شبكة قدس الإخبارية

قيادات الحركة الأسيرة ينتقدون قيادة السلطة: عطلت المشروع الوطني وأضرت بالهوية

Q8Moq

فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: قال الأسير ثابت مردواي احد قيادات حركة الجهاد الإسلامي في السجون، المحكوم بالسجن المؤبد 21 مرة، إننا بعيدون عن صفات "حركة التحرر الوطني"، ووجود سلطة فلسطينية بنظام سياسي وأننا في مرحلة بناء دولة "كذبة".

واعتبر مرداوي في ورقة نشرها المركز الفلسطيني للدراسات تحت عنوان "ندوة الحركة الفلسطينية الأسيرة.. الجغرافيا السادسة"، أن الحالة الفلسطينية، لها متطلباتها وثقافتها وأخلاقياتها وقيمها، "وكل ما لدينا لا علاقة له بهذه الأمور ويتناقض مع الحقيقة الأهم وهي أننا شعب تحت الاحتلال، وهذه الكذبة خلقت واقعا جديدا افتراضيا".

وأضاف: مجمل مآلات القضية الفلسطينية، وما يتفرع عنها من قضايا القيادة والتنظيمات والمؤسسات والخيارات، تجاوز مرحلة الأزمة منذ زمن، ودخل في مرحلة "الورطة". وأردف: فنحن الآن نعيش في "ورطات" وليس في أزمة أو أزمات، أقول ذلك لأن ّ الأزمة يمكن الخروج منها وتجاوزها، أما الورطة فلا أعتقد بالإمكان الخروج منها في ظل فواعل المشهد.

وبحسب مرداوي، فإن "ما يوجد على امتداد الحركة الوطنية التي مات فيها منطق المؤسسات ً والعمل الجماعي لفترة معتبرة زمنيا، هو الذي جعل التجربة الإدارية التنظيمية للحركة الوطنية كارثية، بل من الأسوأ على مستوى التجارب العالمية. وتكفي مراجعة ما تعرضت له مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية منذ سبعينيات القرن الماضي من عمليات ممنهجة ومقصودة ّ لتخريب المحتوى وإفراغه وشل القدرة على الفعل، لندرك مدى هذه الكارثة ومستواها. 

وأشار، إلى أن المؤسسات والأطر القيادية خضعت باستمرار لعمليات إعادة تكيف مع توجهات النخب المهيمنة وأمزجتها، لا مع متطلبات التحرير.

وحول اتفاقيات أوسلو قال:  كل ما يعنيه ويتضمنه اتفاق أوسلو له دلالات كثيرة، أهمها أنه أكبر عملية خداع وتضليل للتاريخ الفلسطيني، ولا يتوقف عن كونه مفسدة، وهو منظومة إفساد متكاملة في حالة حركة دائمة أفسدت كل ما هو فلسطيني؛ الشخصية والنفسية والأخلاق والقيم والتنظيمات والاهتمامات والمؤسسات والتصورات والمفاهيم، وأخضعتها كلها لعمليات تشويه. 

وقال الأسير وجدي جودة من قيادات الجبهة الديمقراطية في السجون، إن المرحلة الراهنة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني ومشروعه للتحرر الوطني، هي الأخطر بعد نكبة 1948، بفعل ضعف العامل الذاتي الفلسطيني، واستمرار الانقسام والصراع على السلطة، وغياب قيادة وطنية مركزية، وتعطيل متعمد للمؤسسات التنفيذية والتقريرية، وفي ظل غياب برنامج وطني موحد، وانكشاف الحالة الفلسطينية على المحاور العربية والإقليمية والدولية، بما في ذلك مع المستعمِر الصهيوني. وهذا فضلاً عن توزّع الشعب الفلسطيني القسري على أكثر من وطن وأكثر من شتات، مع عدم وجود قيادة تستطيع لمّ شمل الفلسطينيين في برنامج وطني ونضالي جامع يحشد الطاقات ويوحد النضال.

وأضاف: عندما نتناول تحولات الأعوام الخمسة الأخيرة وتحدياتها، نجدها تؤكد نهاية النهج والبرنامج السياسي لقيادة أوسلو، فضلاً على أنها كشفت وعرّت أنظمة عربية هرولت وتهرول إلى التطبيع مع الاحتلال.

واستدرك قائلا:  إلّا إن الشعب الفلسطيني، وعلى الرغم من تشاؤم الحالة الموصوفة، ما زال إيمانه وتفاؤله بإرادته راسخَين، ولا يزال يختزن الطاقات والقدرات والروح الوطنية الجمعية بهدف الخلاص من الاحتلال، وأظهر ويُظهر قدرة عالية على النضال الشجاع وتحقيق الانتصارات على يد المقاومة العنفية واللاعنفية في جغرافيات فلسطين التاريخية كلها.

أما الأسير والكاتب وليد دقة، فأشار، إلى أن الأزمة تتجاوز القيادة السياسية وتعبيراتها اليومية المتمثلة في التنسيق الأمني، وتطال ما هو أعمق في نضالنا كشعب ما زال تحت الاحتلال، وتهيمن على حياتنا البرلمانية المفترضة، بل على حياتنا تحت الاحتلال، إذ لا عدالة قضائية، ولا قرارات حكومية يمكن أن تكون نافذة، بوجود المستوطنين الذين يقومون، وبحماية من الجيش الإسرائيلي، بالاستيلاء على الأرض والماء والهواء في الضفة والقطاع والقدس.

واعتبر دقة، أن الأزمة القيادية عطلت عمل المشروع الوطني الفلسطيني وأضرت بالهوية، وهي أزمة مبنى فكري وذهنية سائدة، وتجربة غير قادرة على تجديد نفسها، فتكلّست مفاصلها على جميع المستويات السياسية والفكرية والثقافية، وعطلت القدرة على شحن الهوية بقيم وطنية وإنسانية جامعة. وخطورة هذه الأزمة ليست في شموليتها فحسب، بل في امتلاك هذه القيادة أيضاً، أدوات التعطيل أو ربما الإفساد من خلال سيطرتها على القرارين السياسي والمالي اللذين من خلالهما تحاول تجديد شرعيتها، فتعيد إنتاج الأزمة على نحو أسوأ، مثلما حاولت أن تفعل عبر المصالحة، وكقرار الانتخابات الذي ألغته عندما وجدت أن رياحها لا تهبّ كما تشتهي سفنها، الأمر الذي كشف عدم جديتها في المصالحة.

وأردف: إن القيادة التي "انتفضت" على القيادة التقليدية التي سبقتها، تحولت هي ذاتها، بمبناها الفكري وتجربتها، إلى المواقع نفسها التي انتفضت ضدها، وتخلت عن العنف الثوري، ودانته بصفته غير شرعي في ظل ما وقّعته من اتفاقيات، ولجأت إلى الدبلوماسية كأسلوب وحيد للنضال.

وأضاف:  القيادة الفلسطينية في رام الله مؤمنة بأن الكفاح المسلح كان خطأ وما زال، وهي غير مستعدة لأن تعترف أيضاً بأن طريق المفاوضات منذ أوسلو باء بالفشل وأوصلنا إلى طريق مسدود.

 وقال الأسير عبد الرازق فرّاج من قيادات الجبهة الشعبية في السجون، إنه بات واضحاً أن الحركة الوطنية الفلسطينية، ومختلف جغرافياتها، يعيشان أزمة منذ عدة عقود؛ أزمة ترسخت وباتت تطال البنى القيادية للحركة مجتمعة ومنفردة، وكذلك البرامج ووسائل النضال، وذلك منذ توقيع "تعاقد أوسلو السياسي والاقتصادي والأمني".

وأضاف: ليست مبالغة القول إن تلك الأزمة باتت بنيوية بوقوع الانقسام الكارثي، وما نجم عنه من تداعيات سلبية على مجمل المشروع الوطني التحرري الفلسطيني وأهدافه، بما في ذلك "الجغرافيا السادسة"، أي الحركة الوطنية الأسيرة.

ويرى الأسير باسم خندقجي، أن التشخيص الأعم للحالة الفلسطينية هو الأزمة العضوية في البناء السياسي الفلسطيني، قيادةً ومعارضة، وهي أزمة استفحلت لتغدو تأزيماً أخلاقياً تفشّى في مختلف الجسد الفلسطيني بتجلياته كافة.

ويعتقد، أن معاناتنا ليست محصورة بمرحلة أوسلو فقط، والتي عانينا فيها التيه والالتباس ونشوء خطابات سلطوية وسياسية مشوهة أحبطت القدرة على إنشاء مفهومية فلسطينية إلى جانب منظومة أخلاقية تحكم آليات عملنا وقدرتنا على التحرك ضمن إرادة تاريخية، بل إن معاناتنا مستمرة كذلك منذ نشوء وتطور الحركة الوطنية الفلسطينية.

وأوضح: من أهم أسباب التباسنا المقيم هو أن خطاب منظمة التحرير الفلسطينية لم يركز فقط على عملية التحرر والكفاح ضد نظام كولونيالي استيطاني، بل تعامل مع المسألة على أنها "احتلال" أيضاً، وإغفالنا لهذا السياق كانت له تداعيات خطرة، من أهمها: انفصالنا عن زمن النكبة، وتحديداً ما بعد أوسلو، ونشوء سلطة فلسطينية أدت سياساتها الكارثية إلى بناء العازل الذي يفصل أغلبية الشعب الفلسطيني عن إفرازات النكبة المستمرة، زمانياً ومكانياً، وبات التنسيق الأمني مصلحة وطنية لا تقنية استعمارية، وأوسلو ضرورة تكتيكية لا مساراً استسلامياً وتوطينياً، والمصالحة الوطنية هدفاً استراتيجياً يجب التكتيك له بصورة تكفل تعزيز ثقافة سلطة الوهم والحيرة.

من جانبه، قال الأسير وجدي جودة: أي حركة تحرر وطني تقوم على ثلاثة مقومات ضرورية: أولاً، تحديد الأهداف والبرنامج والخطاب؛ ثانياً، استعداد الشعب الواقع تحت الاحتلال للانخراط في مهمات البرنامج النضالية والكفاحية بهدف تحقيق الأهداف المحددة؛ ثالثاً، توفّر قيادة وطنية مركزية موحدة تنظم نضال الشعب وتقوده تحت راية برنامج وطني موحد وخطاب وشعار جامع.

وأضاف: فلسطينياً، الأهداف والحقوق السياسية محددة ومعروفة، وهي الخلاص من الاحتلال وانتزاع الحرية والاستقلال، كما أن البرنامج الوطني، بأشكاله المتنوعة وأدوات نضاله، مختبَر تاريخياً، وقد أثبت الشعب الفلسطيني ويثبت، تاريخياً، جهوزيته واستعداده للنضال الشجاع والتضحية وتحمّل أعباء الكفاح من أجل تحقيق الأهداف والحقوق السياسية. 

مشيرا، إلى أن المحزن في هذه المرحلة المصيرية هو أن المشروع الوطني الفلسطيني يواجه أزمة حقيقية هي أزمة انعدام وجود قيادة، ونحن اليوم أمام قيادة تقليدية فشلت جرّاء فشل برنامجها السياسي، وباتت تشكّل عقبة في استنهاض النضال. 

ويقول الأسير عبد الناصر عيسى أحد قيادات حركة حماي في السجون، إن التطورات والأحداث الأخيرة على الساحة الفلسطينية أظهرت مدى عمق الأزمة التي تعيشها المؤسسة السياسية الرسمية لجهة فقدانها ثقة الجماهير الفلسطينية بها، وابتعادها شيئاً فشيئاً عن آمالها وتطلعاتها، الأمر الذي عبّر عنه بعض استطلاعات الرأي العام، إذ إن 56% من الجمهور الفلسطيني يرى أن السلطة أصبحت عبئاً عليهم، بينما يعتقد 35% فقط منهم أنها إنجاز.

واعتبر أن الاحتجاجات الشعبية الواسعة، غير المسبوقة انتشاراً في أنحاء الضفة الغربية، وحجماً من حيث أعداد المشاركين فيها ودوافعهم وقمع السلطة لهم، وانتقادهم سياسات الأجهزة الأمنية التي كان من صورها قتل الناشط نزار بنات بسبب انتقاداته اللاذعة لسياسات السلطة في مجالات السياسة والاقتصاد والأمن، والهتافات الواضحة بضرورة رحيل الرئيس محمود عباس، أكدت عمق الأزمة التي تعيشها القيادة الرسمية.

وأردف: إن القيادة الفلسطينية الرسمية وعلى رأسها أبو مازن تسعى لانتخابات "على المقاس" لتثبيت القيادة الحالية، وليس لتجديدها، والتفرد بالقرار.