شبكة قدس الإخبارية

بعد رفض "التسوية": ما هي الخطوات المتوقعة من الاحتلال في معركة الشيخ جراح؟

Zdp0p

القدس المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: بعد إعلانهم رفض مقترح التسوية الذي تقدمت به محكمة الاحتلال العليا، وتمسكهم بالحق الشرعي والوطني في منازلهم وأراضيهم، تعود قضية أهالي حي الشيخ جراح إلى واجهة الأحداث فلسطينياً، على المستويات السياسية والإعلامية والميدانية، وسط تساؤلات عن السيناريوهات المتوقعة، في المرحلة المقبلة، من جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي في سياق مخططها لاقتلاع الحي وفتح المجال أمام تمددها الاستيطاني في مدينة القدس المحتلة.

وقال الباحث في شؤون القدس المحتلة والناشط، فخري أبو ذياب، إن التسوية التي حاولت محكمة الاحتلال على أهالي الشيخ جراح، كان الهدف منها "الالتفاف" على صمود أهالي الحي وتحقيق بالقانون ما عجزت عنه القوة العسكرية، وأكد أن أحد أهداف فكرة التسوية هو "تخفيف الضغط الدولي الذي تعرضت له دولة الاحتلال لمنعها من تهجير أهالي الحي".

وتابع: "بعد رفض الأهالي لمقترح التسوية، سيقوم الاحتلال بالضغط عليهم بعدة وسائل، لكسر شوكتهم وصمودهم"، وتوقع أبو ذياب أن محكمة الاحتلال التي وصفها بأنها "واجهة للمستوطنين"، أن تصدر ربما قراراً بإخلاء السكان، وعندها تبدأ شرطة الاحتلال بالتضييق على الأهالي من خلال إغلاق الحي وطرد المتضامنين الذين يحضروه إليه.

وأشار أبو ذياب في حديث مع "شبكة قدس"، إلى أن أحد وسائل الضغط على الفلسطينيين في حي الشيخ جراح، هي مصادرة قطعة أرض قريبة منه تبلغ مساحتها أكثر من 4000 متر، قبل أيام، وتوزيع أوامر إخلاء في "كبانية أم هارون" في المنطقة الغربية من الحي.

وقال: "الاحتلال سيعمل على إيصال رسالة للأهالي أن المستقبل قاتم، إذا لم يعودوا للقبول بمقترح التسوية، وأهالي القدس والشيخ جراح يعلمون ضريبة الصمود على أرضهم، وقد تصدر المحكمة قراراً يعتبر أن ملكية المنازل في الحي تعود للمستوطنين، والمحكمة موافقة على الأمر لكنها أرادت تخفيف الضغط من الشارع والمجتمع الدولي، وجر الناس نحو مداولات قانونية بدلاً من أن يكون صراعاً سياسياً".

وأكد أن ما سيخفف عن أهالي الشيخ جراح هو "هبة الشارع الفلسطيني"، كما جرى في شهر أيار الماضي، وقال: "تعزيز صمود أهالي الشيخ جراح سيفشل كل محاولات الاحتلال لتهجير أهالي الحي، وربما يعمد الاحتلال لإخراج عائلة ما لإيصال رسالة أن إسرائيل مصممة على طرد الفلسطينيين من الشيخ جراح".

وفي سياق المطلوب لدعم أهالي الحي، شدد على أن "محاولات تهويد الأحياء المقدسية أوقفتها الحركة الجماهيرية الفلسطينية"، ويعتقد أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية "تتخوف من حراك الشارع المقدسي والفلسطيني بشكل عام، وقد لا تجرأ على تنفيذ أي خطوة كما فعلت في سلوان وباقي أحياء القدس، إذا شعرت أن الثمن سيكون باهظاً عليها".

وقال: "يجب التواجد بشكل دائم في حي الشيخ جراح، ومساندة الأهالي والوقوف معهم، وتوصيل رسالة للاحتلال أن المنازل لن تكون لقمة سائغة له، إذا تحرك الشارع يجبر الاحتلال على تأجيل تنفيذ مخطط الطرد، لكن إذا ترك أهالي الشيخ جراح لوحدهم فالاحتلال سينقض عليهم، خاصة أن حكومة بينيت تريد إثبات أنها تقدم إنجازات للمستوطنين، لذلك نحتاج لإسناد حقيقي بعيداً عن الشعارات".

واعتبر أن "الاحتلال دائماً يحاول تشتيت العمل الجماهيري الموحد"، وأكد أن ما ينقص القدس حالياً هو "مرجعية دينية وسياسية ووطنية ويكون أهالي القدس خلفها، كما حدث في هبة باب الأسباط، كي لا ينفرد الاحتلال بأحياء ومناطق معينة في المدينة، الاحتلال يحاول الاستفراد بكل مجموعة من خلال وسائل معينة، بينها منح إغراءات في موقع ما مثل موافقة على مخططات لثني الناس عن الوقوف مع بعضها، لكن الاحتلال يستهدف كل القدس، لذلك على الجميع الوقوف صفاً واحداً لأننا لن نتمكن من مواجهة الاحتلال سوى بالوحدة وبناء برنامج صمود حقيقي وليس فقط عبر ردات الفعل".

من جانبه قال الباحث مازن الجعبري، إن التوجه إلى محكمة الاحتلال العليا جاء بعد قرار المحكمة المركزية في القدس بإخلاء العائلات الأربع من الحي، وأوضح: "بسبب الضغوط الدولية وهبة رمضان، اضطرت المحكمة العليا للسماع من الطرف الفلسطيني والمستوطنين، وطلبت مجموعة من الوثائق من أهالي الحي والمستوطنين، وهو ما دفعها لطرح فكرة تسوية بين الطرفين".

وأضاف في لقاء مع "شبكة قدس": "المستوى الشعبي والرسمي الفلسطيني والقوى الوطنية في القدس، أعلنت رفضها لفكرة التسوية، بالإضافة لموقف الأهالي الذي أعلنوا عنه في المؤتمر الصحفي"، وكشف أن المستوطنين ردوا بالموافقة على مقترح التسوية مع إضافة بعض "التحفظات من جانبهم.

ويتوقع الجعبري عدة سيناريوهات قد تقدم عليها محكمة الاحتلال في التعاطي مع القضية، أولها أن تعتبر "المحكمة أن المستوطنين يريدون حل المشكلة بينما يرفض الفلسطينيون ذلك، وقد تقدم على رفض الاستئناف الذي تقدم به الأهالي ضد قرار الإخلاء".

وأردف قائلاً: "وقد تقرر المحكمة أن تفرض على الأهالي مقترح التسوية، الذي قدمته للطرفين"، وأحد السيناريوهات المتوقعة، وفقاً للجعبري، أن "تؤجل إصدار القرار نظراً للظروف الدولية التي ترفض إخلاء الحي".

وعلى المستوى الميداني في الحي، قال: "قضية الشيخ جراح ستعود إلى الواجهة، يوم أمس رأينا أن الشبان توجهوا إلى هناك، أهالي الحي بحاجة للدعم الشعبي معهم، ويجب أن تفهم المحكمة أن القضية سياسية وقانونية، والقضاة يعرفون هذا الاعتبار جيداً، لذلك طلبوا المشورة من المستشار القضائي لحكومة الاحتلال والذي رفض الطلب".

واعتبر أن الأوضاع تتجه نحو "عودة المواجهة في الحي"، وقال: "أهالي الحي بحاجة للوقفة المستمرة، وأن لا نتركهم لوحدهم في المواجهة، وأعتقد أن الاحتلال قد يعود لإغلاق الحي، وبعد صدور القرار المحكمة قد يندلع تصعيد في المنطقة، لدعم ثبات الفلسطينيين في الحي".

وأشار إلى أن المطلوب في المرحلة الحالية لدعم الحي، هو "استمرار الوجود الجماهيري فيه، وأن تبقى قضية الشيخ جراح حاضرة دولياً، لأنها ترمز لقضية اللاجئين والتهجير".

وأكد أن المطلوب من المستوى السياسي الفلسطيني، هو "الدعم والمساندة" بالإضافة لنقل القضية إلى المستوى الدولي من خلال السفارات والنشاطات المختلفة، واعتبر أن قضية الشيخ جراح يجب أن تصبح مثل قضية "الخان الأحمر" حيث أن الاحتلال لم يقدم على إخلاء الفلسطينيين من المنطقة، خوفاً من الضغط السياسي والشعبي.

وفي سياق متصل، قال الكاتب راسم عبيدات إن القرار الذي أعلنه أهالي حي الشيخ جراح "ينسجم مع الموقف الوطني الفلسطيني"، وقال إنه في ظل موافقة الجمعية الاستيطانية على مقترح التسوية بشرط اعتبار أن عائلة "اسكافي"، غير محمية في القرار، لذلك قد تصدر محكمة الاحتلال قراراً يدعم المستوطنين.

واستدرك قائلاً: "لكن رغم ذلك قد تكون قضية الشيخ جراح مثل الخان الأحمر، لن تقدم دولة الاحتلال على الإخلاء الفوري، نظراً للظروف السياسية السائدة".

وقال: "المحكمة سياسية بامتياز ولا تتعلق بقضية إثبات ملكية، لأن المستوطنين لا يملكون أوراقاً ثبوتية، وقرار المحكمة سيزعم أن أهالي الشيخ جراح ليسوا مالكين للأرض وأن الجمعية الاستيطانية صاحبة الحق فيها، وربما نعود لما هو مطروح سابقاً مع تعديلات، لكن هذا لا يشكل ضمانات لأهالي الشيخ جراح، وإذا توفرت الظروف المناسبة للاحتلال للإخلاء فلن يتأخر عن ذلك، واليوم سلم أهالي كبانية أم هارون قرارات إخلاء، رغم أنهم محميين بقرار التأجير".

وأضاف: "المشروع الاستيطاني قائم على التهويد وسرقة الأرض، وما يهمهم هو إثبات ملكية الأرض للزعم أنهم لهم حقوق في القدس"، ويتوقع في حديث مع "شبكة قدس" أن "يؤجل الاحتلال قرار الإخلاء مع عدم الإقرار بحقهم فيها وعند توفر ظروف تسمح بتهجيرهم سيقدم الاحتلال على ذلك، خاصة أن هذه المنطقة حساسة ويريد السيطرة عليها".

ويتفق عبيدات أنه يجب "عودة الفعاليات الجماهيرية لدعم الاحتلال وتعزيز الدعم الرسمي والشعبي للأهالي وبقية عائلات القدس المهددين بالتهجير"، وقال: "ما كان عليه الموقف الرسمي قبل التعديل، بأنه يقبل ما يقبل به أهالي الشيخ جراح، فهذا هروب من المسؤوليات، الأمور واضحة ولا تحتاج للمماطلة، إما أن يقفوا إلى جانب أهالي القدس في المواجهة أو الاستمرار في المراوغة والمماطلة التي كانت مصدر قلق لعائلات الشيخ جراح".

وحول دور المقاومة في ردع الاحتلال عن تهجير الأهالي، أوضح: "أحد الاعتبارات لدى دولة الاحتلال في التعامل مع القضية، أنه إذا أقدم على تهجير الاحتلال، فإن التصعيد قد يمتد إلى خارج القدس، وقد تندلع انتفاضة شعبية على طول فلسطين المحتلة ومعركة كبيرة، كما حدث في شهر أيار الماضي".

 

#القدس #الشيخ جراح