شبكة قدس الإخبارية

القمع بلباس مدني.. أفعال عصابات بقرار سياسي

edadca1b1378dcad08d8c4c530242c3a

 

رام الله - خاص قدس الإخبارية: في أعقاب اغتيال الناشط والمعارض السياسي نزار بنات أثناء عملية اعتقاله من أجهزة الأمن الفلسطينية، خرجت مظاهرات ومسيرات، بدعوى من القوى الشعبية والحِراكات والمؤسسات الحقوقية، تنديدًا بمقتل بنات والاغتيال السياسي، مطالبة بتغيير رؤوس النظام الفلسطيني باعتبارهم المسؤولين بشكل أساسي عن اغتياله. 

 لم يدرِ الشارع الفلسطيني المنتفض في رام الله أن قوات الأمن الفلسطينية التي تمركزت أمامهم تخفي خلفها عناصر أمنية بلباس مدني، مستعدة لقمع المسيرات والانخراط بين المتظاهرين والاعتداء على الصحافيين والصحافيات وسرقة هواتفهم، أمام أعين العدسات. 

عناصر أمن بلباس مدني.. نقض التعهدات السابقة

في عام ٢٠١٢، وخلال احتجاج الفلسطينيين على زيارة نائب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي آنذاك شاؤول موفاز لرام الله، اعتدت أفراد من أجهزة الأمن الفلسطيني بلباس مدني على الفلسطينيين، مستخدمين العصي والقبضات، وسط نأي بالنفس من جانب رجال الشرطة. 

ولاحقًا في عام ٢٠١٧، قمعت الأجهزة الأمنية الفلسطينية من خلال عناصر أمن بلباس مدني وقفتين رافضتين لمحاكمة الشهيد باسل الأعرج ورفاقه أمام المحاكم الفلسطينية، في رام الله وبيت لحم، وفي أعقابها تشكلت لجنة تحقيق حول القمع أفضت إلى ثبوت جريمة استخدام العنف والقمع من قبل الأمن، وأوصت بمعاقبة ضبّاط في الأجهزة الأمنية، وهو ما تعهدت به حكومة رامي الحمدالله آنذاك، بتنفيذ التوصيات، وضمان عدم تكرار هذه الأساليب القمعية.

ورغم هذه التوصيات والتعهد الحكومي بإنفاذها، عاد القمع ومن خلال عناصر أمنية بلباس مدني في المسيرات الأخيرة، وبحسب رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك فإن هذا يعني "أنه لم يتم الأخذ بالتوصيات بشكل صحيح، والدليل أنه عندما تتوتر الأمور تتم العودة إلى هذه الممارسة، ما يشير إلى أنه لم يتم اعتماد هذه التوصيات، ولم يتم إدخالها في الأوامر والتعليمات المستدامة لأجهزة الأمن". 

ويؤكد دويك في حديث لـ "شبكة قدس" على أن هذه الممارسة مخالفة للقانون ولمدونة سلوك استخدام القوة، وأيضا فيها خطورة تعرض السلم الأهلي الفلسطيني للخطر.

ويضيف: "سبق أن طالبنا لأكثر من مرة بما في ذلك لجان التحقيق التي شاركنا فيها، بحظر بشكل مطلق قيام أشخاص بالزي المدني بالتعامل مع أي مظاهرات، وترك ذلك للشرطة بالزي الأزرق يتعاملون وفق مدونات استخدام القوة".

ويشير رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان إلى أن أغلب هذه الحالات تكون بقرار سياسي، ومستوى سياسي معين هو الذي شارك في اتخاذ هذه القرارات وليس قرارا أمنيا صرف، مؤكدًا: "وهذا كله يحتاج مراجعة ووقفة والتزاما بالتوصيات وقواعد استخدام القوة والأصول السليمة في التعامل مع التظاهرات". 

وبحسب دويك، فقد شارك في الاعتداء على المتظاهرين أفراد ليسوا من أجهزة الأمن ولكن مقربين منها أو لهم صفة تنظيمية، وهذه كلها ممارسة خطيرة وموجودة في الدول القمعية، ونحن كفلسطينيين هذا سلوك لا يعكسنا ويجب أن يتوقف. 

 ويحمل رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المسؤولية لمن يصدر أمر الاعتداء وليس فقط من ينفذ، مطالبًا بوقف هذه الظاهرة بشكل كامل. 

وتجدر الإشارة إلى أننا في "شبكة قدس" حاولنا الاتصال أكثر من مرة بالناطق باسم الأجهزة الأمنية طلال دويكات لاستبيان رد الأجهزة حول مخالفة التوصيات والتعهدات، ولم نحصل على رد، وتفسح الشبكة المجال للرد عبر موقعها، وتوضيح موقف الأجهزة الأمنية.

 الاعتداء بلباس مدني.. "طريقة العصابات"

في حديثه لـ "شبكة قدس"، يرى المختص في الشأن القانوني وأستاذ القانون عصام عابدين وجود أشخاص يعتدون على الناس في الشوارع ويسحلونهم أمام ناظر الجهاز الرسمي، ترقى لـ "أعمال عصابات، نحن أمام مستنقع فساد، والمشاهد التي نراها أمامنا ليست سلطة أو دولة، وبالتالي نحن أمام مشاهدات نتيجة انهيار شامل كامل حاصل في النظام السياسي أمام الغياب الكامل للسلطات والمساءلة والمحاسبة".

ويشير إلى ما ينصه القانون الأساسي الفلسطيني وقانون الاجتماعات العامة الفلسطيني رقم (١٢) الصادر سنة ١٩٩٨ باحترام كامل للحقوق والحريات، ويكون جهاز الشرطة بلباسه الرسمي، الجهة المكلفة بحماية التجمع، وأن ما حدث من استخدام للقوة المفرطة في المسيرات، والاعتداءات على الصحفيين والمتظاهرين، من أشخاص بلباس مدني مخالف لهذا كله. 

وبينما حاولت بعض الشخصيات في الأجهزة الأمنية والسلطة الفلسطينية ربط المظاهرات بـ"المؤامرات والمحاولات الانقلابية"، يقول عابدين: عندما نكون أمام مواطنين غاضبين، يطلقون شعارات هي أمر طبيعي، ويعبرون عن سوء السلطة العامة وسوء أدائها، الموضوع ليس شخصيا، والكلام بوجود تفوهات على الأجهزة وغيرها لا يتم التعامل معه بالسحل في الشوارع. 

ويرجع المختص في الشأن القانوني إلى قانون الخدمة الفلسطيني، وأن القوانين الفلسطينية تسمح للواء في الأجهزة الأمنية بثلاث سنوات خدمة في منصبه، وتمديد سنة واحدة، لكن "معظم رؤساء الأجهزة الأمنية انتهت خدمتهم"، مضيفًأ: "بالتالي نستطيع القول إننا أمام جرائم ممنهجة، حيث تكون الأجهزة الأمنية متورطة في هذا الموضوع، ويصبح القضاء والنيابة العامة أداة للنيل من حريات المواطنين وكرامة المواطنين". 

في ظل غياب المحاسبة.. من يُنفذ القانون؟ 

وفي قراءة لما تشهده الساحة الفلسطينية داخليًا، يقول عابدين: ينبغي رؤية الأمر في ضوء المشهد الكامل، هناك من يدير نظام سياسي يرفض إرادة الشعب في الامتثال للانتخابات، وهناك انهيار في السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهناك بضعة أشخاص يديرون البلد، و"هم الخصم والحكم في آن واحد". 

ويرى الخبير القانوني أن تحويل المتظاهرين للنيابة والقضاء، وإجراء محاكمات جزائية بحقهم على حساب حقوقهم الدستورية بالتظاهر والتعبير عن الرأي، يعني أن أجهزة العدالة أصبحت "أداة لامتهان كرامة وحقوق الناس"، مستنكرًا: "في المقابل لا يتم أي مساءلة لأشخاص بلباس مدني يعربدون في الشوارع". 

وفي السياق ذاته، وبينما طالبت عائلة بنات بتوقيف المشاركين في عملية الاغتيال البالغ عددهم 27 عسكريا من الأمن الوقائي لدى جهاز الاستخبارات العسكرية ومحاكمتهم محاكمة علنية، كانت مصادر مطلعة لـ "شبكة قدس" قد كشفت، في وقت سابق، رفض الأمن الوقائي في الخليل إخضاع عناصره لأي تحقيق بخصوص اغتيال نزار بنات. 

#الأجهزة_الأمنية #نزار_بنات