شبكة قدس الإخبارية

بعد معركة "سيف القدس": ما الذي اختلف على "مسيرة الأعلام" عن الأعوام الماضية؟

202545406_353878842874044_7419723288590639915_n

القدس - خاص قُدس الإخبارية: لم تعد "مسيرة الأعلام" نشاطاً سنوياً ينفذه المستوطنون في مدينة القدس المحتلة، مع ما رافقه طوال السنوات الماضية من عربدة وإيذاء للفلسطينيين في البلدة القديمة خاصة، بل تحولت هذا العام إلى عبء على حكومة الاحتلال التي أجبرت على تأجيلها ثم عادت وحشدت قوات عسكرية كبيرة لتأمين مسيرها بعد تقليصه.

اتخذ الاحتلال إجراءات أمنية وعسكرية كبيرة لتأمين "مسيرة الأعلام"، حيث حشد أكثر من 2500 عنصر شرطة في المدينة عدا عن ضباط وعناصر "الشاباك" الذين انتشروا في المحيط ونفذوا اعتقالات بحق الفلسطينيين، وهو ما يشير إلى أن المعادلات بعد معركة "سيف القدس" لم تعد كما كانت سابقاً، كما يؤكد محللون ومراقبون.

ورغم إقامة المسيرة إلا أن المخاوف الأمنية والعسكرية أجبرت الاحتلال على تقليص مسارها، وعدم السماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى المبارك، كما أن أعداد المشاركين فيها تقلصت بشكل كبير عن الأعوام الماضية، وهو ما يؤكده أهالي القدس المحتلة.

ويرى الباحث في جمعية الدراسات العربية في القدس، مازن الجعبري، أن تنظيم "مسيرة الأعلام" كان في جانب منه "لأهداف سياسية" تتعلق بالتجاذبات الداخلية في دولة الاحتلال بين معسكر بنيامين نتنياهو في مقابل نفتالي بينت.

وقال: الجماعات الاستيطانية التي دعت للمسيرة مؤيدة لنتنياهو، وكان لديها غضب من بينت الذي اعتبرته "خائناً" لأنه تحالف مع يائير لابيد، لذلك سعوا لتنظيم المسيرة نكاية فيه، ولاحظنا أنهم رفعوا لافتات شكر لنتنياهو على قراره تنظيم المسيرة.

وأكد الجعبري أن أعداد قليلة من المستوطنين شاركت في المسيرة مقارنة بالأعوام الماضية، وقد حشد الاحتلال ثلاثة جنود لحماية كل مستوطن، واكتفوا بالوقوف في ساحة باب العامود.

واعتبر أن ما جرى في القدس يوم أمس، يؤكد أن "القدس ليست عاصمة إسرائيلية لا التاريخية ولا الطبيعية، بعد أن اتخذ إجراءات أمنية لتنظيم مسيرة في مدينة يعتبرها عاصمته".

وأشار إلى المواجهات العنيفة التي اندلعت في أكثر من منطقة بالقدس المحتلة، رغم الحصار الذي فرضه الاحتلال على البلدة القديمة والشوارع المحيطة بها، وأضاف: "لاحظنا أن الجنود لديهم خوف من التصعيد خشية أن تنفجر الأوضاع في منطقة القدس، لكن كان لديهم قرار أن ينظموا المسيرة لأن الحكومة الحالية وجدت نفسها أمام تحدٍ كي تثبت لليمين أنها ما زالت مخلصة للمبادئ".

واعتبر الجعبري أننا أمام "معادلة جديدة" في القدس منذ 2015، خاصة بعد هبات 2017، و2019، وهبة رمضان الماضي، وقال: الاحتلال أخطأ في التقديرات برمضان بعد أن حاول قائد شرطة الاحتلال الجديد إثبات معادلات جديدة بإغلاق باب العامود، لكنه فشل وأجبره المقدسيون على إعادة فتح المنطقة.

وتابع في حديث مع "شبكة قدس": معادلات أخرى فرضت في القدس حيث توسعت المواجهات إلى عناوين أخرى، مثل حي الشيخ جراح، وسلوان، وباب العامود، وقد ترسخت هذه المعادلات في القدس خاصة بعد دخول فلسطيني الأراضي المحتلة عام 1948 والمقاومة في قطاع غزة، وأصبح الاحتلال مجبراً على التعامل مع هذه المعطيات عند اتخاذ أي قرار يتعلق بالقدس.

وقال: في القدس موجات مستمرة من الهبات الشعبية لم تتوقف منذ سنوات، لكنها لم تقود إلى انتفاضة شعبية نتيجة الظروف في غزة والضفة، لذلك فإن الظروف لم تسمح باندلاع الانتفاضة، لكن هذه الهبات رسخت معادلات جديدة، أهمها برأيي دخول أهالي الداخل المحتل في المواجهة، لذلك ستتواصل هذه الهبات حتى يصل الشعب الفلسطيني إلى نقطة يكون قادر على القيام بانتفاضة شاملة تشمل مناطق مختلفة ليس فقط في القدس والضفة.

من جانبه، يؤكد الكاتب راسم عبيدات أن المعادلة فيما يتعلق بمسيرة الأعلام هذا العالم اختلفت عن الأعوام الماضية، ويقول: في الأعوام الماضية كانت المسيرة تنطلق من شارع الملك سليمان إلى باب العامود ثم البلدة القديمة، ويمارس زعران المستوطنين العربدة على الفلسطينيين، بعد أن يجبر الاحتلال أصحاب المحلات التجارية على إغلاقها، دون أن يواجهوا أي رادع يمنعهم من الاستمرار في الانتهاكات والاعتداءات بحق المقدسيين.

وأضاف في حديث مع "شبكة قدس": كما أن عدد المستوطنين في المسيرة خلال الأعوام الماضية كان يفوق 60,000، بينما في هذا العام فإن الاحتلال أجبر على تأجيلها أكثر من مرة، ولم يشارك فيها سوى مئات المستوطنين، وسط انتشار مكثف لعناصر الشرطة ومشاركة وحدات المخابرات والخيالة وغيرها.

وأكد أن المعادلة الجديدة وقواعد الاشتباك جاءت بفضل "معركة سيف القدس"، التي ربطت وحدة المصير والمسار بين غزة والقدس، وقال: سابقاً كانت الحروب تجري وفقاً لظروف وقضايا متعلقة بالقطاع، لكن هذه المعركة دخلتها غزة دفاعاً عن القدس والأقصى وحي الشيخ جراح.

وتابع: في هذه المسيرة كان لدى الاحتلال رعب وخوف ليس فقط من التحذيرات الأمنية عن احتمالية اندلاع مواجهات في المدينة، لكن نظراً لتهديدات المقاومة بالدخول في معركة جديدة، وتصريحات الأمين العام لحزب الله أن المساس بالقدس قد يؤدي لحرب إقليمية.

وأشار عبيدات إلى أن الجيل الذي شارك في مواجهة المسيرة بالقدس، يوم أمس، هو جيل بعد "كارثة أوسلو"، حسب وصفه، وأوضح: هذا الجيل كسر حاجز الخوف واشتبك مع شرطة الاحتلال من نقطة الصفر، ولديه إرادة لمقارعة ومقاتلة الاحتلال وعدم السماح له بحرية الحركة، ورغم كل عمليات الإغلاق والتحشيد الأمني وعدم السماح للفلسطينيين بالوصول إلى باب العامود، إلا أن الشبان اشتبكوا مع الاحتلال وتصدوا لزعران المستوطنين، وهذا هو الفارق بين مسيرة العام عن الأعوام الماضية، حيث التحدي وإرادة المواجهة ارتفعت كثيراً لدى الفلسطينيين.

وأكد عبيدات أننا أمام "معادلة جديدة في القدس"، وأضاف: بعض المنبطحين لا يريدون أن تتكشف عوراتهم ولا أن يروا الفارق بين مسيرة العام والأعوام الماضية، حتى لا يقولوا إن المقاومة انتصرت وينكشف عجزهم، وأن مشروعهم قد سقط.

وأردف قائلاً: التحدي والإصرار على المقاومة التي تجري بشكل يومي في القدس، والاتكاء على المقاومة لديها قاعدة ارتكاز لأول مرة على أرض فلسطينية، هذا بحدث ذاته خلق قواعد اشتباك جديدة في القدس، والتغييرات التي جرت في القدس والداخل تشير إلى عمق الأزمة لدى الاحتلال.

وحول كيف يمكن للفلسطينيين الاستفادة من النجاحات المرحلية في معركة المستقبل، قال: استطعنا إدارة المعركة سياسياً وعسكرياً وإعلامياً بشكل جيد، واختراق سيطرة اللوبي الصهيوني على العالم، عندما تخرج المسيرات الضخمة في لندن ونيويورك وغيرها فهذا إنجاز كبير، ولذلك المهم كيفية استثمار معركة "سيف القدس" سياسياً.

وأضاف: بعد انتفاضة الحجارة أقدمت منظمة التحرير على الاستثمار المسترع للانتفاضة، وقادتنا إلى كارثة أوسلو مما أدى لانقسام الشعب الفلسطيني إلى معازل متعددة، وقد أعادت معركة القدس توحيد الوطن الفلسطيني، وعلينا أن نعمل يكون لدينا وحدة حقيقية بين كل مكونات شعبنا، وأن نعيد بناء برنامج وطني يشارك فيه الفلسطينيون في الداخل والخارج، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل منطقة.

 

#غزة #نتنياهو #مواجهات #القدس #الضفة #مقاومة #الداخل #هبة #لابيد #بينت #مسيرة الأعلام