شبكة قدس الإخبارية

تجميد الدعاوى الدولية وإيقاف رواتب الأسرى: ما أهمية "إغراءات عباس" بالنسبة للاحتلال؟

244217946_411219227184536_1069212654884973530_n
نداء بسومي

رام الله - خاص قدس الإخبارية: لم تفصح القنوات الرسمية الفلسطينية عمّا دار في لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوزيرين إسرائيليين، قبل أيام في مقر المقاطعة برام الله، بينما نقلت القناة 12 العبرية عن مصادر وصفتها بالمطلّعة أن عباس أبدى استعداده "لتجميد دعاوى لاهاي، وإيقاف رواتب الأسرى الفلسطينيين" التي تصرفها السلطة لهم.

وبحسب القناة العبرية فإن الرئيس الفلسطيني أبدى استعداده لمناقشة قضايا حساسة حتى لو لم يكن ذلك في سياق مفاوضات سياسية، ومع التسريبات العبرية لفحوى الاجتماع، ظهرت بعض الأسئلة حول أهمية ملفَي الدعاوى الدولية ورواتب الأسرى بالنسبة للاحتلال حتى يطرح عباس التراجع عنهما كبادرة لإعادة الحوار بين الطرفين إن صحت التسريبات الإسرائيلية؟

رواتب الأسرى: "وقف تمويل الإرهابيين"

في أعقاب انتفاضة الأقصى، أصدر المجلس التشريعي والسلطة الفلسطينية قانون رقم (14) لسنة 2004 بشأن دعم الأسرى في سجون الاحتلال، وفيها تم إقرار فتح حساب مالي خاص للأسرى الفلسطينيين وأسرهم، وفي العام ذاته أقر مجلس الوزراء الفلسطيني في القرار رقم (٨٧) بشأن مخصصات الأسرى زيادة المبلغ المخصص لاحتياجات الأسرى وذويهم.

حول ذلك، يقول الناشط في مجال الأسرى فؤاد خفش إن ”إسرائيل“ تعمل منذ سنوات على قطع رواتب الأسرى، وقد ضج الكيان منذ إقرار هذه الرواتب، لحقها السخط الإسرائيلي في أعقاب الانتفاضة الثانية بعدما قام الاحتلال باعتقال عدد كبير من قيادات الانتفاضة بتهمة "قتل إسرائيليين"، وما تبعها من رفع السلطة لرواتب الأسرى والمحررين.

ويتابع خفش  في حديثه لـ "شبكة قدس": "يحتج الاحتلال دومًا للدول المانحة والداعمة بما فيها أمريكا والاتحاد الأوروبي بأن أموالكم التي تدعم السلطة تذهب إلى أشخاص قتلوا إسرائيليين، و“أياديهم ملطخة بالدماء“ حسب وصفهم، وقد نجحت ضغوطهم على السلطة في تحويل وزارة شؤون الأسرى إلى هيئة، وتقليل الصفة الاعتبارية الوزارية لها."

ويشير إلى أنه لا نستطيع جزم مدى صحة التسريبات الإسرائيلية من عدمها، موضحًا أنه في حال صحّت التسريبات، فستشتعل ثورة داخل السجون وخارجها، "وستكون كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، هؤلاء أسرى من أجل الوطن ومناضلون، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال المساس بحقهم"، بحسب وصفه.

من جانبه، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي جمعة التايه، في حديث لـ "شبكة قدس"، أن الإسرائيليين والمؤسسة الأمنية والجماعات المتطرفة تنظر إلى الأسرى أنهم :"إرهابيون ومخربون"، ولا يستحقون المردود المادي الذي يصرف لهم للعيش، ويضغطون على المستوى السياسي لجعل الأسرى يعيشون في السجن ظروفًا قاسية."

"كذلك، ينظر المستوى السياسي الإسرائيلي للأسرى أنهم مخربون، ويضيقون عليهم، ويضغطون على الحكومة الفلسطينية وحتى البنوك الفلسطينية، وقد نجحوا بترهيب هذه البنوك لمنع استقبال رواتب الأسرى الفلسطينيين"، يضيف التايه.

بدوره، يؤكد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس لـ"شبكة قدس" أن حديث الإعلام العبري " كاذب وعارٍ عن الصحة، وأن الموقف الفلسطيني موقف موحد وهناك إجماع من قبل كل الأفراد والتنظيمات والمؤسسات."

واستطرد فارس: "هذا موقف كل الشعب الفلسطيني بأن عائلات الأسرى والشهداء يجب أن تحظى بالرعاية الكاملة، وخطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة تضمن هذا الموضوع، وموقفه حاسم ومعلن عنه في كل مناسبة."

تجميد الدعاوى الدولية: إزالة المخاوف الإسرائيلية

بينما تشير تسريبات الاحتلال عن استعداد محمود عباس لتجميد دعاوى لاهاي، يلفِتُ رئيس قسم القانون في كلية الدراسات العليا بالجامعة العربية الأمريكية د. رائد أبو بدوية إلى أن السلطة الفلسطينية ليست لديها من الأصل أية دعاوى على الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية بلاهاي، وإنما رفعت السلطة قضية ضد الاحتلال بما يتعلق بالاستيطان وما يندرج من جرائم حرب تحتها في محكمة الجنايات الدولية.

ويعتقد أبو بدوية أن الإعلام العبري قد يقصد في حديثه، القضية المرفوعة حول الاستيطان في الجنايات الدولية، حيث "أن وزارة الخارجية الفلسطينية تعاون المحكمة وتزودها بملفات بخصوص التحقيق الجاري"، مع الإشارة إلى أن التحقيق جرائم الحرب الإسرائيلية في العدوان على قطاع غزة عام 2014 ومسيرات العودة، والتي تبحث محكمة الجنايات في حيثياتها هي مبادرة ذاتية من المدعية العامة السابقة فاتو بانسودا، ولا تملك السلطة صلاحية تجميدها أو سحبها.

وإن كانت التسريبات العبرية تقصد الدعوى حول الاستيطان وجرائم الحرب، فيرى أبو بدوية في حديثه لـ "شبكة قدس" أهمية تجميدها بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي  الذي يكمن في إمكانية إصدار المحكمة مذكرات اعتقال بحق متهمين سواء على المستوى السياسي - قيادات إسرائيلية- أو على المستوى العسكري دون إبلاغ الكيان بذلك بموجب اتفاقية روما.

وبحسب أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، إن صحت هذه التسريبات، فإن تراجع السلطة عن القضية المتعلقة بالاستيطان خطير، "لأن التراجع عن موضوع الاستيطان كموضوع سياسي يعني تراجع السلطة عن قضية الأراضي المحتلة عام 1967 والتي تعوق مشروع الدولتين، ويعني أنك تغير في برنامجك السياسي."

في السياق، يأتي اجتماع عباس بالوزيرين الإسرائيليين في إطار استقبال السلطة الفلسطينية بشكل علني 18 شخصية إسرائيلية منهم وزير حرب الاحتلال بيني غانتس، ووزراء سابقون، وكان موقع والا العبري قد نقل عن الرئيس عباس حديثه "أنه يعرف بأنه لن تكون هنالك مفاوضات، ولكن يجب أن نجلس ونتحدث حتى لو لم نتفق على شيء".

#عباس #التفاوض #العملية_السلمية