شبكة قدس الإخبارية

تقريرلماذا ارتفعت الأسعار في السوق الفلسطينية؟ 

163525909069371
نداء بسومي

فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: ارتفعت أسعار بعض السلع الأساسية في فلسطين على نحو غير مسبوق وبشكل متتالٍ خلال الأسابيع الأخيرة، وسط خشية لدى المستهلكين من تواصل الارتفاع في ضوء تراجع الأوضاع الاقتصادية وتأثيرات جائحة كورونا على الاقتصاد الفلسطيني.

وسجلت أسعار بعض السلع مثل الدقيق والعدس والزيوت وبعض المواد الغذائية الأخرى ارتفاعًا طفيفًا خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل توقعات بقفزات أخرى خلال الفترة المقبلة، تزامنًا مع تحذيرات أطلقها التجار وموردي هذه السلع إلى المدن الفلسطينية خلال الأيام الأخيرة.

ويرجع بعض الموردين هذه الأسباب إلى ارتفاع تكلفة النقل العالمية، وما أحدثته تداعيات جائحة كورونا من زيادة كبيرة في تكلفة التوريد عبر الموانئ والمطارات والنقل بأشكاله كافة، فيما هناك خشية من أن يسبب ذلك تأثيرًا على الأمن الغذائي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس المحتلة.

في السياق، قال مدير دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني إبراهيم القاضي، إن السبب الرئيسي وراء ارتفاع الأسعار هو جائحة كورونا، التي أدت إلى نقص إنتاج السلع عالميًا، عدا عن ازدياد الضغط على الموانئ وهو ما ساهم في زيادة تكاليف النقل.

وأضاف القاضي لـ "شبكة قدس": "نقص الإنتاج وارتفاع تكاليف النقل أدى إلى ارتفاع الأسعار عالميًا، ونحن جزء لا يتجزأ من السوق العالمي، بالنسبة لنا المهم هو استمرار تدفق السلع في السوق الفلسطيني، من أجل الحفاظ على الأمن الغذائي وأن يكون لدينا مخزون استراتيجي، وندرس حاليًا موضوع الأسعار لوضع قائمة أسعار معلنة لدى الجمهور، للسلع الأساسية، لكي لا تكون هناك مبالغة في رفع أسعار السلع في السوق".

واستكمل قائلاً: "نحن كوزارة اقتصاد مسؤولون عن حماية التاجر والمستهلك في آن واحد، لأنهم عناصر الاقتصاد المتكاملة، لا نستطيع الحديث عن حماية مستهلك بدون توفير البيئة المناسبة للقطاع الخاص، وبالتأكيد نراعي الوضع الاقتصادي ووضع التجار بحيث لا يلحق بهم أي خسارة".

من جانبه، قال المحلل الاقتصادي جعفر صدقة إن التضخم لدى الفلسطينيين هو تضخم مستورد غير ناتج عن العوامل المحلية، مشيرًا إلى أن التضخم وارتفاع الأسعار هو انعكاس لارتفاع كبير في التضخم العالمي، وإن كل اقتصاديات العالم تقريبًا تشهد مستويات كبيرة - لم تشهدها منذ سنوات- في ارتفاع التضخم.

وأضاف صدقة لـ "شبكة قدس": "السبب أولاً ارتفاع الطاقة بكل أنواعها بما يشمل الغاز والفحم والبترول، وشح الإنتاج في هذا الجانب، وأيضًا هناك مشكلة في سلاسل التوريد، حيث توجد إرباكات في انتقال المواد الأولية من مكان إلى آخر، على سبيل المثال قطاع السيارات يواجه أزمة حقيقية بسبب نقص الرقائق، وهناك تغير مناخي أدى إلى مشكلة في قطاع الزراعة وبالتالي إنتاج الحبوب والمواد الغذائية والإنتاج الزراعي في كندا وشرق آسيا وأستراليا". 

 وبحسب صدقة، فإن حزم التحفيز المالي التي ضختها الدول والحكومات والبنوك المركزية والتي تتجاوز 16 تريليون دولار منذ بداية عام 2020، مع تخفيف قيود كورونا في الفترة الأخيرة، ساهمت أيضًا في ارتفاع الطلب بشكل جنوني".

ونوّه المختص في الشأن الاقتصادي إلى أن هناك خشية من انفلات التضخم على مستوى العالم، ما لم تتراجع البنوك عن سياسة التيسير النقدي التي تتبعها منذ عام 2020، مشيرًا إلى أن هناك بعض البنوك التي بدأت بالفعل برفع أسعار الفائدة. 

واستدرك صدقة، أنه "وبالرغم من ذلك فإن البنوك الرئيسة في العالم كالاتحاد الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا والبنك الشعبي الصيني ما زالت تتحفظ على رفع أسعار الفائدة، مدعيةً أن تحديات كورونا ما زالت موجودة، وما زالت تلقي بظلالها على الاقتصادات العالمية، إلا أن ما يمنع هذه البنوك من رفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم، هو المخاوف على المدينين لأن حجم الديون منذ بداية 2020 حتى الآن ارتفع بشكل كبير جدًا".

وبين صدقة أن الفلسطينيين يستوردون أكثر من 65% من احتياجاتهم من الخارج، بالإضافة إلى الطاقة التي يتم استيرادها بشكل كامل إلى جانب السلع الغذائية والقمح والأرز والسكر، وبالتالي أخذت أسعار التضخم بالوصول إلى حدها الأقصى، وهذا ينعكس على الأسعار لدينا في السوق المحلي.

من جانبه، أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح نائل موسى، أن ارتفاع الأسعار مرده أن الفلسطينيين هم متلقون للسعر وليسوا خالقين له في ظل أن قيمة الاستيراد تعادل تقريباً 67% من قيمة الناتج المحلي، وبالتالي هناك حجم استهلاك كبير من الاستيراد من الخارج.

وأشار موسى لـ "شبكة قدس"، أن السلطة منذ مجيئها منحت القطاع الخاص قيادة عملية التنمية الاقتصادية والأسواق، وبالتالي تركتها للعرض والطلب، إلا أن العرض والطلب، بحسب موسى، لا يمكن أن يوصلك دائمًا للسعر العادل، في ظل وجود محتكرين قطاعات وتلاعب تجار وموردين في السوق الفلسطيني، و"هذا الكلام لا يعفي السلطة من أن تمارس دورها في حماية المصلحة العامة"، وفق قوله. 

وشدد الأكاديمي موسى على أن ارتفاع الأسعار في فلسطين ليس انعكاسًا متساويًا لارتفاع الأسعار في العالم، مستكملاً: "الزيادة الإضافية جاءت من مراكز قوى في المنطقة تريد أن تحقق الأرباح، بالإضافة إلى تلاعب التجار برفع السعر بشكل غير مبرر، ويعني ذلك عمليًا أنه إذا ارتفعت تكاليف النقل بمقدار 2 دولار ليس شرطاً أن تؤدي لزيادة السعر بنحو 5 إلى 6 دولارات".

واستكمل قائلاً: "الارتفاع بمقدار دولارين يجب أن يرفع السعر دولارين، لكن الزيادة الحالية توحي بأن سببها الرغبة في تعويض خسارة سابقة أو تجارة تعطلت ومطلوب من السلطة أن تمارس دورها في حماية المصلحة العامة". 

#اقتصاد #أسعار