شبكة قدس الإخبارية

عملية القدس وهروب الاحتلال إلى الأمام

258235527_236260175271484_533503419206725281_n
عدنان أبو عامر

كعادتها دأبت دولة الاحتلال عند كل إخفاق أمني أو فشل عسكري أن "تهرب إلى الأمام"، بتصدير أزمتها إلى الخارج، أو تحميل مسئولية انتكاستها أطرافًا أخرى، كي تنجو بنفسها من شعورها بالوقوع في شرك أعدائها الذين يتبرصون بها، ويتحينون كل فرصة للانقضاض عليها، وجباية أثمان باهظة منها.

تكرر هذا الأمر مجددًا في الساعات الأخيرة حين بدأت ماكنة الدعاية الإسرائيلية، المدفوعة بتوجيهات المؤسسة الأمنية، في التأليب على دول مجاورة بزعم أنها تؤوي قيادات المقاومة الفلسطينية التي تصدر تعليماتها لعناصرها في الأراضي المحتلة بتنفيذ العمليات الفدائية، في محاولة يائسة من الاحتلال لرفع المسئولية عن إخفاق منظومتها الأمنية المنتشرة في كل شارع وزقاق في القدس والضفة الغربية المحتلتين، ومع ذلك نجح الشهيد فادي أبو شخيدم في اقتناص اللحظة المناسبة لتنفيذ هجومه المسلح على الجنود والمستوطنين.

ليست المرة الأولى التي توجه فيها دولة الاحتلال اتهامات لحماس والدول التي تضيفها بالمسئولية عن تنفيذ الهجمات المسلحة في قلب الضفة الغربية والقدس، في تجاهل لا يليق بالظروف الميدانية القائمة في الأراضي الفلسطينية التي تشكل دافعًا وحافزًا لدى كل الفلسطينيين للانتقام من هذا الاحتلال وقطعان مستوطنيه، فهم لا ينتظرون تعليمات عابرة للحدود كي يقوموا بهذه الهجمات، وكأنهم "روبوتات" تتحرك عن بعد، وهم أبدًا ليسوا كذلك.

العالمون ببواطن الأمور في دولة الاحتلال يدركون عدم صدقية هذه الاتهامات التي وجهت لعواصم مجاورة في المنطقة بأنها تؤوي كوادر المقاومة المسئولين عن عملية القدس الأخيرة، لكنهم مع ذلك يغضون طرفهم عن هذه الاتهامات الباطلة والزائفة، ويتساوقون مع ما يأتيهم من تعليمات الرقيب العسكري، ويبدؤون في نسج المزاعم عن دور هذه الدولة أو تلك في التحريض على تنفيذ تلك الهجمات، لأن البديل عن ذلك أن يعلن الأمن الإسرائيلي أنه فشل وأخفق أمام مقاومين فلسطينيين انتفضوا في وجهه، واخترقوا كل إجراءاته، ووجهوا له ضربات في الصميم.

صحيح أن مسئولية المقاومة منوطة بكل الفلسطينيين، أينما كانوا، وهي تشريف لكل من يحمل لواءها، ويدعمها، ويمولها، لكن ذلك كله لا يمنح اتهامات الاحتلال أي مصداقية أو وجاهة، لأن المقاومة أكثر حرصًا من سواها على ألا تتسبب لأي دولة كريمة تضيفها بالإحراج والضغوط الخارجية، وهو ديدن المقاومة منذ أن بدأت تقيم في الخارج لظروف خارجة عن إرادتها، وأوضاع قسرية، وقد بات من الأعراف المتفق عليها بين قياداتها والدول المضيفة.

لن يتوقف الاحتلال في قادم الأيام، وعقب تنفيذ كل عملية فلسطينية ناجحة؛ عن أن يوجه اتهاماته للدول المضيفة للمقاومة، ويصب جام غضبه عليها، دون أن يمتلك دليلًا واحدًا دامغًا يثبت انخراط تلك القيادات المقاومة في التفاصيل الدقيقة لتنفيذ تلك الهجمات، عدا الدعم العام والإسناد الشامل لمشروع المقاوم عمومًا، وهي "تهمة لا ينفونها، وشرف لا يدعونه".

#عملية_القدس