أن ينطلق إلى تل أبيب تهريباً، من دون أن يأخذ معه هاتفه النقال. لم يدخل عن طريق حاجز "الطيبة" العسكري، الذي يصطف على أبوابه مئات الفلسطينيين في مشهد ذل يومي، ينتظرون الدخول بعد إشهار تصريح إسرائيلي يسمح لهم بذلك.

تقول الأم، خولة العاصي، لـ"العربي الجديد": "ابني لم يكن يائساً. كان فقط حزيناً لما يجري في غزة واقتحامات القدس اليومية".

الأم، التي تم احتجازها ساعات، مساء الأربعاء، من قبل المحققين الإسرائيليين على حاجز قلنديا هي وابنها محسن (18) عاماً، كانت تتكلم بثقة وقوة قائلة: "لو كان ابني يائساً، كما تقول الصحافة الإسرائيلية، لتعاطى المخدرات، أو أقدم على سلوك منحرف، لكنه بطل وأنا أعتز به".

تتحدث الأم (44 عاماً) لـ"العربي الجديد"، فيما تقوم مع ابنها بفتح أبواب محلها التجاري في رام الله. فقد حضرت متأخرة لعملها، بعدما أمضت ليلة قاسية تتنقل ما بين معسكرات الاحتلال في عوفر وقلنديا المقامة على أراضي رام الله، وبعدما خضع ابنها محسن للتحقيق لدى الأمن الفلسطيني. كما استدعت المخابرات الإسرائيلية الأم وابنها للتحقيق.

تقول الأم: "سألني المحقق الإسرائيلي لماذا فعل ابنك ذلك؟ أجبته: ابني حزين على ما يحدث من حوله في غزّة، وعندما يقتحم جنودكم الأقصى يومياً". وتتابع: "ردّ الجندي متسائلاً: لأن ابنك حزين يطعن كل الإسرائيليين".

علمت خولة من المحقق أن ابنها على قيد الحياة، لكنّه جريح، ومع ذلك تتحدث بتماسك وصبر كبيرين، وتقول "أعتز بحمزة،  وأتمنى أن يكون بخير".

ولدت الأم وترعرعت في مخيم بلاطة، وتم هدم منزل عائلتها في الانتفاضة الأولى واعتقال شقيقها. وهي تعلم جيداً أن أمامها سنوات من الزيارات لسجون الاحتلال الإسرائيلي، تماماً كما فعلت هي ووالدتها في الانتفاضة الأولى.

وفيما ينظر الفلسطينيون بفرح إلى عملية المتروك، وفي الوقت الذي يتحدث فيه أهالي مخيم طولكرم عن "الكهربائي" المحبوب بين أصدقائه، والذي لا ينتمي لأي فصيل فلسطيني، يبذل الأمن والإعلام الإسرائيلي جهدهما للتوضيح بأنه ليس هناك رابط ما بين عملية المتروك في قلب تل أبيب، وتهديد حزب الله بردّ قاس ثأراً لاغتيال ستة من قادته أخيراً في الجولان.

ويقول المحلل والخبير في الشأن الإسرائيلي، عادل شديد، لـ"العربي الجديد": إن "عملية المتروك تكذب رواية رئيس حكومة الاحتلال (بنيامين نتنياهو) بأن وجودهم في كل مخيم وشارع  في الضفة الغربية هو الضمان الوحيد بعدم تحويل الضفة إلى (حماستان) أو ملعب  لحزب الله وإيران. ما قام به المتروك يقوض كل الرواية الإسرائيلة حول الردع الأمني".

ويضيف أنّ "هذه الصدفة التي جاءت بالتزامن بين ما يحدث على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة بين الاحتلال وحزب الله، وما قام به المتروك في قلب تل أبيب، ترفع معنويات حزب الله، لأنّها تدل على أمرين، أولاً أنّ المقاومة حق فردي ولا يجوز ولا يمكن احتكارها من أية  جهة أو تنظيم، ثانياً أنّ الفراغ في مربع المقاومة الذي تُرك من السلطة وحركتي (حماس) و(فتح) في الضفة الغربية خلق مساحة للأفراد كي يجتهدوا في ملئه".

وتحوّل الذعر الإسرائيلي إلى آلة تبرير وتأكيد أن عملية المتروك ليست لها علاقة برد حزب الله على عملية الاغتيال في الجولان، في محاولة لطمأنة الشارع الإسرائيلي، إذ جاءت تطمينات جهاز "الشاباك"بعد ساعات قليلة من تنفيذ العملية، بأنّ السبب ليس حزب الله وإيران بل الانتقام لغزة والقدس.

المصدر: العربي الجديد