شبكة قدس الإخبارية

الاحتلال يرفع الضريبة على عدة منتجات... ما أسباب القرار وانعكاسته على السوق الفلسطيني؟

15b21e32-d934-4f31-aa76-cd5627c8b850

فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: أعلنت حكومة الاحتلال عن رفع ضريبة الشراء على عدد من المنتجات، بينها الأدوات البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة، والزيوت المعدنية وغيرها، الأمر الذي أثار مخاوف في المجتمع الفلسطيني من انعكاس هذا القرار، على أسعار السلع في الأسواق الفلسطينية، في ظل موجة الغلاء التي زادت من التدهور الاقتصادي، خاصة بعد جائحة "كورونا".

برنامج "حكي الناس"، الذي يقدمه الزميل محمد الأطرش عبر "شبكة قدس" وإذاعة علم، فتح ملف قرار الاحتلال رفع ضريبة الشراء وانعكاسها على واقع السوق الفلسطيني، مع عدد من المحللين الاقتصاديين والمسؤولين.

وقال مازن أبو شمسية، مخلص جمركي وخبير في التجارة الدولية، إن وزير المالية في دولة الاحتلال الإسرائيلي قرر فرض ضريبة شراء بقيمة 11 شاقل على كل كيلو من المواد البلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة، ابتداء من بداية الشهر الحالي، وأشار إلى أن حكومة الاحتلال أجبرت التجار على إحصاء ما لديهم من مخزون من هذه المواد، وفرضت عليها الضريبة على إثر رجعي.

وأضاف أن هذا القرار سيدخل ما مجموعة 800 مليون شاقل، إلى الخزينة الإسرائيلية، وأوضح أن القرار مرتبط"بالحفاظ على البيئة نتيجة أن هذه تسبب تلوثاً بالتربة".

وتابع أن 7 شركات إسرائيلية كبرى توجهت إلى المحكمة العليا، للاعتراض على القرار، وردت المحكمة "الأمر الاحترازي" الذي أصدرته الحكومة، وأمهلت المالية حتى 14 من الشهر الحالي، لتقديم بياناتها.

وكشف أن الاحتلال سيرفع الضريبة على الزيوت المعدنية "الخاصة بالمركبات"، ابتداء من الشهر المقبل، بقيمة 3,97 على كل كيلو، وأوضح أن دوافع القرار تأتي للحد من "ظاهرة خلط الزيوت وإنتاج سولار للمركبات بطرق غير قانونية".

وأضاف أن الاحتلال قرر أيضاً رفع قيمة الضريبة، على المواد السكرية مثل العصائر وغيرها، لأهداف تتعلق "بالصحة العامة"، كما تقول الحكومة الإسرائيلية.

وعن طبيعة التدخلات المطلوبة من الحكومة الفلسطينية للحد من تأثيرات الظروف الحالية على المستهلك الفلسطيني، قال أبو شمسية: "قرار إسرائيل رفع ضريبة على المخزونات الموجودة من المواد البلاستيكية، ينطبق على التجار الإسرائيليين فقط، لكن بعض التجار الفلسطينيين رفعوا الأسعار مباشرة"، واعتبر أن "القضية لها علاقة بالأخلاقيات، المستهلك لا يعلم من أين يجلد، من رفع الأسعار أو الضرائب".

وأكد على أن السلطة "يجب أن تتعامل بحزم وتراقب الأسواق بدقة لأن المستهلك يعاني من ظروف اقتصادية صعبة".

في سياق متصل، اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة الخليل طلعت أبو رجب أن رفع الأسعار يؤثر بشكل أكبر على المستهلك الفلسطيني، وأوضح أن "رفع الأسعار في دولة الاحتلال يرافقه رفع الدخل لدى الإسرائيليين".

وتابع: "لكن في المجتمع الفلسطيني لا يجد المستهلك ما يعوضه، عن ارتفاع الأسعار"، وأشار أبو رجب إلى أن تداعيات جائحة "كورونا" ما زالت تؤثر على الوضع الاقتصادي في العالم، بالإضافة لعوامل أخرى بينها زراعة عدد من الدول لمحاصيل تستخدم في انتاج الوقود الحيوي، وهو ما ترك آثاراً سلبية على الأمن الغذائي في العالم.

وحول رفع الضريبة على المواد البلاستيكية، قال أبو رجب إن "أوروبا تفرض ضرائب على المواد البلاستيكية بهدف المحافظة على البيئة، لأن الدول تتخلص من هذه المواد بطرق مدفوعة، لذلك إذا ارتفعت أسعار المواد البلاستيكية عندنا فيجب على الحكومة القيام بدورها بتنظيف البلد من هذه المواد".

وأشار إلى خطوات يجب أن يتخذها أصحاب القرار في المجتمع الفلسطيني، للتقليل من آثار هذه القرارات على الوضع الاقتصادي، وقال: "ليس واجباً علينا أن نتبع نفس الإجراءات التي تقرها إسرائيل، من بين الخطوات التي يجب أن نقوم بها، يوجد لدينا مثلاً مكتب لمنظمة الزراعة والأغذية الدولية في رام الله، لماذا لا يتم مراجعته للتحقق من الأسعار العالمية".

واعتبر أن على جمعيات حماية المستهلك "واجب ترشيد الناس نحو الحاجات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها وتلك التي يجب أن يقلل المستهلك منها".

وتوقع أبو رجب أن ارتفاع الأسعار سيكون لها ارتدادات على الواقع الاجتماعي الفلسطيني، وقال: "في الفترة الماضية شهدنا حوادث إطلاق نار ومشاكل اجتماعية، أتوقع أن تزداد هذه الحالات في حال استمر الواقع الاقتصادي الصعب، عندما لا يجد الإنسان قوت يومه، خاصة أن نسبة كبيرة من مجتمعنا تحت خط الفقر".

وأشار إلى أن مؤشر غلاء المعيشة عند قدوم السلطة كان 100%، بينما وصل الآن إلى نسبة 200%، وأوضح: "في السابق كان مبلغ 1000 شاقل يكفي العائلة لسد احتياجاتها، بينما الآن أصبح الحد الأدنى هو 2300 شاقل، ومع الارتفاع الحاصل على الأسعار أصبح المبلغ المطلوب بالحد الأدنى هو 300 شاقل".

ومن زاوية أخرى، قال الباحث الاقتصادي رمزي حلبي إن "حكومة الاحتلال رفعت ضريبة الشراء على المنتوجات البلاستيكية وغيرها، بحجة المحافظة على البيئة، وسيستخدم نفتالي بينيت هذه القرارات خلال مشاركته في مؤتمر المناخ العالمي الذي سيعقد في غلاسكو اليوم"، واستدرك قائلاً: "لكن الحقيقة أن إسرائيل تعاني عجزاً في الميزانية، بعد جائحة كورونا، بلغ 12% أي أكثر من 60 مليار شاقل، لذلك توجد حاجة لديها لسد العجز".

وتابع: "الميزانية التي تحضر حالياً في الكنيست، لعامي 2021 و2022 تكشف عن استمرار العجز، لذلك فرضت إسرائيل الضرائب الجديدة لرفع مدخولات الخزينة العامة".

وأكد حلبي على انعكاس هذه الضرائب على واقع المجتمع الفلسطيني في الداخل والضفة وغزة، وأشار إلى أن المجتمع الفلسطيني هو "الأكثر استهلاكاً" للمواد التي فرضت عليها الضرائب.

وأضاف: "إذا أخذنا الأمر في السياق العام نجد ارتفاع أسعار على كل المستويات، وهذا يؤثر على العائلات الفقيرة، والمجتمع الفلسطيني نسبة العائلات تحت خط الفقر فيه، تتخطى 50%"، وكشف أن زيادة المصاريف على كل عائلة في الداخل، سنوياً، بلغت مبلغ 5000 شاقل.

وأردف قائلاً: "الاقتصاد الفلسطيني مرتبط بإسرائيل، سواء من خلال الصادرات أو الواردات أو التعامل مع الشركات الإسرائيلية، لذلك سيكون لهذه الظروف انعكاس سلبي على المجتمع الفلسطيني، خاصة أن الحد الأدنى للأجور في الضفة وغزة، لا يتجاوز 1500 شاقل".

وفي سياق آخر، قال رئيس جمعية الشحن الفلسطينية محمد خضر إن "التجار يعملون لإيجاد طرق بديلة لشحن بضائع، للتخفيف من ارتفاع أسعار الشحن العالمية"، وأوضح: "ميناء حيفا وأسدود مهمين جداً لنا كتجار، خاصة في الاستيراد من الدول الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، حالياً يلجأ عدد من التجار لاستيراد الحاويات من شنغهاي إلى ميناء العقبة ثم إلى جسر الملك حسين، وهذا يوفر مبلغ 6 آلاف دولار على التجار".

وأردف قائلاً: "لكن الطاقة الاستيعابية لجسر الملك حسين، محدودة، حيث يستقبل من 200 إلى 250 سيارة في اليوم، و30% منها تعود في نفس اليوم لأنها تكون لم تنه إجراءات التخليص الجمركي"، وكشف أن الجمعية تجري خطوات مع الجهات المختصة لزيادة الطاقة الاستيعابية للجسر.

وأكد أن "ارتفاع أجور الشحن البحري يؤثر على أسعار البضائع، لأن الرسوم الجمركية وضريبة الشحن والقيمة المضافة والشحن تضاف على سعر البضائع".

وحول موقف وزارة الاقتصاد، قالت وكيلة الوزارة منال فرحان، في مداخلة عبر البرنامج، إن "الوزارة لم تتخذ إجراءات رفع أو زيادة ضريبة، بالتالي ما يحدث داخل إسرائيل لن يتأثر به المستورد الفلسطيني المباشر".

وأضافت: "من ضمن سياستنا تشجيع الاستيراد المباشر/ للتأكيد على الاستقلال الاقتصادي والانفكاك عن إسرائيل، نشجع مستوردينا وتجارنا على الاستيراد المباشر".

وتابعت: "التأثر سيكون في حال تم شراء مواد الخامة من إسرائيل، القضية لا تتعلق بالجمارك بل بضريبة شراء خاصة بالإسرائيليين".

واعتبرت فرحان أن المصنع الفلسطيني يمكن له "استغلال رفع الضريبة على السكريات، في إسرائيل، والمنافسة في السوق الفلسطيني".

وتعليقاً على المخاوف في المجتمع الفلسطيني من ارتفاع الأسعار، قالت: "وضعنا آليات لضبط السوق بينها تحديد الأسعار الأساسية، وإذا واجه أحد المستهلكين رفعاً للأسعار من قبل التجار، فوق الحد المسموح، يجب عليه الاتصال بوحدة الشكاوي والإخبار عن ذلك".

وتطرقت إلى أسعار الدجاج، وقالت إن إن الوزارة حددت السقف الأعلى لأسعار الدواجن ب15 شاقل، وأضافت أن "هذا السعر مناسب للمزارع والمستهلك"، حسب وصفها.

وأشارت إلى أن وزير الاقتصاد سيعقد اجتماعاً، اليوم، مع كل التجار الكبار وموزعي الجملة للتأكيد على "أسعار السلع الأساسية مثل السكر والطحين والخبز، وسيتم الاتفاق عليها، وستكون الأسعار منصفة للطرفين".

 

#فلسطين #إسرائيل #غلاء المعيشة