شبكة قدس الإخبارية

الأسير المضرب علاء الأعرج: توّاق لكلمة (بابا) من نجله الوحيد

240736084_4287017511354110_9124480324072904502_n
هند شريدة

ربما كان سيكون جرّاحاً لو لم يعتقله الاحتلال أكثر من مرة، ويشوّش عليه سنته النظامية في الطب، قضاها في جامعة النجاح الوطنية، ما اضطره الى تحويل تخصصه، فكانت الهندسة المدنية نصيبه، التي مكّنته من حصاد لقب "بشمهندس" عقب دراستها.

تسع سنوات استغرقت الهندسة مع علاء، بفعل الاعتقالات العديدة التي طالته من الاحتلال، ومع ذلك تخرّج برتبة الأول على كلية الهندسة. لم يكن غريبا على علاء أن يكون في المقدّمة أكاديميا، فعدا عن إجازة تجويد القرآن التي نالها قبل أن يشبّ عوده، وقراءاته النهمة في الأدب والتاريخ والعلوم الدينية من حديث وفقه؛ حصل علاء على المرتبة الخامسة على مستوى الوطن، بمعدل 99.1% في الثانوية العامة. وهو الآن متعطل عن استكمال درجة الماجستير في هندسة المياه والبيئة في جامعة النجاح الوطنية.

يتحكم الاحتلال بعائلة الأعرج، وزوجته المهندسة أسماء، فمجموع ما عاشاه سويا لا يتعدى السنتين والنصف من أصل سبع سنوات متقطعة الوصال، أسفرت عن ولادة ابنهما (محمد). اعتقل الاحتلال علاء خمس مرات، مختطفا اياه رهن ما يسمى ب"الاعتقال الإداري"، حرمه فيها من حضور مناسبات حميمية تخصّه، أهمها ولادة ابنه (محمد)، وأخرى أليمة أدمت قلبه، كوداع والده، دكتور اللغة العربية في جامعة القدس، الأستاذ سميح الأعرج، الذي انتقل الى جوار ربه في 2018، وعلاء محتجز في سجن النقب الصحراوي.

أكثر ما أثار غضب علاء استخدام الاحتلال ميلاد طفله لتنغيص حياته، وشعور النصر الذي بدا على وجه المحقق، بعد أن فوّت فرصة علاء في أن يكون بجانب زوجته إبّان المخاض، فحَبَكَ المحقق مكيدة لإثارة غيظه وعرض صور طفله، والانتشاء بمشاهدته مريراً عاجزاً عن الفرح، الأمر الذي رفضه علاء بكل عنفوانه، قائلا: "لا أريد أن أرى صورة ابني البكر لأول مرة من خلالك."

ضُرِبَ علاء أمام ابنه محمد، الذي كان يتمرّن على منادته (بابا) بعد أن تعوّد على تسمية جده من أمه بهذا الاسم، لكثرة ما عاش عنده.

كان محمد قد بدأ لتوّه بالتعوّد على وجود أبيه، عندما اقتحمت قوّات الاحتلال بيتهم في نابلس في 30 حزيران للمرة الخامسة، وانهالوا بالضرب على والده أمام عينيه، ما حرم أسرته من حقها الإنساني والطبيعي، والعيش في كنف عائلة مُحِبّة مثل سائر البشر. كما ضيّع الاحتلال على علاء ممارسة حقه المدني والانتخابي للمرة الأولى في الإدلاء بصوته في انتخابات نقابة المهندسين التي أجريت مؤخراً.

يخوض علاء، ابن عنبتا، والبالغ 34 عاما، إضراباً عن الطعام لليوم 22 على التوالي، معزولاً في زنازين الجلمة، رافضا المدعمات وفي حالة صحية متردية للغاية، مع قرار بالحبس الإداري ستة شهور، قابلة للتجديد، واضعا نصب عينيه حريته، والحلم بغد أفضل يعيشه بكرامة مع زوجته أسماء وابنه محمد.

خطّ علاء رسالة لزوجته قبل أيام، يقول فيها:

"أشعر في كل يوم أنني اقترب من النصر أكثر. صحيح أن وزني ينزل بشكل متسارع وأكثر من المعتاد في الإضراب، ولكني أشعر أني بخير. ربما كان لزاما علي أن أكمل تصالحي مع الموت، فإذا كتب الله عز وجل وقضيت في هذا الاضراب، فعزائي أن أحرار شعبي كثر، وأنني لم أعش نذلا ولم أمت مطأطئ الرأس. وإن كتب لي البقاء فسيكون نصرا مدويا بإذن الله. سندي أنتِ، وذخري أنتِ وذخيرتي. تأكدي بأني سأكون بينكم قريبا."

أما عائلته، فتعيش الأسْر ذاته مع علاء، داعمة له في شقّ طريقه نحو الحرية، وتأمين حياة كريمة وحرّة لهم.

#الأسرى #علاء_الأعرج