شبكة قدس الإخبارية

طلبة الجامعات الأردنية.. يتغلبون على "كيّ الوعي" ويقودون مسيرة رفض التطبيع

888.JPG
نداء بسومي

فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: لم تهدأ الشوارع الأردنية بعد الإعلان عن توقيع الأردن والاحتلال الإسرائيلي على "إعلان نوايا" للشروع في التفاوض للبحث في جدوى مشروع مشترك لتبادل الطاقة والمياه، وقد ضجّت على إثرها العاصمة عمان بمظاهرات حاشدة يوم الجمعة الماضي منددة بـ"اتفاقية التطبيع" بين الطرفين. 

ومع الإعلان عن توقيع الاتفاق يوم الإثنين 22  نوفمبر 2021 برعاية إماراتية أمريكية، كانت الجامعات الأردنية الشرارة الأولى لحِراك رفض التطبيع الحالي في الأردن، وقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالمقاطع والصور لطلاب الجامعات الأردنية يرددون هتافات رافضة للتطبيع وداعمة للقضية الفلسطينية.

وتنطلق الهتافات الأردنية ضد التطبيع، والتأكيد على بوصلة الأردنيين شعبًا نحو الحق الفلسطيني، بعد أسابيع قليلة من إعلان حملة "فلنشعل قناديل صمودها" في مختلف الجامعات الأردنية، والتي يعمل القائمون عليها على جمع تبرعات وصلت إلى 617 ألف دينار أردني لإعمار بيوت القدس، دعما لصمود المقدسيين ووجودهم في القدس المحتلة.

وقد كشف هذا التحرك الواسع للطلبة الأردنيين عن حجم الوعي الكبير بالقضية الفلسطينية، وعن تغلبهم بنجاح على مرحلة "كيّ الوعي" الذي يمارسه النظام، في محاولة تغييب التاريخ والقضية من عقول الشباب الصاعد، وفي سعيٍ لإسقاط مفاهيم الاحتلال وجرائمه وانتهاكاته من أبجديات الثقافة المجتمعية. 

سياسة التغييب 

 في حديثه لـ "شبكة قدس"، يرى الباحث والأسير الأردني المحرر من سجون الاحتلال سلطان العجلوني، أن النظام استطاع تحييد القوى التقليدية، أحزابًا ونقابات، وتقييدها بأنظمة وقوانين غيّبت من وجودها، وأصبح هدف قياداتها مجرد البقاء، لهذا بقي الميدان فارغًا تقريبًا. 

ويستدرك العجلوني، قائلا: على الدوام كانت الحركة الطلابية الأردنية رائدة في ميدان القضية الفلسطينية، وإن تراجع دورها لصالح قوى تقليدية، وتلاعب النظام بنتائج الانتخابات الطلابية وتجميد نشاطها في كثير من الجامعات. 

وفي اليوم الأول لبدء الاحتجاجات، رصدت عدسة إحدى الهواتف المحمولة عميد شؤون الطلبة في جامعة الزيتونة وهو يقوم بتهديد الطلبة المحتجين على اتفاقية التطبيع بالفصل من الجامعة، وبحسب العجلوني فإن "عمادة شؤون الطلبة في الجامعات أصبحت عبارة عن مكتب أمني، هدفه رصد وقمع أي وعي سياسي حقيقي عند الطلاب، وضمان تفريخ أجيال من السحيجة بولاء مطلق وأعمى للنظام، لذلك أصبحت الجامعات أداة بيد النظام لضمان استمرار الوضع الراهن وقتل بذور الرفض في مهدها"، يقول الباحث الأردني. 

من جانبه، يشير أحد مسؤولي لجنة القدس في جامعة الزيتونة أحمد صالح إلى وجود تضييقات دائمة على عمل اللجنة، سواء بحجة كورونا وقوانين الدفاع وحاليا منع التجمهر، أما الحجة الدائمة فتكون الابتعاد عن المواضيع السياسية، موضحًا، "يعني أنهم من الممكن أن يدعموا شأنًا أكاديميًا أو رياضيًا، ولكن عندما يتعلق الأمر بفعالية لأجل القدس يقولون إنه شأنٌ سياسي ويختفي الدعم وتختفي الموافقات على الأنشطة". 

يقول صالح لـ "شبكة قدس": "هناك الكثير من الطلاب الذين لا يعلمون الكثير عما يجري في القدس، بسبب خطط التجهيل في عالمنا العربي وهو ما نسعى لمحوه في لجان القدس، ولكن فور علمهم بوجود حملات للتبرع لأهلها يتبرعون دون تردد، وهذا يدل على أن قضية القدس لا تموت حتى وإن غابت في كثير من الأوقات في داخل الشباب الأردني، وهم الأقرب على مواجهة العدو الصهيوني". 

الجامعات: حين يصنع الوعي!

بدوره يرى مسؤول لجنة القدس في الجامعة الأردنية عبد الرحمن أبو عريش، أن مجتمع الجامعة عمومًا يشكل تربة خصبة للنهوض بالمجتمع والتمسك بالقضايا الوطنية والإسلامية، لأنه مجتمع واعٍ ومدرك لخطورة ما يحدث من حوله، مثل تسليم موارد الأردن لغير شعبه، فضلاً عن خطورة تسليمها للاحتلال الإسرائيلي.

ويؤكد أبو عريش في حديثه لـ "شبكة قدس"، على أن طلاب الجامعات اليوم على وعي عالٍ لما يحدث في قضاياهم الوطنية والأممية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مضيفًا: "نحن بالجامعات الأردنية بجميع التوجهات والأطياف نرفض أدنى اعتراف بهذا الكيان، أو دعمه في قتل أبرياء غزة وتدنيس دماء شهداء الكرامة ومحو التاريخ المشرف للشعب الأردني في دفاعه عن القضية الفلسطينية".

ويتابع أبو عريش: تعلمنا منذ الصغر أن الدفاع عن القدس أمر صعب وبعيد المنال فما علينا إلا الدعاء، أما عند دخولنا إلى مجتمع الجامعة تغيرت المعادلة واكتشفنا أنه يمكننا التقدم أكثر تجاه قضيتنا المركزية والتضحية من أجلها، وأن المعرفة والوعي أساس التحرك صوب أي قضية. 

وحول حملة "فلنشعل قناديل صمودها" والتي جمع فيها ما يزيد عن نصف مليون دينار أردني لدعم الصمود المقدسي، يشدد أبو عريش على "حرص لجنة القدس على نشر أهمية بذل ما يمكن من أجل للقدس، وأنه بإمكاننا أن نكون جزءًا أساسيًا في المعركة والدفاع عن مقدساتنا، والقضية الفلسطينية تحظى بأهمية كبيرة لدى الشباب الأردني كما لاحظنا في حملتنا الأخيرة، إقبال واهتمام كبيرين من قبل الطلاب الأردنيين".

تضييق واعتقالات

في اليوم التالي لإعلان الاتفاقية، اعتقلت السلطات الأردنية 37 ناشطا من ضمنهم 17 طالبًا جامعيًا، وذلك بعد محاولتهم تنظيم اعتصام مفتوح على دوار الداخلية وسط العاصمة الأردنية عمّان رفضُا للتطبيع.

وبحسب المسؤول الإعلامي لكتلة أهل الهمم الشبابية في الجامعة الأردنية محمد الخطيب، فإن هذه الاعتقالات والتضييقات لن تزيد الطلاب إلا إصرارًا وثباتًا على موقفهم ضد هذه الاتفاقية، ويؤكد: "نحن مستمرون على موقفنا وفعالياتنا داخل الجامعة، وحتى مشاركتنا كحركة طلابية وكجزء من الجسم الطلابي خارج الجامعة، وفي أي ترتيب أو مظاهرة او مسيرة في الوطن سنشارك فيها للتعبير عن رفضنا لهذه الاتفاقية".

ويضيف الخطيب في حديثه لـ "شبكة قدس": "بدأت الكثير من القضايا من داخل الجامعات، من خلال التوعية والوقفات، وفي ما يتعلق باتفاقية الماء مقابل الكهرباء فإن أول تحرك على أرض الأردن كان من الجامعة الأردنية بعد عدة ساعات من إعلان الاتفاقية، وقد تفاعل معنا الجمهور الأردني بشكل إيجابي وفي أعقابها أصبحت هناك العديد من المظاهرات المركزية".

 

#غاز #كهرباء #عمان #مياه #طاقة #الأردن #احتلال #تطبيع #اتفاق_تطبيع