شبكة قدس الإخبارية

عن الدور المصري في ملف الإعمار.. مصالح متعددة جاءت بها الحرب

24729293

 

خاص شبكة قدس الإخبارية: يتضح من الحراك السياسي الذي زادت وتيرته بعد معركة "سيف القدس" أن كل الأطراف تحاول الاستفادة من نتائج المعركة التي شكلت تحولاً مهماً على مستوى العلاقات والاعتبارات التي يُبنى على أساسها السلوك السياسي للأطراف ذات العلاقة. 

ويبدو ملف إعادة الإعمار من أكثر الملفات أهمية في أجندة الجميع، السلطة والفصائل ومصر، فبينما ترى السلطة أن معركة الإشراف على الملف لها وجه سياسي لا يمكن إغفاله، ويحقق لها حضوراً وتمثيلاً سياسياً أمام الإقليم والعالم، تحاول مصر إزاحة الستار السياسي عن الملف.

ويمكن تعزيز الافتراضات السابقة من خلال تصريحات المسؤولين من كل الأطراف، فبينما تؤكد السلطة الفلسطينية على لسان رئيس وزرائها محمد اشتية بأن ملف الإعمار يجب أن يحدده مسار سياسي تحت إشراف الحكومة، ترى مصر أن الموضوع يجب أن يبقى بعيداً عن التجاذبات السياسية الداخلية.

وتقول المصادر لـ"قدس الإخبارية" إن مصر مندفعة بقوة باتجاه إعادة الإعمار، وقد أوفدت مهندسين ومعدات وبدأت خطوات عملية حتى قبل رسم خارطة طريق للملف ككل، يضاف إلى ذلك استئثارها بتوريد المواد الخام الخاصة بالبناء مثل الأسمنت والحديد والصلب وغيرها من مستلزمات عملية إعادة الإعمار.

وبحسب المصادر فإن جميع مواد عملية إعادة الإعمار سيتم إدخالها من الجانب المصري وهي خطوة  مختلفة عن الآليات التي كان يُعمل بها سابقا بعد الحروب والجولات السابقة، وهو ما سيفتح المجال نحو الاستيراد من مصر بشكل أكبر.

وستشارك الشركات المصرية وطواقمها في الإشراف والعمل ببعض المشاريع التي توصف بـ"الاستثنائية"، وقد كان المقترح الأساسي من طرف المصريين أن تتولى طواقم مصرية كافة الجوانب العملية والإشرافية في المشاريع، لكن ذلك لم يرق للقطاع الخاص الفلسطيني، الذي رأى أن دورا مهما يجب أن يكون له في العملية.

مساء الأحد 13 يونيو 2021، وصل وفد هندسي مصري جديد لعقد سلسلة من اللقاءات في قطاع غزة مع الجهات الفنية ذات العلاقة في الحكومة بغزة إلى جانب اتحاد المقاولين الفلسطينيين للبدء في عملية إعادة إعمار القطاع بعد زيارة مماثلة جرت للقاهرة من قبل وفد فلسطيني عاد للقطاع قبل يومين.

وعلمت "قدس الإخبارية" أن الزيارة الأخيرة للوفد الفلسطيني إلى القاهرة شهدت نقاشاً ومفاوضات على شكل التدخل المصري في القطاع بعد رفض اتحاد المقاولين أن تتم إعادة الإعمار فقط من خلال شركات مصرية وأيدي عاملة غير فلسطينية على حساب العمال بغزة.

ويبدو أن اشتباك المصالح بين السلطة ومصر كان سببا في التوتر الذي رشحت معلومات حوله، بينما تناور الفصائل الفلسطينية الأخرى ومن بينها حماس في التقاطعات هذه بين الأطراف المختلفة بما يضمن إعادة إعمار سريع للبيوت والمنشآت والمباني التي تهدّمت.

واعتبر الباحث وأستاذ الاقتصاد السياسي توفيق حداد أن أول ما يجب أن يتبادر للأذهان عند الحديث عن إعادة إعمار غزة هو المليارات التي يتم تخصيصها لهذا الغرض، والتي تحاول أطراف عدة الاستفادة منها ومن بينها السلطة الفلسطينية ومصر، إذ أن الأخيرة تحاول أيضا أن تؤكد على دور سياسي فاعل في المنطقة بعد أن حولتها اتفاقيات التطبيع لطرف هامشي.

وأوضح في حديث لـ"قدس الإخبارية" أن الدور المصري في قطاع غزة مؤخرا له أبعاد عديدة، أهمها أن اتفاقيات التطبيع التي وقعتها "إسرائيل" مع دول الخليج أفقدت مصر بعض الامتيازات الاقتصادية سواء في موضوع الغاز الطبيعي أو الطاقة، وهي تحاول أن تسجل حضورا مميزا في الملف الفلسطيني للمحافظة على علاقة اقتصادية قوية بـ"إسرائيل"، والتي تبدو ستستغني عن خدمات مصر في المستقبل فيما يتعلق بإمدادات مصادر الطاقة وغيرها من الخدمات.

وقال إن عمليات الإعمار ما بعد الحروب عادة ما تتضمن صعودا لدور نخب ودول وهيئات، وهذا يفسر أيضا الحماسة المصرية للإشراف على الملف. ولأن قطاع غزة تحت حكم حماس لا يمكن لأي نخبة فيه أن تصبح وكيلا للاحتلال أو الولايات المتحدة الأمريكية، تحاول الأطراف المذكورة التواجد داخل هذا الحيز من خلال مصر مستعينين بها للضبط والسيطرة في ما يتعلق بقضايا قطاع غزة.

وبيّن أن مصر تحاول الاستفادة من ملف غزة أيضا لبناء علاقات مع الإدارة الأمريكية الجديدة، التي أكدّ رئيسها جو بايدن في عدة مناسبات على مبدأ محاسبة النظام المصري على انتهاكات حقوق الإنسان، والتنسيق في ملف غزة من شأنه أن يحدث فارقا في العلاقات بين الطرفين ويحسن من وضعها، بالإضافة إلى أن مرونة موقف الإدارة الجديدة تجاه الفلسطينيين مقارنة بموقف الإدارة السابقة ينعكس بدوره على شكل الموقف المصري من القضية الفلسطينية.

وشدد الباحث وأستاذ الاقتصاد السياسي حداد على أن حماس معنية جدا بإعادة إعمار غزة بشكل سريع، ووجود جهة تتولى الإشراف على الملف كمصر يسرّع من الخطوات العملية في هذا السياق، لأنه في المقابل قد يكون هناك مؤتمر خاص بالإعمار واستحداث آليات تخضع للنقاش ولبيروقراطية عالية قد تحد من هذه السرعة، بالإضافة لوجود أطراف كثيرة وهذا أيضا قد يعقد المسألة ويزيد من تشعباتها.

وبحسب حداد، يعتبر الإسرائيليون والأمريكيون أن الدور المصري في قطاع غزة مهم، وفي ملف إعادة الإعمار لا يمكن لهم أن يثقوا بأي هيئة محلية بسبب وجود وحكم حماس، الذي يمنع علاقات كهذه مع الاحتلال والأمريكيين، وتجاوز الحركة داخل غزة أمر مستحيل، وبالتالي هنا يجد الإسرائيليون ضرورة لوجود طرف خارجي يستعينون به.

 

#غزة #مصر #السلطة_الفلسطينية #إعادة_الإعمار #مصالح