شبكة قدس الإخبارية

اغتيال نزار بنات.. ماذا يعني التوجه للمحاكم الدولية؟

1-553-730x438
نداء بسومي

فلسطين المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: لم يلقَ اغتيال الناشط الفلسطيني المعارض نزار بنات، يوم الخميس ٢٤ حزيران ٢٠٢١، استكارًا فلسطينيًا فحسب، بل امتد ليشمل ردود فعل دولية، نددت بجريمة الاغتيال وطالبت بإجراء تحقيق كامل ومستقل وشفاف فورًا في واقعة اغتيال بنات، والإعراب عن تخوفات من تضييق الحريات الذي تمارسه السلطة الفلسطينية، خاصة بعد موجة من الاعتقال السياسي شهدتها الضفة الغربية بعد تأجيل الانتخابات التشريعية. 

وفي الأثناء، ووسط ضغط شعبي وتوالي ردود الأفعال الدولية، أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية تشكيل لجنة تحقيق في قضية اغتيال بنات، وهو ما فتح الباب واسعًا على جدية هذه اللجنة، بعد تاريخ حافل من لجان التحقيق بـ "صفر إنجاز"، سيّما وأن ذات الجهة التي شكلت لجنة التحقيق، هي ذات الجهة التي اعتقلت بنات وتوفي لأسباب "غير طبيعية" بينما هو في يدها، وفق تقرير الطب الشرعي لدى لجنة الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان. 

وفي سياق هذه المعطيات، بدأت تتبادر تساؤلات حول تبعات ردود الأفعال الدولية، وهل يمكن أن تشكل ضغطًا جديًا على الحكومة الفلسطينية لكف إجراءات القمع وإجراء تحقيق مستقل، وما إمكانية رفع قضية الاغتيال السياسي الذي أعيد إلى الواجهة عُقب اغتيال الناشط الفلسطيني المعارض نزار بنات؟ 

السكوت عن الجريمة شراكة فيها 

في سياق لافت، كان الاتحاد الأوروبي، أحد أهم الداعمين الماليين للسلطة الفلسطينية، من أوائل الجهات الدولية التي أعلنت عن استنكارها، وتبعها لاحقًا، إعراب وزارة الخارجية الأمريكية، التي لم يجف بعد لقاء وزيرها أنتوني بلينكن مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل شهر، "عن مخاوف جدية بشأن القيود التي تفرضها السلطة الفلسطينية على ممارسة الفلسطينيين لحرية التعبير ومضايقة نشطاء ومنظمات المجتمع المدني".

في حديثه لبرنامج "حوار قدس"، يقول مدير مجموعة محامون من أجل العدالة المحامي مهند كراجة إن المجتمع الدولي بات يعي أن من يدعم الأجهزة الامنية بقمعها ضد المتظاهرين وحقوق الإنسان ممكن أن يتعرض لمساءلة جنائية أمام المحاكم الدولية، مضيفًا: "الدول الأوروبية وكل من يدعم الأجهزة الأمنية يعلمون أنهم قد يكونون شركاء بجرائم ضد الإنسانية وحقوق الإنسان". 

ووسط الضغط الشعبي والحقوقي الذي قد يتصاعد في الدول المانحة للسلطة الفلسطينية، يتوقع كراجة أن ردود الفعل الدولية ستكون لها تبعاتها على السلطة الفلسطينية خلال المرحلة القادمة، حيث ستشهد تغيرًا في الكثير من الرؤى للدول الأوروبية التي تدعم الأجهزة الأمنية. 

الاغتيال السياسي ومحكمة الجنايات الدولية

وبعد توقيع السلطة الفلسطينية لاتفاقيات حقوق الإنسان ودخولها محكمة الجنايات الدولية، يرى المحامي كراجة أن يتوجه فلسطينيون للمحاكم الأوروبية والدولية لمحاسبة أشخاص متنفذين في السلطة بتهمة ارتكاب جرائم ضد حقوق الإنسان، ما يجعلهم مطاردين دوليًا، مضيفًا: "كنا نتمنى أن تكون لدينا نيابة وقضاء مستقلين يعملان على إصدار فورًا مذكرة استدعاء لـ ٢٧ عنصرًا نفذوا الجريمة، لكن في ظل عدم وجود ذلك فهو يصنع لنا- كحقوقيين ومؤسسات حقوقية- مبررًا للتوجه إلى المحاكم الدولية". 

ويتابع مدير مجموعة محامون من أجل العدالة: "لطالما توجهت مؤسسات المجتمع المدني والهيئات المستقلة وحقوق الإنسان إلى المحاكم الدولية لفضح جرائم الاحتلال، لكن اليوم في ظل الاستمرار في هذه الحالة والذهاب إلى مرحلة جديدة ليس فقط القمع والاعتقال السياسي بل الاغتيال السياسي؛ سيدفع مؤسسات المجتمع المدني إلى عدم الثقة بالنيابة العامة والقضاء وبالتالي التوجه للمحاكم الدولية لمحاسبة هؤلاء المجرمين". 

بدوره، يشير الخبير والمختص في الشأن القانوني ماجد العاروري، إلى أن محكمة الجنايات الدولية تستطيع فرض ولايتها على أعضائها ومن ضمنهم فلسطين، خاصة إذا لم تقم الجهات القضائية والقانونية في فلسطين بدورها الكامل في قضية اغتيال بنات، ولم تستنفِذ الوسائل القضائية الداخلية والوطنية وتقوم بملاحقة الأشخاص الذين ارتكبوا بعض الجرائم الواقعة ضمن اختصاص محكمة الجنايات الدولية. 

ويوضح العاروري في حديث لـ "شبكة قدس" أنه في حال تبيان حقيقة وقوع هذه الجريمة فمن شأنها أن تصدر المحكمة أوامر تتعلق باتخاذ إجراءات قضائية أو توقيف الأشخاص الذين مارسوا أو نفذوا أو غطوا على هذه الجرائم، وتجعلهم عرضة للمحاكمة أمامها، مع الأخذ بعين الاعتبار أن فلسطين أصبحت جزءًا من الانتربول؛ وبالتالي يمكن ملاحقة أي جهة متورطة ولم تجرِ ملاحقتها على المستوى الفلسطيني. 

ويقول العاروري إن "فلسطين انضمت للمحكمة لملاحقة الاحتلال ومجرمي الحرب، ولا أعتقد وجود رغبة شعبية لأن تكون محكمة الجنايات هي الجهة التي تحاسب، وأتمنى أن تكون المحاسبة على المستوى الوطني، ولكن إذا بقيت حالة الرفض لهذا الموضوع، لا يستطيع أحد أن يمنع الضحايا من التوجه إلى أي مسار دولي لملاحقة المجرمين". 

ولتجنب الذهاب لهذه الخطوة، يرى الخبير القانوني ضرورة مسارعة السلطة في الإجراءات، مستدركًا: "ولكن للأسف الطريقة التي يتم الحديث عنها، ولجنة تحقيق، ليست إجراءات جنائية حقيقية، وأعتقد أن وزير العدل أكثر الأشخاص إدراكا لهذا البعد، وكان عليه أن يرفض تشكيل لجنة، ويصمم على محاكمة الأشخاص محاكمة علنية في المحاكم الفلسطينية المختصة، والمباشرة في التحقيق فورًا، إلا إذا كانت السلطة تعتقد عدم وقوع جريمة قتل حتى اللحظة". 

وفي ملف ردود الفعل الدولية، عادت التنديدات الدولية مرة أخرى يوم السبت ٢٦ حزيران ٢٠٢١، في أعقاب قمع أجهزة الأمن بلباس مدني واعتدائهم على الصحفيين والمتظاهرين في عدة مدن فلسطينية احتجاجًا على اغتيال الناشط والمعارض الفلسطيني نزار بنات، وهو ما أكده مكتب الأمم المتحدة في رام الله بأنه شهد "استخداماً وحشياً للقوة ضد المتظاهرين كما شهد منع عمل الصحفيين ومنظمات حقوق الإنسان". 

 

 

 

#محكمة #اغتيال #اشتية #قضاء #الأجهزة_الأمنية #نزار_بنات #لجنة_تحقيق