شبكة قدس الإخبارية

"دام" تُغنّي برعاية أمريكية

رازي نابلسي

عندما تعرّفت على فرقة دام، كان ذلك في بيت جدّي خلال مقابلة مع تامر نفّار، أحد أعضاء الفرقة على التلفاز. أذكُر جيدًا، كيف انجذبت للكلمات والموسيقى والبقعة التي خرجوا منها، اللّد. هذه البلدة التي تعرّفت عليها من خلال التلفاز، صوت الرصاص، وعمليات القتل. كان لخروج هذه الفرقة صرخة، فاقت صوت الرصاص، عمليات القتل لتُذكّرنا جميعًا باللد. بعدها بدأت أُتابع بشغف كل ما قالته هذه الفرقة، حقاً. كانت فكرة أكبر من فرقة.

اليوم، وبعد مرور سنوات عديدة وخروجي من بيت جدّي للعالم الأوسع، بدأت أُتابع هذه الفرقة سياسياً. فرأيتهم تارة في باب الشمس، وتارة أخرى في الشارع، وتارة في سهرة رفاقية وتارة في إعلانات الشوارع، وفي المرة الأخيرة، والحاسمة، كانت من على يافطة كبيرة في شوارع رام الله، ألوانها خضراء زُيِّنت بِعَلم في أسفلها من الناحية اليسرى، ولا تستعجل يا رفيق... فسترى هذا العلم في الصورة المُرفقة أسفل الصفحة.

كانت شبه صدمة سياسية، عندما رأيت فرقة احتجاجية سياسية تقدّمية، غنّت ضد الاستعمار، وللتحرّر من كافة الأشكال الاستعمارية، تغنّي اليوم في أريحا بدعم من ما يُسمّى "USAID"، ما يَعني بدعم من أمريكا.

كان لا بد من الحديث، ضارباً كل العلاقات الشخصية، والتي بُنيّت على ركيزة واحدة، ألا وهي: رفض أمريكا وكل ما يأتي منها.

الـ"USAID" ونبذ الإرهاب:

لمَن لا يعلم، رغم يقيني بأن جميعكم تقريبًا تعلمون. فالدعم الأمريكي ليس بالمجانيّ، بل هو دعم مشروط بداية بنبذ المُقاومة الفلسطينية، والتي أطلقت عليها أمريكا في شروطها اسم "الإرهاب". الإرهاب، هذا المصطلح الذي أرادت أمريكا أن تجعل منه الوصف المُلائم لمقاومة الاحتلال المَشروعة لشعبنا، والموافقة على المصطلح قد تكون أخطر من نبذه، وهذا ما يُوافق عليه المُتموِّل من الـ"USAID"، لنأتي بعدها إلى نبذ ما يُسمّى "الإرهاب"، نبذ مقاومتنا مُقابل عشرات آلاف الدولارات الخضراء بلون اليافطة. لا يخفى على أحد منّا أن "دام" وغيرها من فرق الفن الاحتجاجي المُقاوم قد قامت ببناء جمهورها، عبر رفضها لأمريكا ورأس المال الأمريكي. فكيف تريدون منّا أن نذهب برعاية أمريكية لنستمع لأغانيكم الرافضة؟

الـ"USAID" كغطاء للـ"US-ISRAEL"

كانت ولا تزال، أمريكا ترعى ابنها المُدلّل في المنطقة، لتموِّل بملايين الدولارات الخضراء، ولكن؛ هنا تختلف الأمور فالدعم ليس لهدف يافطة خضراء، بل لشراء حذاء أخضر يدوس أطفال فلسطين، أو لِصُنع قنبلة غاز خضراء تكبت أنفاس الرفاق، وفي أفضل الأحوال دبابة تدوسنا نحن وبيوتنا.

لا يخفى على أحد منّا، دور الـ"USAID" في تبييض وتجميل العلم الأمريكي أمام ما قام به هذا العَلَمْ من دمار في هذا الوطن، ومن دعم للقتل وإبادة الشعوب في العالم أجمع، من فلسطين للعراق ومن العراق لأفغانستان مروراً بفيتنام وسكان القارة الأصليين. والسؤال هل سنسمح بتبييض هذا كله مقابل اللون الأخضر؟

هذا ليس تخوينًا، ولا تهّجُمًا، بقدر ما هو لوم. لوم على من سمعنا صرخاتهم المناهضة لللإمبريالية والاستعمار المُتمثّل بأمريكا وحلفائها على ما يقومون به من ترويج، لأموالها وأعلامها.

أما زلتم تريدون نبذ "الإرهاب"؟