شبكة قدس الإخبارية

الاتفاق الأمني الإسرائيلي المغربي يشكل تهديدًا استراتيجيًا لدول شمال أفريقيا

cZ8fU
هاني العقاد

أخيراً استطاع الصهاينة بمكرهم وكراهيتها وحقدهم التاريخي أن يحدثوا شرخًا عميقًا بين دول شمال أفريقيا عبر عقد اتفاق أمنى وعسكري غير مسبوق بين دولة الكيان وبين المغرب التي رأت في هذه الاتفاقية قوة تحالفية من شأنها أن تهدد الجزائر العربي البلد الثائر الذي قال إنه لن يطبع مع دولة الكيان تحت أي ظرف كان وتضغط على تونس وليبيا من جانب آخر لتنصاع لاتفاق أبراهام وتعقد اتفاق تطبيع مع دولة الكيان. هذا اتفاق خطير في شكله الظاهر فما بالنا لو اطلعنا على تفاصيل هذا الاتفاق السرية والتي لم تعلن عنها لا المغرب ولا دولة الكيان بعد لان كل اتفاق تطبيع او سلام مزعوم تعقده دولة الكيان مع أي طرف عربي يكون له بروتوكولات سرية لا يكشف النقاب عنها حتى بعد أربعين عاما , لكن المؤكد ان دولة الكيان بهذا الاتفاق استطاعت أن تلحق المغرب للحلف العسكري والأمني الاستراتيجي الذي تشكل بفعل "اتفاق ابراهام" مع الإمارات العربية المتحدة سبتمبر 2020 لتكون هي الدولة الرابعة في هذا الحلف بشكل علني أي ان هناك العديد من الدول انضمت سراً للحلف ولم يتم الإعلان عن ذلك لعدم نضوج الظروف السياسية لتطبع مع دولة الكيان في اتفاقات شبيهة.

الخطير في الأمر ويتبجح استطاعت دولة الكيان أن تبرم اتفاق مع المغرب هو بالأساس اتفاق دفاع مشترك أي إن دولة الكيان ستعادي من يعادي المغرب وستجهز ما تملك من وسائل قتالية لصالح المغرب في إشارة واضحة لنزاع الصحراء الكبرى مع الجزائر ولعل هذا الاتفاق جاء على إثر قرار ترمب المشؤوم الاعتراف بالصحراء الكبرى المتنازع عليها أرض مغربية وبالتالي استطاعت دولة الكيان أن توجد لها قاعدة استراتيجية على الأرض العربية في شمال أفريقيا وهذا من شأنه أن يهدد وحدة دول القارة من طرف ومن طرف آخر تأليب النزاعات وتعميق الخلافات بين الجيران ,هذا الذي تريده دولة الكيان من أي وجود لها في الجسد العربي ليبقى مخلبها ينهش في الجسد العربي ويمزق وحدته ويفتت أي اتفاقات استراتيجية حتى أن دولة الكيان استطاعت إلى حد بعيد أن تفتت اتفاق العرب على مبادرة مهمة تعاهد عليها العرب بأن لا يطبع احد مع دولة الاحتلال قبل قبولها بالسلام الشامل وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس في قمة بيروت 2002 تحت ما سمي في ذلك الوقت المبادرة العربية.

وجود الكيان الصهيوني في شمال أفريقيا ضمن اتفاقية دفاع مشترك مع المغرب يعني أن أي توتر على الحدود بين المغرب والجزائر ستشارك فيه دولة الكيان إما بطريق مباشر أو غير مباشر واعتقد أن هذه الاتفاقية ستمكن المغرب من ابتياع مئات الأطنان من السلاح والمعدات التكنولوجية في صورة طائرات استطلاع تجوب الصحراء الغربية منها الراصدة لتحركات الجيش الجزائري على الحدود ومنها المأهولة التي تحمل صواريخ الموت وبالطبع تعمل ليل نهار وبالأخص كانت قافلة جزائرية قد تعرضت قبل فترة لقصف مغربي على الحدود بين الصحراء الغربية وموريتانيا أدى إلي استشهاد ثلاث جزائريين بطريقة تدلل أن هناك بصمات صهيونية في الحادثة وهذا الحادث بات ينذر بتوتر ساخن وخطير بين المغرب والجزائر كدولتين عربيين عاشتا فترة هدوء طويل بالرغم من قضية الصحراء المغربية ودعم الجزائر لجبهة البوليساريو التي تسعي لانتزاع استقلال الصحراء الغربية.

هذا الاتفاق الخطير أوجد قاعدة صهيونية لكيان مخرب لا يسعى إلي صنع سلام بل دائما سعي لاستثمار التوترات في الإقليم والنزاعات بين دول الجوار وسكب مزيد من البنزين على نار الخلافات حتى تدوي أصوات المدافع وبالتالي تكون هذه الدولة الصهيونية هي بمثابة الشريك والصديق المدافع عن أصدقائه وحلفائه وهي في الحقيقة من تعمل من أسفل الطاولة ومن وراء الستار لكي تديم الخلافات العربية وتصل إلى أبعد الحدود حتى تبقى هي المركب الوحيد الذي يبني قوته العسكرية على هذا الشكل من النزاعات، الأهم من ذلك أن دولة الكيان تصنع النزاعات بالإقليم لصالح حرف الأنظار عن الصراع العربي الإسرائيلي وبالتالي ينشغل العرب ببعضهم ليجدوا مصلحة لهم بالانخراط في حلف أمني يسعى لتبادل المعلومات الاستخبارية التي تتعلق بالفلسطينيين واي جبهات معارضة ومناهضة للاحتلال الصهيوني في فلسطين وفي ذات الوقت تحدث مزيد من الفصل بين القضية الفلسطينية وعمقها العربي .التهديد الاستراتيجي الآخر الذي سينتج عن وجود الصهاينة بالمغرب العربي هو الوجود بالقرب من مضيق جبل طارق والمحيط الأطلسي ما يعني مراقبة صهيونية أوسع لكل الرحلات البحرية عبر الاطلسي وصولا إلى مضيق جبل طارق الذي سيقع بالكامل تحت المراقبة الدقيقة لأي سفن وناقلات معادية قد تحمل النفط الإيراني إلى اوروبا او إلى سوريا في إطار التعاون الأمريكي مع الحلف الجديد بالإقليم لفرض مزيد من الحصار على النفط الإيراني.

هذا الحلف الذي انضمت إليه المغرب بحكم الاتفاق الأمني والعسكري الخطير سيشكل ضغط كبير على دول شمال أفريقيا لتدخل في "اتفاق ابرهام "وبالتالي الحلف من خلال اتفاقات تطبيع مع دولة الكيان وخاصة موريتانيا التي قطعت علاقاتها مع إسرائيل منذ العام 1999 وكشفت مصادر لصحف عربية أن نواكشوط تتعرض لضغوط كبيرة لإقناعها بأهمية العلاقات مع دولة الكيان مع اغراءات بالدعم وضخ استثمارات كبيرة في حال قبلت موريتانيا بالدخول في الحلف الجديد. يمكن ان تطبع موريتانيا مع دولة الكيان وتدخل الحلف الأمني والعسكري "حلف أبراهام" لكن يبقى التهديد الحقيقي من وراء هذا الاتفاق الأمني والاستراتيجي الصهيوني المغربي يشكل تحدي خطير لكل من الجزائر وتونس الدولتان اللتان لهما موقف ثابت من أي علاقة مع دولة الاحتلال وسوف تشكلان مع بعض الدول الأخرى جبهة رفض قوية لقبول دولة الكيان كدولة مراقب في الاتحاد الأفريقي الذي سيبت في عضوية دولة الاحتلال في اجتماعه القادم فبراير 2022 , الذي نتوقع أن يفضي لانقسام كبير في وحدة دول الاتحاد وبالتالي يلقى بمصير الاتحاد إلى المجهول.

#المغرب #التطبيع