شبكة قدس الإخبارية

بعد 28 عامًا.. كيف تغيرّت أحوال المقاومين بعد "أوسلو"؟

241878854_546942236535199_3072555142550691980_n
مالك الجعبري

رام الله - خاص قدس الإخبارية: تتكرر حالات المطاردة الفردية في العقد الأخير بالضفة الغربية، بعد أن كانت ظاهرة كبيرة حاول الاحتلال القضاء عليها بالاغتيال والاعتقال، بينما قلصت السلطة الفلسطينية من حجمها عبر ما عُرف بـ العفو عن المطاردين" وأيضا المساهمة معلوماتيا مع الاحتلال في هذا السياق، وذلك من خلال اتفاق مع المستويات السياسية والأمنية الإسرائيلية لكبح جماح ظاهرة المطاردة التي تشكل عبئا على المؤسسة الأمنية للطرفين ويمكن أن تتطور لحالة اشتباك واسع لا ترغب به السلطة، وفق ما يرى مراقبون للشأن الفلسطيني.

وأشار مراقبون إلى تحول أراضي الضفة الغربية التي كانت المكان الحاضن للمقاومة والكفاح المسلح – إلى مكان ساخن للملاحقة والمطاردة بعد أن اعترفت منظمة التحرير "ممثل الشعب دوليًا" بأنها تنبذ "العنف"، أيّ الكيان المسلح المواجه للاحتلال ضمن اتفاقيات أوسلو في الثالث عشر من سبتمبر 1993، وولادة ما عاد يعرف بـ التنسيق الأمني" الذي يستند لمبدأ "نبذ العنف الممارس من طرف الفلسطينيين".

"النكبة الثالثة"

وفي السياق يقول الأسير المحرر وسام رفيدي الذي خاض تجربة التخفي والملاحقة مدة تسع سنوات في العقدين الأخيرين من القرن الماضي إن "اتفاقية أوسلو أعادت المشروع الوطني التحرري للوراء سنوات طويلة بعد أن أشاعت الاتفاقية ثقافة الانهزام والاستسلام والتطبيع وخلقت الاتفاقية نخبة طبقية جديدة مرتبطة بمصالح اقتصادية، ومع ذلك هذه العوامل ليست مدعاة للتشاؤم؛ فالمقاومة موجودة فلسطينيًا وعربيًا متمثلة بمحور المقاومة؛ المقاومة بكل أشكالها فعالة، كما حصل مؤخرًا بعملية الفرار من سجن جلبوع".

ويرى الأسير المحرر الرفيدي أن الحاضنة الشعبية والبنية التنظيمية القوية أبرز عوامل نجاح "التخفي" أثناء الملاحقة من الاحتلال للمقاوم الفلسطيني، وعلى سبيل المثال "البيئة الشعبية حاليًا جاهزة لاحتضان مطاردي جلبوع "مناضل نفيعات وأيهم كممجي" بدلالة الانحياز الشعبي والوطني تجاههم، أما البنية التنظيمية فـهي غير جاهزة "ولهذا يصعب نجاح عملية الصمود للمطاردين والمتخفين نتيجة تعرض التنظيمات وتحديدًا حماس والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية للملاحقة من المخابرات الإسرائيلية والأجهزة الأمنية الفلسطينية وهذه نتائج أوسلو".

ويعتقد رفيدي خلال حديثه لـ "شبكة قدس" أن "الظروف الحالية التي نتجت بعد اتفاقية أوسلو ووجود السلطة الفلسطينية عقدت عملية التخفي والمطاردة للمقاومين". متوقعًا أن تقوم السلطة باعتقال الأسيرين كممجي ونفيعات في حال عثرت عليهم، ووضعهم تحت مسؤولية أجهزتها الأمنية، مما يعكس شكل من الأدوار السلبية الذي تلعبه السلطة بعد أوسلو وهو سلوك متكرر حصل، مبينًا أن السلطة لا تنكر هذا الدور الذي وصفه بـ "الوكيل الأمني" وهذا الذي دفع شمعون بيريز الرئيس الأسبق للاحتلال بوصف أوسلو، "الانتصار الثاني" بعد إقامة دولتهم.

"قتل الكفاح المسلح"

"منظمة التحرير اتبعت نهج أنور السادات في المفاوضات مع إسرائيل وتحديدًا فكرة "الأرض مقابل السلام" أيّ اعتراف بوجود إسرائيل على الأرض مقابل الحكم الذاتي الفلسطيني المحدود، وهذا هو المفهوم الأول للاتفاقية أما الثاني هو "الأمن مقابل السلام" ما يعني انتهاء الكفاح المسلح وعدم دعم المقاومين والمطاردين الفلسطينيين، بمعزل عن قدرتها على منح الحصانة للفدائيين الذين قاموا بعمليات مسلحة قبل أوسلو" يوضح عضو المجلس الثوري الأسبق لحركة فتح والمجلس المركزي الأعلى للثورة الفلسطينية، معين الطاهر.

ويبين عضو الثوري الأسبق خلال حديثه لـ "قدس" أن أوسلو نتيجة عدم حسمها قضايا مفصلية بشكل نهائي كالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين المعتقلين قبل توقيع الاتفاقية حسبما ورد في بنود اتفاقية "أوسلو 2 طابا"، مشيرًا إلى أن إسرائيل كانت تستخدم الأسرى لانتزاع تنازلات إضافية من منظمة التحرير ولاحقًا أفرج الاحتلال عن بعض من أسرى ما قبل أوسلو على دفعات - برهن الاستقرار والأمن الإسرائيلي.

ويرى الطاهر أن الاحتلال يعيش بعد أوسلو حالة من الأمان النسبي بعد أن صارت السلطة الفلسطينية مسؤولة عن منع أي عملية فدائية داخل الأراضي الفلسطينية بالضفة وغزة مقابل منح الاحتلال للسلطة - سلطات أوسع مثل اعتقال أي مجموعة مقاومة لم تصل لها قوات الاحتلال، قائلًا: "بالمقابل وكنوع من مظاهر السيادة التي حاولت السلطة التمسك بها.. عند اعتقالها لمجموعة قامت بعمليات ضد الاحتلال كانت تحيلهم لمحكمة عسكرية وسجنهم في سجون السلطة حسب الاتفاق بين الطرفين بأن المجموعة التي نفذت عملية طالما سجنت عند السلطة، تقضي محكوميتها أولًا من ثم يتم تسليمهم لطرف العدو الصهيوني". وهذا ما حصل مع الأسير المطارد هذه الأيام أيهم الكممجي الذي سلمته السلطة عام 2006.

"التنسيق الأمني.. تفاهمات على حساب المقاومة"

القيادي في حركة حماس، محمود مرداوي، يشير إلى أن المقاومة الفلسطينية قبل أوسلو كانت تخشى العدو والعملاء قليلًا ولكن بعد أوسلو ظهرت فئة لها مصلحة مع العدو انعكس وجودها سلبًا على دور المقاومة وهذا ما تجسد في الانتفاضة الأولى التي أجمعت عليها وشاركت فيها الفصائل والقوى الوطنية بمظهر من مظاهر الوحدة الذي تفكك بعد أوسلو إذ صار لبعض الفصائل مصالح وأجندة مختلفة عما قبل الاتفاقية، إذ صار الاستقرار الأمني والتفاهم مع الاحتلال على حساب المقاومة.

ويرى القيادي في حركة حماس أن أوسلو دفعت أنصارها لتأدية دور ما أسماه "العميل المحدود" الذي لا يمارس العمالة بشكل مباشر مع الاحتلال إذ أنه يجمع للأجهزة الأمنية معلومات ستصل للاحتلال لاحقًا بطريقة أو بأخرى عن طريق التنسيق الأمني مبينًا أن السلطة أدركت أن العمليات المسلحة ستعطل المسار السياسي للسلطة مع الاحتلال، ما دفعها على إيقاف العمليات بأي شكل كان، رغم أنها سابقًا كانت تعارض العمليات الكفاحية على "خجل".

ويبين مرداوي بأن العمل المقاوم بالضفة والمطاردة والإيواء والتورية والاستمرارية في الكفاح المسلح كالمعجزة وباتت كالتحرك في حقل ألغام بعد أن غيرت حركة فتح مسارها من المقاومة المسلحة التي كانت ترفض معارضتها وباتت هي وأنصارها في دائرة السلطة التي غاصت في التنسيق الأمني مع الاحتلال وهذا قلص من دور العمليات الفدائية على الأرض وصعّب من عملية المطاردة فباتت الضفة بيئة طاردة للمقاومين "وصار من يقاوم عليه أن يحمل صفات تعجيزية".

#السلطة_الفلسطينية #المطاردين #المقاومون