شبكة قدس الإخبارية

"فارس الغد" الفلسطيني قادم من لبنان

لارا يحيى

في مؤتمر "تواصل" الإعلامي الذي جرى عقده في تركيا الشهر الماضي، كانت هناك زاوية لافتة، حملت عنوان "فارس الغد". حوت الزاوية مواداً ملونة مبهجة، تحمل بداخلها قصص الفلسطيني، داخل بلاده التي اقتلع منها، وخارجها حيث شتت في بقاع الأرض، بشكل منمق، وعبر قصص للأطفال.

فارس الغد، فارس فلسطيني، شخصية طوّرتها مؤسسة حملت اسمه "مؤسسة فارس الغد للإنتاج الإعلامي"، أنتجت كما أخبرنا السيد إبراهيم كايد أحد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والذي يرأس إدارتها، 2006م، وكانت بداية انطلاقه مجلة شهرية للناشئة هي مجلة فارس الغد التي لا تزال تواصل الصدور حتى اليوم مع بداية كل شهر ميلادي، ثم توالت الأعمال الفنية التي بدأت تكبر شيئاً فشيئاً مروراً بمحطات مميزة منها فلم (جدار في القلب) وهو أول فلم ثلاثي الأبعاد بأيدي عربية، والأقراص المدمجة والمطبوعات المنوّعة حتى وصلت إلى ما أدهش من رأى زاويتهم في المعرض المرافق لمنتدى "تواصل".

من أين جاءت الفكرة؟

قال كايد أن فكرة "فارس الغد" جاءت لأن هناك اعتقاد دائم بضرورة إيجاد بديل "إيجابي" للأعمال المترجمة والمدبلجة، التي تتوافر في الأسواق العربية، والسوق اللبناني، ويتعرض لها اللاجئ الفلسطيني في لبنان، وسواها، ولا تتوافق مع واقعه المعاش، وتعرض الأطفال لمبادئ وقيم لا علاقة لها بتنشئتهم، وأن الهدف الأساسي من إنشائها كان بناء جيلٍ واعٍ ومثقف، عيش قضايا أمّته ووطنه، عبر تقديم أعمال وإصدارات ثقافيّة تسهم في إغناء ثقافة الناشئ بشتّى المجالات الأدبية والتّاريخية والعلميّة والجغرافيّة.. بأسلوبٍ أدبيٍّ راقٍ ومتميّز، ولتقديم الترفيه والمتعة والتسلية بوسائل إبداعية متنوعة تتماشى مع روح العصر.

ورغم أن المنافسة مع البدائل الموجودة والتي تُضخ أموال هائلة للإعلان والترويج لها تتطلب مجهوداً وموارد كبيرة ليست متوفرة لدى "فارس" إضافة لكونها لا تهدف للربح هي أقصى الأمور التي تواجهها المؤسسة، وتميزها أيضاً.

الاقبال المتنامي، والجمهور السبب بالإستمرار

بابتسامة حلوة يجيب إبراهيم :" جمهورنا هو أهم أسباب استمرارنا، لم نكن نتوقع عند انطلاق المؤسسة أن نجد هذا التفاعل من الأطفال وذويهم... هذا التفاعل هو ما دفعنا لبذل المزيد من الجهد لنكون عند حسن ظن جمهورنا"

يضيف كايد أن لعل خير دليل على أن هذه المؤسسة التي كان المقر الرئيسي لها في بيروت، استطاعت أن تنافس المنتجات القادمة من الغرب، سعت الإنتشار التي نالتها رغم صغر عمرها، فقد إستطاعت المجلة وسواها من منتجات ال بل سعت المؤسسة ومنذ البداية إلى الانتشار في الكثير من الدول العربية، وقد تمكنا من إيصال منتجاتنا ومن ضمنها مجلة فارس الغد إلى اثني عشرة دولة عربية (السعودية، ولبنان، وسوريا، والأردن، والجزائر، وتونس، والمغرب، والكويت، والإمارات، وقطر، والبحرين، والسودان، واليمن) وعدد من الدول الأوروبية.

الأطفال وموقعهم من مشروع خصص لهم

المؤسسة تعول بالأساس على الأطفال والتواصل معهم، كون الرسالة التي تحملها منتجاتهم موجه لهم، فقد أطلقت المؤسسة جولات تواصل مع الناشئة أبرزها مهرجان "أسبوع الفرسان" ، الذي شارك في دوراته الثلاث أكثر من عشرة آلاف طفل من لبنان بعضهم لبنانيون وآخرون فلسطينيون، وتم اكتشاف مواهب "فرسان الغد" في مجالات الكتابة والرسم، بعض تلك المواهب انخرطت في كادر المؤسسة وأصبح لها دور بارز فيها.

مشاريع مستقبلة، وإنتاج أول فلم فلسطيني ثلاثي الأبعاد

كان فلم (جدار في القلب) الذي أنتج في العام ٢٠٠٩ هو أول إنتاج ثلاثي الأبعاد لفارس الغد، وأول إنتاج فلسطيني من هذه الفئة، بأيدي عربية، عن الفيلم قال كايد " "الفيلم يتحدث عن قصة أسرة تعيش في مخيم بلاطة للاجئين قرب نابلس، وما تعانيه هذه الأسرة وآلاف غيرها من خطر اقتراب جدار الفصل العنصريّ، وقد ترجم الفلم إلى عشر لغات عالمية".

مشاريع المسقبل لمؤسسة تكبر منذ نشأتها، بأفكارها وهمة المتطوعين فيها، أو كما قالت غفران ريحان، إحدى المحررات في المجلة، والتي قابلناها في المعرض " الموضوع أشبه بالتطوع إجمالاً، وأنا رغم أني لست فلسطينية إلا أن المواد المنتجة كانت أسهل وأقرب الطرق إلي لأعرف أكثر عن قضية فلسطين، مما جعلني مقتنعه أن هذه الوسيلة هي الأنجع في إستقطاب المتضامنين من جميع الجنسيات".

عن أعمال المؤسسة بشكل عام كما أخبرنا كايد أن المؤسسة تستعد لإصدار لعبة إلكترونية ثلاثية الأبعاد هي (الطريق إلى القدس)، و(منهج فلسطين للناشئة)، الذي ُيسعى من خلاله إلى سد ضعف الاهتمام بالقضية الفلسطينية في المناهج الدراسية للدول العربية، وقد أعد ليكون منهجاً مبسطاً يحمل القضايا الرئيسية المتعلقة بفلسطين بشكلٍ علميٍّ حديثٍ وممتع، يتضمن الحقائق ويعرضها بشكلٍ حديثٍ مما يشجع الفتيان والفتيات على التّفاعل معه، وأخيراً، انتاج فلم كرتوني جديد بعنوان "فارس القدس"، إضافة للإستعداد لإصدار برنامج خاص بالأجهزة الذكية، حتى يستطيع المهتمون من خلاله تحميل منتجات المؤسسة بأسعار رمزية لتساعد في إيصال رسالة فلسطين، للعالم.

في لبنان بلد السياحة، والجمال، هناك مخيمات فلسطينية عديدة منها خرج كايد وأصدقاؤه، وعدد من العاملين في هذه المؤسسة، حملوا هم قضيتهم ولم يزالوا حتى ينتهي شتاتهم، وتعود أرضهم، وهذا ملخص الرسالة التي يؤديها لاجئي لبنان عبر مؤسسة صغيرة بتمويلٍ ذاتي.