شبكة قدس الإخبارية

"أبو السكر" مُفجّر الثلاجة في القدس.. في ذمة الله

علا التميمي

أحمد أبو السكر الذي نظر للثلاجة نظرة مغايرة عما ينظر إليها بنو البشر لتساهم في تنفيذ واحدة من أهم العمليات الفدائية ضد الإحتلال في القدس عام 1975. أبو السكر من قدامى الأسرى الفلسطينيين، والذي أطلق سراحه عام 2003 بعدما قضى 27 عاماً في سجون الإحتلال، بتهمة تفجير ثلاجة في شارع يافا في القدس.

ترمسعيا – البرازيل – الولايات المتحدة والإنتماء لحركة فتح 

أبو السكر القادم من الريف الفلسطيني "قرية ترمسعيا" والمولود عام 1936، هاجر في صغره إلى البرازيل عام 1953 ومن ثم إلى الولايات المتحدة، ليلتحق بعدها بصفوف حركة التحرير الوطني "فتح" ويقوم بجمع التبرعات لصالح الحركة وفعالياتها داخل الأرض المحتلة، حتى قرر أخيراً تصفية كل مصالحه في الخارج، والعودة إلى وطنه، وممارسة العمل الفدائي السري على الأرض. كان أبو السكر، بعد أن أتمت فتح تدريبه في بيروت، يوزّع السلاح والمتفجرات على المجموعات الفدائية (الخلايا)، التابعة لها في منطقة رام الله. وكان أبو السكر يعرف العشرات من “النقاط الميتة” التي لا يعرف عنها أحد، ولا يمكن أن تكون موضع شك، حيث كانت تصله الأسلحة والمتفجرات ما بين حين وآخر، فيوزعها على هذه النقاط، ليأتي من بعده، دون أن يراه أو يعرف، من يستلمها.

ثلاجة وسيارة فولكس فاجن وتي إن تي 

حينما أبلغ السكر القيادة في بيروت عن نيته في تنفيذ عملية في يافا لم يلق التجاوب المطلوب وإنما واجه رفضاً من قيادته جعله يمضي في إلحاحه حتى تمت الموافقة أخيراً. وفي 5/7/،1975 وضع أبو السكر 35 كغم من مادة تي. ان. تي TNT شديدة الانفجار، داخل ثلاجة قديمة انطلق بها على ظهر سيارة فولكس فاجن الى شارع يافا في القدس الغربية، لتنفجر بعد أقل من ساعة، وتوقع عشرات القتلى والجرحى بين اليهود، حين كان هو في طريقه الى الأردن عبر الجسر، ومنه الى لبنان، من دون ان يعلم عنه أحد، ليلتقي مع قيادته سراً، ثم يعاد الى وطنه. بعد سنة واحدة، اعتقلت القوات الإسرائيلية أبو السكر، لزلة لسان منه عن العملية، أمام أحد تجار الأسلحة في رام الله، والذي كان عميلاً سرياً للعدو.

لغز الثلاجة وباسم طبيلة 

خطط أبو السكر لعملية "الثلاجة" مع باسم طبيلة من سكان نابلس الذي كان خبير المتفجرات لإحدى مجموعات حركة فتح بعد أن تم تدريبه في سوريا على إعداد المتفجرات وزرع العبوات الناسفة. وطُرح الاقتراح بارتكاب العملية على القيادة الفلسطينية في الخارج التي وافقت عليه بدورها إلى جانب المطالبة بتنفيذ العملية مطلع شهر يوليو تموز [1975].

وتم تجهيز "الثلاجة المفخخة" في مصنع عربات اليد التابع لباسم طبيلة في نابلس. وقام جبارة بجولات تمهيدية في القدس لرصد المكان المناسب للعملية، فيما كان طبيلة المنفذ، حيث قام بمساعدة أحد السائقينً بنقل الثلاجة إلى القدس حيث أنزلها من السيارة بالعربة ووضعها في ميدان صهيون. أما جبارة نفسه فقد توجه في الصباح الباكر من يوم تنفيذ العملية إلى الأردن ومنه إلى سوريا لإبلاغ القيادة بتنفيذ العملية. هذا وقد حاول طبيلة طبيلة حاول تكرار عملية "الثلاجة" من خلال تفجير "عربة مفخخة" على شكل عربة مفخخة محمَّلة بفطائر "البوريك" كان قد تم اكتشافها (عام 1976) قبل انفجارها.

153 يوماً من التعذيب المستمر 

في الكتاب الصادر عن عن الهيئة العامة للكتاب وزارة الثقافة الفلسطينية الصادر في رام الله – ينارير 2013 ، عن أحمد جبارة أبو السكّر نقرأ تفاصيل أيامه الأولى في أقبية التحقيق الإسرائيلية.

على مدار مائة وثلاثة وخمسين يوماً، استمر المحققون في تعذيب أبو السكر، من أجل الإعتراف بالعملية، إلا أنه لم يعترف ولم يقر أبداً. ومع ذلك، جرت محاكمته في منتصف عام ،1976 حيث أصدرت المحكمة قرارها بالسجن المؤبد، إضافة الى ثلاثين سنة أخرى. وفي عام 2003 كان قد أُطلق سراحه في أجواء تطبيق بعض بنود “خريطة الطريق”، بعد اعتقال دام سبعة وعشرين عاماً. وكان جبارة يُعدّ بمثابة "عميد الأسرى" حيث عينه ياسر عرفات فور الإفراج عنه مستشاراً له لشؤون الأسرى ، كما تم ضمه إلى المجلس الثوري وهو من المؤسسات القيادية لحركة فتح.

بعد 11 عاماً من إطلاق سراحه ودع أبو السكر فلسطين في أكثر الأوقات ظلمة وحلكة وحاجة للعمليات الفدائية النوعية.