شبكة قدس الإخبارية

أسير محرر يروي لـ"قدس" تجربة التغذية القسرية: "توقف قلبي 4 مرات"

15134781_10210012289720419_6276597795458197292_n

فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: في خطوة خطيرة، أقدم أطباء الاحتلال على علاج الأسير المضرب عن الطعام، مقداد القواسمي، الليلة الماضية، قسراً وبالقوة بعد تكبيل قدميه.

وقالت والدته، إن أطباء الاحتلال قيدوا يدي مقداد وقدميه في السرير ومزقوا ملابسه عنوةً، وأعطوه المحلول في الوريد، قسرًا، بدعوى أن وضعه لا يحتمل وقد يفقد حياته في أية لحظة.

"شبكة قدس" حاورت الأسير المحرر مالك القاضي، الذي تعرض لتجربة "التغذية القسرية"، خلال إضرابه عن الطعام، الذي خاضه في عام 2016، واستمر لمدة 74 يوماً.

بدأت خطوات التغذية القسرية لمالك، كما يقول، في اليوم 54 من إضرابه عن الطعام، حيث حضر فريق من مخابرات الاحتلال "الشاباك"، وحاولوا الالتفاف عليه (قانونياً)، من خلال الطلب منه التوقيع على ورقة تسمح للأطباء (بإنعاشه)، في حال توقف قلبه.

وأضاف: "في السجن أخبرنا الأسرى، أن هذه حجة تستخدمها المخابرات لتغذيتنا قسراً، لذلك قلت لهم في حال توقف قلبي أرفض تغذيتي قسراً".

في اليوم 59 من الإضراب، يروي مالك، أنه أنهى قراءة سورة (ياسين)، عند الساعة الثانية ونصف ظهراً، حينها دخل في غيبوبة، ويضيف: "الإسرائيليين أجروا لي عملية إنعاش على الأرض، بالصدفة كان المحامي طارق برغوث، يتواجد في المستشفى، والتقط لي صورة والأطباء وهم يضعون الأنابيب الطبية على رأسي وفي بطني، وكانت هذه أول صورة تخرج لي على الإعلام، كونهم حاولوا إخفائي قسراً ومنعي الالتقاء بالمحامين".

وتابع: "وضعوا الأنابيب في أنفي، ثم في الفم، وكله موثق في الفيديوهات، ثم في منطقة أسفل البطن من الجهة اليمنى إلى اليسرى"، وأشار مالك إلى أن من يجري عملية التغذية القسرية، هم ضباط من "الشاباك"، لأن الصحة الإسرائيلية ترفض ذلك.

يروي مالك أن ضباط مخابرات الاحتلال، اتصلوا بوالدته، خلال عملية تغذيته القسرية، وطلبوا منها الحضور إلى معسكر "غوش عتصيون"، لنقلها إلى مستشفى "بيلنسون" حيث كان يحتجز مالك، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه.

وأضاف: "والدتي حينها أصابها انهيار عصبي، وعند وصولها إلى غرفتي في المستشفى، تمكنت من التقاط صور وفيديوهات، لعملية التغذية القسرية، التي تعرضت لها، من قبل المخابرات".

وكشف أن مخابرات الاحتلال اختلقت ذريعة قانونية، للسماح بتغذيته قسرياً، من خلال "تجميد قرار الاعتقال الإداري" الصادر بحقه، لأنه يمنع عليهم إجراء التغذية القسرية، وهو على ذمة الاعتقال.

خلال عملية التغذية القسرية، توقف قلب مالك أربع مرات، كما يقول، وأكد أن عملية توقف القلب كان له تبعات على وضعه الصحي، استمر حتى اليوم.

ويضيف: "الأطباء قالوا لي بعد 10 أيام، من التغذية القسرية، إنه في حال توقف قلبي للمرة الخامسة، فستكون الأخيرة، لأن عضلة القلب أصابها ضعف كبير".

وحول خطورة التغذية القسرية، أوضح: إدخال الأنابيب من الأنف، تسبب جروحاً خطيرة جداً، كما أن إدخال الأنابيب من منطقة الرقبة، ترك أثاراً سيئة على وضعي الصحي، حتى اليوم، أصبحت لا أتمكن من المشي لأمتار دون أن أتعب، أو أن أرفع أغراضاً ذات وزن ثقيل، وذاكرتي أصبحت هشة، ونبضات قلبي ترتفع فجأة ثم تنخفض، نتيجة الالتواءات التي تسببت بها الأنابيب على الأوردة.

وأكد أنه يعاني من مشاكل في القلب، نتيجة التغذية القسرية، وقال إن الاحتلال يتعمد إجراء التغذية القسرية من أماكن حساسة مثل الرقبة وأسفل البطن، ولاحقاً تحتاج إلى عملية معقدة لإجراء علاج على الأماكن التي تعرضت للتلف، نتيجة إدخال الأنابيب.

وتابع: "توجهت إلى معظم أطباء القلب والمراكز الطبية، لكن للأسف لم أجد أي حل لمشاكلي الصحية"، وأشار إلى أنه حصل على كتاب من الرئيس محمود عباس لتسهيل سفره إلى خارج فلسطين المحتلة، من أجل العلاج، لكن لم يتم تنفيذه حتى اللحظة.

وأضاف: "ناصر أبو بكر تواصل مع وزير الصحة حينها، جواد عواد، وطلب منه لتغطية سفري إلى المدينة الطبية في الأردن، وقال له: فليتوجه للأردن للعلاج ثم يحضر لنا الفواتير لاحقاً، رغم أنني أملك كتاباً من الرئيس".

وعن تجربة التغذية القسرية، يقول: "كل دقيقة من التغذية القسرية تعادل 100 يوم من الإضراب"، ويروي: "عند إدخال الأنابيب إلى جسدي، كنت في حالة توقف القلب، وبعد أن استفقت من الغيبوبة، هددتهم في حال لم يخرجوا الأنابيب من رقبتي، فسأنزعها بقوة وهم من يتحمل المسؤولية، فأخرجوها بعنف، بعد أن هددتهم".

وقال: "كان يمكن لهم تغذيتي قسرياً عن طريق الوريد، لكنهم أدخلوا الأنابيب في الأنف والرقبة، وتسببت لي بتوقف القلب، ثم أجريت لي جراحة وأعدتني للحياة، كي تخلق في جسمي إعاقة دائمة".

واعتبر أن الإضراب عن الطعام "يسبب قلقاً لقادة الاحتلال، ويكشف كل فاشية وعنصرية دولة الاحتلال، وهو سيف مشرع على رقاب قادته، وهو ما نلسمه في قضية الأسير مقداد القواسمي، حيث خرج على الإعلام ويهدده بالتعذية قسرياً، وهي سابقة، أن هذه الجريمة كانت تتم بعيداً عن العيون".

وأكد أن "السلطة تمتلك أدوات للضغط على الاحتلال في قضية الأسرى، كما أن المقاومة بإمكانها الضغط على الاحتلال في هذا الملف، بالإضافة للحركة الأسيرة"، وقال: "من واقع التجربة فإن للمقاومة والسلطة، دور في الضغط على الاحتلال لتحقيق مطالبنا، أذكر أن ضباط مخابرات الاحتلال كانوا يحضروا الصحف ومواقع التواصل، ويشنوا عليَ حرباً نفسياً، من خلال محاولة إيهامي أن لا أحد مهتم بقضيتي".

وتابع: "بعد إنهاء الإضراب اكتشفنا أن الفصائل والسلطة، نظمت وقفات وتظاهرات دعماً لإضرابنا، وجرى حراك دبلوماسي لإيصال قضيتنا للعالم، أما الآن للأسف لا نجد حراكاً على الأرض، وفي الوقفات نجد أن أهالي الأسرى وبعض المتضامنين هم من يتواجد فيها فقط".

وحول المطلوب لدعم الأسرى المضربين، قال: "السلطة تملك أوراق الضغط على الاحتلال، بينها التلويح بالتوجه إلى محكمة الجنائية الدولية، كما أن إطلاق المقاومة في غزة تهديدات بأنها سترد إذا حصل خطر على الأسرى، فهذا يثير الخوف لدى الاحتلال، ويجبره على الاستجابة لمطالب المضربين".

وأضاف: "رغم تهديدات ضباط المخابرات لي، خلال مكوثي في العناية المكثفة، أنني سأبقى في الاعتقال الإداري، حتى إنهاء المدة التي حددها الشاباك، انتزعت قراراً فريداً من نوعه في حينها، وتحررت بعد 4 شهور من الاعتقال الإداري".

وأكد أن على الشارع الفلسطيني التحرك لنصرة الأسرى، وأشار إلى تجربة الإضراب الشامل الذي عمَ فلسطين، خلال العدوان على غزة، في شهر أيار/ مايو الماضي، واعتبر أن مثل هذه الخطوة سيكون لها إسهام كبير في دعم قضية المضربين.

واعتبر أن "الصليب الأحمر له دور سلبي، في قضية الأسرى المضربين، كونه لا يعترف بالأسيرين القواسمي والفسفوس، بعد قرار محكمة الاحتلال تجميد الاعتقال الإداري، رغم معاناتهما حالياً، وهذا يعطينا دلالات أننا أصحاب القضية نحن من يجب أن يتحرك لنصرة الأسرى".

لم تكن تجربة القواسمي والقاضي، الأولى في سجل جرائم إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى، في 10 تموز 1970 ارتقى الشهيد عبد القادر أبو فحم، بعد أن حاول أطباء الاحتلال تغذيته قسرياً، عقب نقله إلى عيادة سجن عسقلان، عن طريق إدخال أنابيب عبر الفم والأنف.

ويواصل الأسرى مقداد القواسمي، وكايد الفسفوس، وعلاء الأعرج، وهشام أبو هواش، وشادي أبو عكر، وعياد الهريمي إضرابهم عن الطعام منذ مدد مختلفة، للمطالبة بإنهاء اعتقالهم الإداري، وسط تدهور على وضعهم الصحي.

#الاحتلال #الأسرى #الاعتقال الإداري #مقداد القواسمي #كايد الفسفوس #التغذية القسرية #مالك القاضي