شبكة قدس الإخبارية

عندما أوقف غسان و عدي أبو جمل الكون عن الدوران

براء القاضي

مشهد خيالي مستوحى من صور عملية الشهيدين غسان و عدي أبو جمل:

صمت كوني رهيب غمر الكنيس، كان غسان قد أنهى مهمته في الجانب الذي اختار أن ينظفه كما قال لعدي: "نظف أنت هذه الردهة والغرف الموجودة فيها وأنا سأنظف القاعة الرئيسية"، سبع دقائق كانت كافية لينجز عدي مهمته ثم يعود إلى مدخل الكنيس ليجد غسان بانتظاره ابتسما لبعضهما ابتسامة سريعة، أمسك عدي بكتف غسان وسأله:

- جاهز؟

-  جاهز..

-  هناك بقعة دم على معطفك

- أولاد الكلب وسخوا لي معطفي الجديد!

أخرج عدي منديلاً معطرًا من جيبه ومسح معطف غسان بعناية فائقة..

-  ماذا الآن؟.. الجيش يحاصر المكان. سأل عدي و أشعل سيجارة في فمه.

-  دعني أفكر قليلاً. نظر غسان إلى مخزن مسدسه، تبقت فيه رصاصتان فقط، كان قد حاول في الأيام الماضية أن يحصل على مزيد من الرصاص لكنه لم يستطع، فتجار السلاح هنا يرتبطون بشكل أو بآخر بالمخابرات الاسرائيلية وهو بالأساس لا يعرف أي تاجر سلاح، المسدس الذي بحوزته اشتراه قبل أربعة أعوام مع ثلاثين رصاصة بثلاثة آلاف شيقل، دفع المبلغ لأحد أصدقائه وبعد يومين استلم منه المسدس ليستخدمه في عرس أحد أقربائه، يومها أطلق خمس عشرة رصاصة في الهواء و خبأ المسدس والرصاصات الباقية، ولم يخرجه إلا يوم تنفيذ العملية.

أنهى عدي تدخين سيجارته وألقاها في سلة القمامة القريبة من النافذة، نظر إلى الخارج فلاحظ أن عدد عناصر الشرطة المحاصرة للمبنى قد ازداد:

-  لم تجبني يا غسان، ماذا سنفعل الآن؟ ستأتي تعزيزات الشرطة والوحدات الخاصة في أي لحظة.

-  إذا بقينا هنا ستقتحم الوحدات الخاصة المكان وسنقتل على الفور، وإذا خرجنا سيطلقون علينا النار أيضاً .. مممم .. ماذا تفضل أن نستشهد هنا أم في الخارج؟؟

-" اسمع" قال غسان بصوت هادئ لكن عيناه كانت تشتعل حماسة:

سأخرج أنا أولا وأركض باتجاه الشرطي الذي يقف على اليسار، وعندما تسمع أنت صوت إطلاق رصاصهم أخرج بسرعة وفاجئ أحدهم واقتله، هكذا سنستشهد وسنرسل واحداً آخر الى جهنم ليلحق بمن سبقه، ما رأيك؟

-  ضم عدي شعر لحيته وعقد حاجبيه: لماذا لا أخرج أنا أولاً؟!

 - لأني صاحب هذه الفكرة.. أجاب غسان وربت بضربات خفيفة على كتف عدي.

صاح غسان "الله أكبر" و خرج من باب الكنيس كَسَهم منطلق نحو الشرطي الكامن خلف السور الأيسر، وفي اللحظة التي أخرج الشرطي رأسه ليرى مالذي يحصل أرداه غسان قتيلاً، سمع عدي صوت إطلاق النار فانطلق هو الآخر وراء ابن عمه، مشهراً ساطوره وهاتفًا، الله أكبر الله أكبر، شاهد غسان وهو مٌلقىً على الأرض مضرجاً بدمه، ويحيط به عدة رجال شرطة فاتجه نحوه مباشر لعله يتمكن من أحدهم، لم يخطر في بال عدي وقتها إلا شيء واحد، مؤكد أن غسان قد سبقني الآن إلى الجنة، كان يجب علي أن أخرج أنا أولًا!! و استشهد..

أمام كل هذه المشاهد توقف الكون عن الدوران، وبدأ يدور حول مركز جديد، حول عدي وغسان أبو جمل.

استشهد غسان و عدي أبو جمل بعد تنفيذهما عملية في كنيس يهودي مقام على أراضي قرية دير ياسين في مدينة القدس، أسفرت العملية عن استشهاد البطلين غسان و عدي ومصرع خمسة صهاينة و إصابة عدد آخر.