شبكة قدس الإخبارية

عبر سفراء الفضاء.. آمال المحاصرين في غزة تعانق النجوم 

240810490_369528621459143_8425314315106784961_n
هديل الغرباوي

قطاع غزة - خاص قُدس الإخبارية: رغم الحصار الذي يعيشه قطاع غزة منذ عام 2007 إلا أن نوافذ الأمل لا تنفك أن تفتح بأيدي الغزيين بين الفينة والأخرى، رغم قلة الإمكانات وصعوبة ذلك، خاصة في بعض الميادين التي تحتاج لإمكانات واهتمام كبيرين، ومنها علوم الفلك والفضاء.

فريق المشاريع الفلكية في قطاع غزة اليوم بات حقيقة بعد أن كان في يوم من الأيام حلماً، وتقول مسؤولة الفريق جمانة قويدر: "كان حلما صعب المنال، في البداية تعرضنا للتنمر والاستهزاء كوننا نعيش في مدينة محاصرة، ومن بين السخريات التي تعرضنا لها، هل ستصنعون صاروخاً وتسافرون فيه إلى الفضاء، أم أنك تخططين للذهاب إلى ناسا؟".

تضيف جمانة (29 عاماً)، لـ"شبكة قدس": ولكن إيماننا بما نفعل كان وقوداً لنا حتى أصبحنا اليوم حقيقة وفريقا يشار إلينا، ورغم قلة الإمكانيات والأوضاع الصعبة والمشاكل التي نتعرض لها، ما زلنا نتعلم ونبدع، وصنعنا تلسكوبا صغيرا من عدسات وأدوات معاد استخدامها، وبتنا نراقب السماء والأجرام السماوية ويشاركنا كثيرون في هذه المتعة".

حصار النجوم

ومن أبرز المعيقات التي تواجه علوم الفلك والفضاء بغزة، الحصار والإغلاق، كما توضح جمانة، حيث آلمها كثيراً عدم قدرتها على المشاركة في المخيم الفلكي في الخليل الذي عقد في آب 2021، بسبب رفض الاحتلال الإسرائيلي منحها وفريقها تصاريح للتنقل.

وبحسب قويدر، فإن المخيم الفلكي في الخليل كان فرصة رائعة بالنسبة لها، حيث يشمل تدريبات خاصة بالرصد الكامل عبر مرصد جامعة بيرزيت، واستخدام القبة الفلكية في المركز الكوري في الخليل.

كما أن المخيم يعرف المهتمين على سماء فلسطين وتقسيماتها، ومواقع التجمعات والأبراج النجمية، بالإضافة لرصد كوكبي زحل والمشتري بالتلسكوبات، ورصد القمر، كما يتم رصد عبور محطة الفضاء الدولية في سماء فلسطين، ويرصد المخيم ذراع مجرة درب التبانة، كل ذلك حرمنا منه بسبب الاحتلال والحصار، تقول جمانة.

عالم مصغر

لجمانة مختبر صغير متواضع في منزلها، يضم عدسات ومواد التجارب الفلكية والتي معظمها من البيئة المحيطة، وبعض الأدوات والمجسمات المصنوعة يدوياً والتي تحاكي الأجرام الفلكية، وتقول: "كلما نظرت عبر التلسكوب للسماء أشعر بأني لأول مرة أنظر إليها وقلبي يخفق بشدة من جمالها، وأمد يدي لعلي ألمس النجوم".

وتضيف جمانة التي تنشط أيضاً في مركز أبحاث الفضاء التابع لجامعة الأقصى بغزة، والتي حصلت على لقب سفيرة الفضاء تكريماً لها ولفريقها: ويبقى حلمي أن أمتلك تلسكوباً متطوراً وسأدعو الجميع للنظر إلى الفضاء من خلاله ليشاركوني روعة ما أرى".

وعبرت عن أملها في أن يتطور الاهتمام بالفلك في غزة، وأن يتم تطوير الأنشطة القليلة التي تحدث، كالبرامج التدريبية التي تم تنفيذها في جامعة الأقصى، راجية أن تصل إلى إنشاء مدارس فلكية – فيزيائية ومراصد كمرصدي جامعتي بيرزيت والنجاح بالضفة الغربية، وإقامة مخيمات فلكية.

شعاع الأمل 

الباحث وطالب الدكتوراه في جامعة السوربون الفرنسية صبح وجيه القيق، عضو مختبر فيزياء بلازما الفضاء في باريس، والذي عمل باحثاً في مركز أبحاث الفلك والفضاء في جامعة الأقصى، ورئيس المجموعات الفلكية في غزة، يقول: "الفرص في غزة تكاد تكون معدومة، ولكن يبقى شعاع الأمل موجودا، وإصراري أوصلني إلى ما أنا عليه اليوم".

يضيف القيق: "للأسف الشديد لا يوجد اهتمام بالعلم أو العلوم التي من شأنها أن تحدث فرقاً جوهرياً، فلا يوجد توجه لدى الجامعات لإنشاء مراكز أبحاث للفضاء، وإن وجد لا يكون ضمن الأولويات"، مشيراً إلى أن الطريق ليس معبداً أمام الجامعات أو الراغبين في دخول نادي الفضاء والفلك، مستذكراً المصاعب والتحديات التي واجهته وتواجهه في فرنسا، خاصة أنه فلسطيني وبلاده لا تهتم بعلوم الفضاء ومن الأولى أن تقدم المنح والأبحاث لطلبة يوجد في بلادهم اهتمام بالفضاء حتى ينفعوها.

وأكد القيق لـ "شبكة قدس" على ضرورة أن يتم استقطاب علماء فلسطين من المهجر والاهتمام أكثر بعمل مركز لأبحاث الفضاء، واحتضان المواهب الشابة ودعمها لإكمال دراستها والحصول على الفرص الحقيقة وبذلك تكون فلسطين قد خطت أولى خطواتها في هذا العالم .

تلسكوبان ونحتاج المزيد

بدوره؛ قال الأستاذ في قسم الفيزياء بجامعة الأقصى د. زياد السحار: "كنت مهتماً بعلم الفلك منذ الصغر، وكنت أستعير كتباً تتعلق بالفلك من مركز الثقافة والنور وهي إحدى مكتبات غزة العريقة والقديمة، في سبعينات القرن الماضي، علماً أن المصادر لم تكن وفيرة ولا يوجد متخصصون بالفلك في فلسطين".

ويضيف د. السحار لـ"شبكة قدس": اليوم يوجد مركز فلك في جامعة الأقصى، وجمعيات فلكية في قطاع غزة، ونادي هواة الفلك، ومشاريع فلكية، لكن كلها بحاجة لدعم وتطوير، موضحاً أن قطاعا كبير كهذا بحاجة لرعاية رسمية ومن المؤسسات الأكاديمية والبحثية الكبيرة.

يتابع د. السحار: "بدأنا بإيجاد كوادر فلكية ونشطاء في علم الفلك، ولكن جاءت جائحة كورونا لتوقف العمل مؤقتاً في مشروعنا. مشيراً لوجود توأمة وعمل مشترك بين قسم الفلك بجامعة الأقصى ومراكز الفلك في الضفة الغربية ودول عربية وأجنبية.

ويوضح: سابقاً كان الأكاديميون ينصحون المهتمين بعلم الفلك بالسفر للخارج بسبب أن هذا التخصص غير متاح في قطاع غزة وأن المعيقات في غزة كبيرة جداً، ورغم وجود بذرة عمل على معمل خاص بالفلك بغزة إلا أن الخيار الأمثل لمحبي الفلك هو السفر وطبعا هذا يصطدم بالحصار وإغلاق المعابر وبالتالي المنع من السفر.

واليوم يوجد في غزة تلسكوبان اثنين فقط، دخلا غزة من خلال القنصلية الفرنسية، ومن الصعوبة توفير تلسكوبات أخرى أو أكثر تطوراً، بسبب الحصار، مع أن التلسكوبات تباع في العالم في المحال العادية، ولكن في غزة كل شيء صعب الحصول عليه بسبب الاحتلال والحصار، كما يبين السحار.

خطوات ثابتة

الجمعية الفلكية الفلسطينية بالقدس كانت قد أعلنت فوز الفريق الفلسطيني بالمركز الأول على مستوى العالم في مسابقة المستوطنات الفضائية (ISSDC) والتي نظمتها نظمتها وكالة ناسا، وشارك الفريق الفلسطيني تحت مسمى طيران النسر Vulture Aviation.

ومسابقة تصميم المستوطنات الفضائية الدولية، المعروفة باسم "ISSDC"، هي مسابقة سنوية يتم دعمها من قبل العديد من منظمات الفضاء والهندسة والتعليم، وخاصة وكالة ناسا، وهي مسابقة مخصصة لطلاب المدارس الثانوية.

 

#غزة #ناسا #فلسطين #فلك #فضاء