شبكة قدس الإخبارية

في كوبر.. دارت الجرافات وجهها وعادت الحياة لبيت البرغوثي

155194066997800100
يامن نوباني

قبل 41 عاماً، في العام 1978، اقتحمت جيبات الاحتلال قرية كوبر شمال غرب رام الله (1500 نسمة آنذاك) وسلم ضابط احتلالي قراراً بهدم منزل الشاب الأسير عمر البرغوثي، بعد اتهامه بالقيام بأعمال مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. القرار لم ينفذ، لكن عمر بقي في الأسر لسنوات طويلة (28 سنة).

فجر يوم 17 نيسان 2019، اقتحمت أكثر من 30 آلية احتلالية وما يقارب الـ500 جندي كوبر، وحاصروا ذات البيت، مع اختلاف الضابط والجنود وحجم القوة، واختلاف القرية التي تحولت لبلدية وأصبح تعداد سكانها (6 آلاف نسمة).

خلال هذه السنوات الطويلة التي امتدت منذ 1978 إلى اليوم، وُلد في هذا البيت، عاصم وصالح عمر البرغوثي، عاصم (33 عاماً) دخل السجن 11 عاماً، ليفرج عنه في نيسان 2018،  قبل أن يعاد اعتقاله في كانون الثاني من العام 2019، بتهمة تنفيذه عملية فدائية استهدفت مجموعة من جنود الاحتلال قرب مفرق مستوطنة (جفعات أساف) شرق رام الله. بينما استشهد صالح (29 عاماً) بعد أن أعدمته قوة خاصة من جيش الاحتلال من مسافة الصفر على مفرق قرية سردا (واحتجزت جثمانه حتى اليوم)، في كانون الأولى من العام 2018، بتهمة تنفيذه عملية فدائية قرب مستوطنة "عوفرا" شرق رام الله برفقة شقيقه عاصم (33 عاما) الذي هدم منزله في مارس 2019.

على طول الطريق الواصل من مدخل كوبر وحتى بيت أبو عاصف البرغوثي، على بعد 2 كيلو متر، تمتلئ جدران المنازل والمحال التجارية والأسوار، بعبارات وهتافات وطنية تخص شهداء كوبر وأسراها.

في الطريق أيضاً، يصادفك على مدخل البلدة، ركام منزل الشهيد طارق دار يوسف (استشهد بتاريخ  26 تموز 2017)، وبقايا بعض الأعمدة التي ظلت صامدة، بعد الهدم الذي نفذته جرافات الاحتلال في آب 2018. 

كوبر شهدت في العامين الأخيرين، تصعيداً في العمل الوطني والمقاوم ضد الاحتلال، أدى إلى استشهاد شابين وهدم أربعة منازل واعتقال للعشرات من أبنائها.  وكان آخر جرائم الاحتلال وعقابه الجماعي فيها، هدم منزل الشهيد صالح البرغوثي (وهو جزء من بيت والده أبو عاصف) فجرا.

صور الشهداء صالح البرغوثي وأحمد جرار ومحمد دار يوسف والأسيرين عمر العبد وعاصم البرغوثي، علقت بين الركام، في تأكيد من المواطنين أن الشهداء والأسرى أحياء وأن شعبهم لن ينساهم.

والد الشهيد، أبو عاصف البرغوثي (62 عاماً) والذي استقبل العشرات من أهالي القرية يوم هدم منزله، بعزيمة قوية، قال من فوق الركام: حين طارد الاحتلال عاصم، واقتحم بيتنا أكثر من مرة بحثا عنه، سألني: أين يمكن أن يكون عاصم، فأجبته: كل بيت في فلسطين يمكن أن يكون الآن بيت عاصم.

"إن هدوا البيت بهدوناش، بهدوش عزيمتنا، لن نقول لهم: أخ".. يقول أبو عاصف.

وأضاف: نحن في صراع مع هذا الاحتلال منذ اليوم الأول لوجوده في فلسطين، في صراع معه حتى يحمل عصاه ويرحل، أو نركله ركلاً، شعبنا شعب مضحي، ويستحق التضحية، ونحن لم نتعب ولم نندم، على هدم بيوتنا ودخولنا الأسر لعشرات السنوات.

وأكد: الإنسان حين يريد أن يشتري سلعة ثمينة، يدفع أغلى ما يملك. ونحن ندفع اليوم ثمن حريتنا وحرية أبناء شعبنا، دفعنا بدمائنا، المتمثلة باستشهاد ابننا صالح البرغوثي، ودفعنا بأعمارنا خلف القضبان، دخل والدي ووالدتي وأشقائي وشقيقاتي سجون الاحتلال، واليوم أدخل أنا وأبنائي وزوجتي، ولا يزال عاصم في الأسر.

جرافات الاحتلال، لم تكتف بهدم المنزل، بل خربت الأرض المجاورة، واقتلعت أشجار الليمون واللوز والعنب والدراق والخوخ، وهدمت سلسلة حجرية.

بدوره، قال رئيس بلدية كوبر، عزت بدوان: منذ السبعينات، قدمت كوبر ما يقارب ال500 أسير، وعددا من الشهداء، منهم: ربحي البرغوثي، علي خلف، نجم بدوان، مجاهد حج محمد، يوسف برغوثي، المغربي برغوثي.. كما هدم فيها منزلين في السنوات الاولى للانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى)، ويقبع حاليا نحو 20 مواطنا من أبناء القرية في سجون الاحتلال، معظمهم محكوم بالمؤبد أو بأحكام عالية.

 

#أسرى #شهداء #كوبر #عمر_البرغوثي