شبكة قدس الإخبارية

خصومات "المقاصة": ما هي الخطوات المقبلة للسلطة؟

215567575_132483969010350_1893082937953545898_n

رام الله - خاص قُدس الإخبارية: أعاد قرار حكومة الاحتلال خصم مبلغ 597 مليون شاقل من أموال "المقاصة" الفلسطينية، التساؤلات حول التفاهم التي أعلنت السلطة في 17 نوفمبر/تشرين ثاني 2020 أنها عادت بناء عليه لاستلام أموال المقاصة، بعد انقطاع لشهور، احتجاجاً على سرقة الأموال ونية حكومة نتنياهو ضم الضفة المحتلة.

وأعلن وزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، حينها عن "عودة العلاقات مع إسرائيل" بعد تلقيه رداً من منسق أعمال حكومة الاحتلال في الضفة، كميل أبو ركن، يقول فيها إن "إسرائيل ملتزمة بالاتفاقيات الموقعة بين الطرفين".

قرار حكومة الاحتلال سرقة هذه المبالغ من أموال "المقاصة"، أثار مخاوف واسعة في المجتمع الفلسطيني حول قدرة السلطة على الالتزام بدفع الرواتب خلال الشهور المقبلة، وتساؤلات عن الخطوات المطلوبة لمواجهة القرصنة الإسرائيلية، وجدوى السياسة السابقة للسلطة في الرد على سياسة الخصومات.

في كلمة أمام اجتماع الحكومة، يوم أمس، قال رئيس الوزراء محمد اشتية إن مجموع ما خصمه الاحتلال من أموال المقاصة بسبب الالتزام بدفع رواتب الأسرى والشهداء، منذ عام 2019، بلغ حوالي 851 مليون شاقل.

اشتية أكد ما كان حذر منه باحثون وخبراء اقتصاديون، من أزمة مالية خطيرة تعيشها السلطة في ظل استمرار اقتراضها من البنوك لسد احتياجات دفع الرواتب، حيث قال: هذا الأمر (الخصومات من المقاصة) يضعنا في موقف مالي صعب، خاصة وأن أموال المانحين لم يصرف منها شيء هذا العام، ونحن مستمرون في تمويل قطاع غزة والقدس والمنطقة "ج"، التزاما منا تجاه أهلنا وحفاظا على مشروعنا الوطني ودولتنا فلسطين، ومن أجل الإيفاء بالتزاماتنا نضطر للاقتراض من البنوك، وهذا وضع غير طبيعي وغير مستدام".

من جانبه، يرى المحلل محمد أبو جياب أن إعلان حسين الشيخ الذي قررت بناء عليه السلطة استلام أموال المقاصة، كان يحمل "معلومات مضللة"، وأوضح: ما جرى هو عملية تقسيط للخصومات، بمعنى أن تكف "إسرائيل" يدها بالشكل الثقيل عن الأموال الفلسطينية، وأن تكتفي باقتطاعات جزئية ولا تمس بقدرة السلطة على تسهيل ودفع رواتب الموظفين وفاتورة النفقات.

وأضاف: ما يجري الآن هو تعميق الأداء الإسرائيلي الذي يأخذ شكل الابتزاز ضد السلطة، وقد نجحت الأخيرة في تطبيق بند من المطالب الإسرائيلية وهو عدم صرف رواتب الأسرى والجرحى والشهداء عبر البنوك، وبذلك جنبت النظام المصرفي العقوبات الإسرائيلية، لكنها في سياق آخر لم تحقق شيء على التعديل القانوني المتعلق بمخصصات الأسرى الذي يحدد حجم الراتب بناء على سنوات الاعتقال، وهو ما اعتبرته الولايات المتحدة جزء من "المشجعات على الإرهاب"، حسب وصفها.

وقال أبو جياب: عملية الخصم تأتي في سياق عدم معالجة السلطة لهذه القضية، وهنا قد تقع السلطة في المحذور بالتدخل في تقليص أموال ومساعدات الأسرى، وتعديلات على القانون المرتبط بحجم تخصيص الأموال للأسرى والمحررين.

واعتبر أن سياسة الاحتلال "ناجعة ضد السلطة"، وقال: تصريحات رئيس الحكومة اشتية عندما قال إن السلطة أمام وضع مالي خطير، وهو ما عبر عنه وزير المالية أيضاً، في ظل انسداد الأفق أمام السلطة الفلسطينية ووصلت إلى الحد الأقصى في الاقتراض من النظام المصرفي الفلسطيني، الأمر الذي يعرضه للخطر، وبالتالي لا يمكن أن يستمر هذا المصدر في تعويض الخصومات.

وأشار إلى تراجع التمويل الدولي والعربي بشكل كبير، وإلى انخفاض التمويل الأوروبي إلى الحد الأدنى حتى شهر أكتوبر المقبل.

وقال: اتوقع أن الانعكاسات للأزمة ستكون خطيرة للغاية وستمس قدرة السلطة على دفع الرواتب، ويمكن أن تعود أزمة الرواتب من جديد خلال الشهر المقبل، وستزيد نسبة حقوق واستحقاقات القطاع الخاص على السلطة وهذا سيرفع نسبة الدين العام.

وحول ماذا يتوفر بيد السلطة من وسائل للضغط على الاحتلال، قال: السلطة اتفقت مع "إسرائيل" على تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة، للبحث في بنود اتفاقية "باريس" الاقتصادية ومحاولة تعديل بعضها، على رأسها خفض نسبة العمولة التي تحصل عليها "إسرائيل" مقابل جباية أموال "المقاصة" من 3% إلى 1%، بالإضافة لتعديل المادة المتعلقة بضرورة إنشاء مؤسسة الضمان الاجتماعي لتتمكن السلطة من استلام مخصصات وأموال العمال الفلسطينيين لدى "إسرائيل".

وقال: اعتقد أن هذه اللجنة من أهم الأدوات بيد السلطة إذا ما توفرت الإرادة، يبقى كل ذلك مرهون برغبة الاحتلال الإسرائيلي إذا ما شاء أن يفعل ذلك.

يأتي قرار الخصومات، بعد تصريحات أمريكية وإسرائيلية، عقب معركة "سيف القدس"، عن نيتها دعم السلطة الفلسطينية اقتصادياً وتقوية وضعها، وقال وزير جيش الاحتلال، بيني غانتس، في تصريحات صحفية الشهر الماضي، إن "إسرائيل ستعزز التعاون مع السلطة الفلسطينية المعتدلة والتي تمثل الفلسطينيين في المنطقة وبدعم مهم من المصريين".

يرى أبو جياب أن الاحتلال الإسرائيلي "لا يعنيه كثيراً" دعم السلطة من منطلق تقوية قدراتها وإمكانياتها لخدمة الشعب الفلسطيني، وما يعنيه في هذا الموضوع هو "تأثير العلاقات الأمنية مع السلطة"، عبر التنسيق الأمني من أجل منع "كابوس" غزة أن ينتقل إلى الضفة، حسب وصفه، وأن يكون هناك مزيد من التعاون في مواجهة الفصائل الفلسطينية والحد من قدرتها من ممارسة نشاطها ميدانياً في الضفة والقدس.

وقال: ما يجري من إعلان إسرائيلي على ضرورة تقوية السلطة في مواجهة الفصائل والتجربة في غزة، يصطدم بالواقع الذي يقول إن "إسرائيل" تفعل ما يمكن ما فعله من أجل إضعاف السلطة وإبقائها على مستوى هيكل فارغ المضمون مسلوب الإرادة ومتحكم به عن بعد.

وحول هل كان بإمكان السلطة  بناء اقتصاد قوي لا يبقى رهين للاحتلال، أضاف: السلطة أفقدت الشعب الفلسطيني كثيراً من أوراق الضغط والقوة على المستوى الاقتصادي، اتفاقيات التجارة البينية مع مصر يمكن أن تخفض حجم الابتزاز الإسرائيلي في أموال المقاصة إلى نسبة 30%،  ولدينا اتفاقيات مع الدول العربية يمكن أن تساهم بشكل كبير في تجاوز العقبات الإسرائيلية.

وتابع: الأخطر من ذلك أن السياسات الاقتصادية للسلطة التي تتعلق بحماية الانتاج الوطني ودعم المشاريع المحلية، بوصفها واحدة من أسس الاعتماد على الذات، كانت غائبة طوال السنوات الماضية، بل عززت السلطة سلوك الاستهلاك من منطلق رفع مستويات الإيرادات عبر المقاصة، كنا نسمع أنه كلما زادت أموال المقاصة صرح المسؤولون بصورة سعيدة وفخورة أن مزيد من الإيرادات تصل وأن هذه مؤشرات إيجابية، للأسف هذه مؤشرات إيجابية على مستوى الحصول على الأموال النقدية المباشرة، لكنها على مستوى الاستراتيجي كانت أخطر الأدوات التي تسلمتها إسرائيل للضغط على الشعب الفلسطيني.

وفي السياق، قال القيادي في حركة فتح، منير الجاغوب، إن قرار الاحتلال مصادرة مبالغ من أموال المقاصة "بلطجة وزعرنة إسرائيلية".

وأضاف: "إسرائيل" حتى هذه اللحظة تدفع للإسرائيليين الذين قتلوا الفلسطينيين في حروبها، فهي تحلل لنفسها ما تحرمه على الفلسطينيين، وهذه القضية بحاجة لوقفة وطنية فلسطينية.

وتابع: لا يكفي أن تكون السلطة لوحدها في مواجهة الاحتلال في هذه القضية، يجب أن تندلع هبة شعبية تشارك فيها كل الفصائل وعائلات الشهداء والأسرى والجرحى وقطاعات الشعب الفلسطيني، ضد هذه الخصومات، هذه أموال الشعب الفلسطيني و"إسرائيل" تأخذها عنوة.

وأردف قائلاً: نعمل على تنسيق خطوات لتنظيم تصعيد شعبي ضد سرقة الاحتلال للأموال الفلسطينية.

وحول هل تتعارض هذه الخصومات مع التفاهم الذي أعلن عنه حسين الشيخ، قال: لا أعلم ما تفاصيل التفاهم، لكن موضوع الخصم قرصنة و"إسرائيل" دائماً مارست هذه البلطجة على الشعب الفلسطيني ويجب وضع حد لها.

وأضاف: موضوع الخصومات جزء من المواجهة بين الاحتلال مع الشعب الفلسطيني والحركات الفلسطينية الوطنية والإسلامية.

من جانبها، قالت حركة حماس على لسان الناطق باسمها، حازم قاسم، إن قرار حكومة الاحتلال بمصادرة جزء من أموال المقاصة الخاصة بالشعب الفلسطيني "جريمة سطو تؤكد السلوك الإرهابي للاحتلال"، واستهداف للأسرى وعائلات الشهداء باعتبارهم رموز الشعب الفلسطيني

ودعا قاسم، في تصريح صحفي،  قيادة السلطة إلى "اتخاذ موقف واضح ردا على هذه الجريمة، ومغادرة مربع الصمت تجاه تصاعد العدوان الصهيوني، وأن تتخلى عن وهم تجديد العلاقة مع الاحتلال".

وأضاف: "قيادة السلطة مطالبة بالتراجع عن قطعها لرواتب الأسرى وعائلات الشهداء، والمبادرة بصرف مستحقاتهم كجزء من ردها على قرار الاحتلال بحجز الأموال"، حسب وصفه.

 

#غزة #السلطة #الاحتلال #حماس #إسرائيل #فتح #الفصائل #الضفة #التنسيق الأمني #حسين الشيخ #اشتية #المقاصة #المنسق