شبكة قدس الإخبارية

"سلاح الطيران" صانع أكبر انتصارات "إسرائيل"... كيف فقد قدرته على حسم المعارك؟

فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: في حرب حزيران 1967 خطط جيش الاحتلال لشن ضربة استباقية "قاصمة" للجيوش العربية، من السماء، تمنحه المبادرة والسيطرة في الميدان العسكري على مختلف الجبهات.

بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي الحرب بتنفيذ عملية "موكد" بتوجيه ضربة من الطيران للطائرات العربية، لتدميرها على الأرض، باستخدام قنابل "ديبر" المخصصة لتدمير مهابط الطائرات.

في تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، يقول مؤرخ عسكري إن طياري سلاح الجو في جيش الاحتلال تدربوا على الخطة مراراً قبل الحرب، وإن العملية تسببت بخسارة مصر 239 من أصل 500 من طائراتها بما فيها قاذفات القنابل الاستراتيجية "توبوليف تو–"16 و"إليوشن أي إل–28 السوفيتية"، وخسرت سوريا ثلثي قوتها الجوية على الأرض، بينما فقد الأردن كل طائراته.

يقول الباحث رامي خريس، إن "عامل السرعة والمفاجأة" كان محورياً في العملية، وأوضح: على عكس الحملات الجوية التي تسعى ابتداءً لإخماد  أنظمة الدفاع الجوي، تجنبت المقاتلات الإسرائيلية مهاجمة منظومات سام-2، وركزت كل طاقتها لاستهداف مدارج الطيران ووظفت لأجل ذلك تكتيك الطيران المنخفض والحرب الالكترونية.

وتابع: "ما زال التفوق الجوي الإسرائيلي ركن الزاوية في المفهوم العملياتي الإسرائيلي وواحدا من التحديات المعقدة التي تواجه المقاومة في معركتها ضد إسرائيل".

بعد الحرب، اكتسب سلاح الجو في جيش الاحتلال سمعة كبيرة وعملت "إسرائيل" على أسطرته، وأصبح الركن الأساسي في حروبها بالمنطقة.

لكن سلاح الطيران سيصبح مع الوقت عقدة كما أنه عامل تفوق، في حرب 1973، اتبعت القوات المصرية والسورية تكتيكات لتحييد تفوق الطيران الإسرائيلي، وهو ما نجحت فيه بداية المعركة، عن طريق التقدم في المساحة التي تغطيها المضادات الأرضية والصواريخ المضادة للطيران، وتوجيه ضربات بالصواريخ المضادة للدروع للقوات البرية.

في الحروب اللاحقة التي خاضتها دولة الاحتلال مع قوى المقاومة في المنطقة، بعد خروج الجيوش الرسمية من المواجهة، فقدت "إسرائيل" قدرتها على حسم الحروب، وتعرض ذراعها البري لأضرار كبيرة على المستوى العملاني، ولم يعد سلاح الطيران وحده قادراً على حسم الحروب.

حرمت المقاومة جيش الاحتلال من توجيه ضربة حاسمة لقدراتها العسكرية والتقنية، عن طريق الانتشار الذكي في الأرض، واستغلال الجغرافيا في المعركة، ودخلت الأنفاق والمواقع الحصينة في عقيدتها العسكرية، لمواجهة تفوق الاحتلال على مستوى سلاح الطيران.

ووجه الاحتلال طيرانه إلى استهداف البنية التحتية والمدنية، بهدف إلحاق أضرار فادحة بالسكان، لإجبارهم على التخلي عن المقاومة والخروج عليها.

تآكل قدرة سلاح الطيران على حسم المعارك، ظهرت بداية ربما في حرب 2006 على لبنان، وكان حينها رئيس الأركان دان حالوتس قادماً من القوة الجوية، واعتقد في بداية الحرب أن القصف المكثف سيحقق ضربة قاصمة للمقاومة دون الحاجة لتوغل بري، وهو ما قاد إلى فشل عسكري واستراتيجي وسياسي إسرائيلي.

رفع حالوتس شعار أن "الحرب لا تكتسب على الأرض بل على الوعي، وسلاح الجو يحقق نصراً على وعي الخصم"، وما حصل في الحرب أن جيش الاحتلال بعد أن قصف جميع بنك الأهداف الذي كونه، استمر إطلاق الصواريخ من لبنان تجاه المدن المحتلة وتوسع مداها، ولم يتمكن سلاح الجو من تحقيق انتصار في الحرب، واضطر جيش الاحتلال لدفع قواته إلى داخل لبنان وخرجت بعد أن لحقت بها خسائر فادحة في الميدان والمعدات.

وفي فلسطين، فشل سلاح الطيران في حسم المعارك مع المقاومة الفلسطينية في غزة، رغم صغر مساحة القطاع وضعف إمكانيات المقاومة خاصة في عدوان 2008 - 2009، إلا أن إصرارها على تطوير قدراتها وبناء منظومة أنفاق تحمي قدراتها، جعل من الصعب القضاء على قوتها الأساسية، وبقيت تحارب طوال الوقت وتطور من نفسها.

معركة "سيف القدس" جاءت تتويجاً لفشل طيران الاحتلال في حسم الصراعات، فلم يتمكن من توجيه ضربة قاصمة لقدرات المقاومة في غزة، وركز على قصف الأهداف المدنية والمنازل، باعتراف طيار شارك في الحرب، قال إن قصف الأبراج السكنية كان للتنفيس عن الطيارين الذين فشلوا بمنع إطلاق الصواريخ.

في تقارير وتحليلات متعددة، يحذر جنرالات سابقون في جيش الاحتلال من أن انتشار الصواريخ بكثافة في أيدي أعداء "إسرائيل" بالمنطقة، شكل طوقاً عليها، وسيخلف إضراراً فادحة عليها وعلى المنشآت الاستراتيجية والحساسة فيها، وسيعطل سلاح الطيران ويمنعه من تحقيق انتصار أو منع الحرب في المستقبل.

 

 

#غزة #لبنان #مصر #إسرائيل #سوريا #المقاومة #الأردن #النكسة #الصواريخ #سلاح الطيران #حالوتس