شبكة قدس الإخبارية

"عرش واهن على مملكة مسلوبة"

elsadanakba
الأسير محمد عصيده

بلفور وعد مشؤوم.. منحه مجرم سارق.. لغاصب محتل..

سؤال طفولي برئ يجسد النظرة الحقيقية للشعب الفلسطيني، سؤال من طفل لا يبلغ التاسعة من عمره، عاش أكثر من ثلثي عمره محروما من والده المعتقل في سجون الاحتلال، سؤاله كان عما رآه وتابعه وشاهده عبر وسائل الإعلام أو على صفحات التواصل الاجتماعي التي عجت بصور وفيديوهات عن الهجرة والقتل والاحتلال والأسرى فتوجه ولدي بسؤال أمه فقال لها ما هذا الوعد الذي يحمل في صوره هذا الإجرام وهذه الدماء والــأشلاء والعذابات ولماذا تظهر فيه صور بعض السجون التي كنت أزور والدي بها، وما هذا الارتباط؟ 

فقالت أمي بحرقة وألم يا بني هذا وعد مشؤوم مجرم منحه مجرم سارق لغاصب محتل، أسس كيانه على مجازر  وأشلاء ودماء وهجرة وقتل واعتقال، ويعد هذا الوعد الوثيقة الوحيدة التي شرعنت وأعطت الحق لليهود باحتلال أرضنا فلسطين، وأخذت أمي تحدثنا عن جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني إلى أن سمعنا جرس الهاتف يقرع فكان المتصل هو والدي الذي يعد ضحية من ضحايا هذا الوعد المشؤوم بسبب الاعتقالات المتكررة  له من قبل هذا المحتل فقمت باستثمار هذا الاتصال فسألت والدي عن هذا الوعد الإجرامي فقال والدي يا بني:

"إن أصل الحكاية تعود  إلى ما قبل 104 من السنين وبالتحديد في الثاني من تشرين الثاني من عام   1917(٢/١١/١٩١٧) عندما قام المجرم البريطاني آرثر جيمس بلفور بمنح وتوقيع هذا المرسوم الذي يعطي بموجبه وطنا قوميا لليهود بأرض فلسطين، ولم يقف دعمه عند هذا الحد بل تواصل بالدعم العسكري واللوجستي والأمني  والمالي حتى تمكنوا من السيطرة واحتلال أرضنا فلسطين، وأقاموا كيانهم المجرم المرتكز على الجرائم في دير ياسين وقانا وقبيه ومئات المجازر، واعتمدوا على تهجير السكان وإبعادهم عن قراهم ومدنهم واعتقال الآلاف ومن يومنا هذا ونحن نعيش حلقات مسلسل الإجرام الصهيوني من تشريد وقتل واعتقال ومصادرة للأراضي واحتلال للأرض والإنسان...

تمر علينا هذه الذكرى يا ولدي ونحن في سجون الاحتلال تحت حكم إداري ظالم لا نعي فيه تهمنا أو مدة اعتقالنا وهناك الآلاف من الأسرى الذين هم نتاج هذا الوعد المشؤوم الذي جلب الخراب والدماء إلى أرضنا.

فهذه الذكرى هي ذكرى مرسوم يعلن الموت لشعب أعزل ذكرى وعد يعلن الأمر بتأكيد ذكرى خضبت بدماء الشهداء من الرضع والشيوخ والنساء وذكرى مليون حالة اعتقال.

إنها ذكرى وعد بلفور المشؤوم الذي يعد جريمة بحق الإنسانية ومجزرة تاريخية لشعبنا المناضل...

وفي هذه الذكرى يا ولدي أريد أن أوكد على عدة قضايا وأريد منك أن تعيها في عقلك وقلبك ووجدان وأرسلها إلى العالم أجمع:

أولا: أننا نحمل مسؤولية هذا الوعد المشؤوم إلى بريطانيا وما نتج عنه إلى هذا اليوم.

ثانيا: نؤكد أن فلسطين هي أرض وقف إسلامية عربية فلسطينية ولا يحق لأحد أن يتنازل عن ذرة تراب منها.

ثالثا: نؤكد بأن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وأطيافه أثبت بطلان مقولة المجرم المغتصب بن غوريون الذي قال "الكبار يموتون والصغار ينسون" وحوار ولدي أكبر دليل بأن الكبار زرعوا حب الوطن في نفوس وقلوب صغارنا بل هي النظرة الفلسطينية في حب الأرض.

رابعا: نؤكد بأن وحدتنا هي مصدر قوتنا في مواجهة هذا المحتل.

خامسا: ندعو العالم بكل منظوماته وأدواته إلى الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني وعلى رأسهم بريطانيا.

سادسا: نؤكد أن حق العودة ثابت وأصيل من ثوابت هذا الشعب.

سابعا: نؤكد أن المقاومة هي الحصن المنيع والتي أثبتت نجاعتها في إذاقة المحتل صنوف العذاب.

وختاما:

ولدي نمر هذه الذكرى ١٠٤ سنوات ونحن أقوى عزيمة وإصرارا على نيل حريتنا وتحرير أرضنا ومقدساتنا وعودة اللاجئين وعلى المحافظة على ثوابت قضيتنا العادلة ...

 

بقلم الأسير  محمد عصيده -أبو النمر-

سجن النقب 

٢/١١/٢٠٢١