شبكة قدس الإخبارية

كيف استثمر غانتس اللقاء مع عباس سياسيًا؟

photo_2021-08-30_09-42-53
نداء بسومي

فلسطين المحتلة – خاص قُدس الإخبارية: وسط تكتم حول نية الاجتماع، التقى وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس مع الرئيس محمود عباس في رام الله المحتلة، يوم الإثنين 30 أغسطس 2021، ولم يعلم الشعب الفلسطيني بالزيارة إلا بعد انقضائها، والإعلان عن نتائجها وهي "الموافقة على تسهيلات اقتصادية يقدمها الاحتلال للسلطة الفلسطينية، والتأكيد على التنسيق الأمني بين الطرفين".

وفي الوقت الذي ضج فيه الشارع الفلسطيني ونشطاء وفصائل سياسية بمعارضة الزيارة، ووصفها بـ "الطعنة في الظهر"، كان الإعلام العبري والمحللون الإسرائيليون ينظرون إلى اللقاء بين عباس وغانتس من زوايا مختلفة أبرزها، الرصيد السياسي لوزير حرب الاحتلال غانتس وقد ارتفع مع سعيه إلى تكثيف الضجة الإعلامية حولها.

في حديثه لـ "شبكة قدس"، يشير المختص في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة إلى أن الجدل الحاصل في الأروقة السياسية الإسرائيلية يدور حول الصخب الإعلامي والضجة الإعلامية التي أثارها غانتس وترويجه للقاء.

تزايد شعبية غانتس: نقمة اليمين الإسرائيلي

يرى هلسة أن الجدل الذي أثير هو بسبب حنق كبير من أعضاء اليمين الإسرائيلي على غانتس لاستثماره اللقاء في رصيده السياسي، مع ضرورة الإشارة إلى أهمية الأمر وسط حكومة مشكلة من جملة من التناقضات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.

في هذا الصدد، يستحضر الخبير هلسة تعليق وزير الاتصالات الإسرائيلي يوعز هندل الذي قال إن "غانتس ناقش وظيفة السلطة ودورها الأمني ووظيفتها في جمع القمامة في جنين ورام الله"، وذلك للتقليل من الطموحات والتوقعات التي خرج بها غانتس وطموحه في لقاء الأمريكيين أو توجيه لفتة وسالة لهمي

في السياق، ينوّه هلسة إلى أن الوحيدين الذين تحدثوا عن احتواء اللقاء جوانب سياسية عامة بما يتعلق بفلسطين هم الفلسطينيون، وعلى لسان وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، أما الإسرائيليون فقد نفوا جملة قاطعة هذا الأمر وركزوا أن ما تم الحديث عنه في هذا الصدد هو دور السلطة الأمني فقط، وتحسين خدمات للمواطنين.

في أعقاب الاجتماع، تداول الإعلام العبري منع رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت لوزير حربه من إلقاء خطاب في قضية النووي الإيراني في اجتماع وندوة داخلية، وهو ما يقرأه هلسة بمحاولة بينيت إيصال رسالة لشركائه بأنه ما زال يملك السيطرة، وقادر على فرض رؤيته وأجندته، وسعى من خلال هذه العقوبة إلى حرمان غانتس من المزيد من النقاط السياسية.

محاولة استقطاب الإعجاب الأمريكي

يوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي أن وزير حرب الاحتلال حاول استثمار اللقاء مع عباس في علاقته مع القيادة الأمريكية تحديدًا، موضحًا: "وكأنه يقول بأن هذا اللقاء الذي قمت به هو مجال ليفتح الطريق أمام قبوله واستدعائه مستقبلاً للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي لدى إدارته توجه لإعادة فتح قنوات ومسار اتصال سياسي مع الفلسطينيين وبالتحديد في الشق الاقتصادي."

من جانبه، يرجع المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد إلى زيارة غانتس للولايات المتحدة قبل أيام من إعلان الحكومة الائتلافية الجديدة، ويرى فيها وعودًا قدمتها الإدارة الأمريكية له، وضغوطات عليه تدفع به للعمل إلى جانب أمريكا والعمل على نيل إعجابها.

الملف الأمني: مقاعد انتخابية أكثر!

"يجب أن نفهم أن هذه الحكومة الائتلافية عمليًا هي "ثمنُ رؤوس"، وكل رأس فيها يتصرف وفق أجندته ويعتبر نفسه رئيس وزراء، وبدوره، غانتس يعتبر نفسه رئيس وزراء في الملف السياسي والأمني من أجل رفع أسهمه"، يقول أبو عواد.

ويستطرد: الحقيقة أن أسهمه ارتفعت ليس اليوم، بل من بعد تشكيل الحكومة، إذ ظهر أن الرجل لديه قدرات معينة، وأنه قد تعلم من نتنياهو الكثير من الدروس، لذلك يسعى إلى رفع رصيده السياسي لأنه يعلم أن هذه الحكومة لن تستمر طويلاً.

ويوضح أبو عواد أن وزير حرب الاحتلال يعمل حول الملف الذي سيرفع أسهمه كثيرًا في أية انتخابات قادمة، وهو الملف الأمني والسياسي، "لأن هذا الملف له جمهوره وله حصة معينة، وأيضا توجد بعض الأحزاب تتفق عليه بشكل أو بآخر، وبناء على ذلك يخطط غانتس للانتخابات القادمة، وهو برأيي يتعامل بذكاء وقدرة كبيرتين."

في جانب آخر، يؤكد الخبير والمتابع للشأن الإسرائيلي د. عمر جعارة أن الإعلام الإسرائيلي لا يتوجه لغانتس كأنه شخصية عادية بل كشخصية ائتلافية، إذ يعتبر ثاني أكبر حزب في الائتلاف الحكومي القائم بعد يائير لابيد، وهو بحزبه أزرق أبيض لديه 8 مقاعد.

ويرى أن منع نفتالي بينيت لبيني غانتس من إلقاء الخطاب، وتهديده بعقوبات يعني تعريض الائتلاف الحكومي القائم للانهيار، وهذا يعد من ”أجهل“ المواقف التي قام بها بينيت.

من زاوية أخرى، يؤكد جعارة على أن الزيارة ما كانت لتتم دون موافقة حكومة الاحتلال ورئيس وزرائها عليها، وما تم الاتفاق عليه خلال زيارة غانتس جاءت في أعقاب المقابلة التي تمت بين جو بادين ونفتالي بينيت في البيت الأبيض، وتزامنها مع التسهيلات الاقتصادية التي قدمها بينيت لقطاع غزة.

#غانتس #عباس #السلطة #الاحتلال #بايدن #بينيت