شبكة قدس الإخبارية

عندما تُشتت العائلة بين كولومبيا وفلسطين 

23465768.PNG

 

رام الله المحتلة - خاص قدس الإخبارية: عام 2012 خرجت جوديت برغس (52 عاماً) من منزلها في مخيم الجلزون شمال رام الله بعد أن ودعت أسرتها التي ستغيب عنها بضعة شهور فقط في زيارة لابنتها في بلدها الأصلي في كولومبيا، إلا أن رجوعها بات مستحيلاً، بعد أن صادر الاحتلال حقها بالعودة إلى منزلها وعائلتها. 

فبين دولتين تشتت العائلة، أم وابنة في كولومبيا، وأب وابنتين في فلسطين، تمر الأيام عليهم ثقيلة، ولا تجمعهم سوى اتصالات هاتفية، بعيداً عن حضن الأبوين الدافئين، وبعيداً عن مائدة طعام تتجمع حولها العائلة. 

جوسي نخلة تروي لـ "قدس الإخبارية"، أنه عام 2012  وخلال سفر والدتها عبر مطار "بن غوريون الإسرائيلي"، تم إيقافها وإبلاغها أنها أقامت بشكل مخالف منذ 13 عاماً في فلسطين. وتشير جوسي إلى أن العائلة كانت قد تقدمت بطلب لم الشمل الذي لم تحصل عليها إلا عام ٢٠١٠ والذي شملها ووالدها عادل عبد الله نخلة (53 عاماً) فقط ولم يشمل والدتها وشقيقاتها الاثنتين.
 

بداية القصة 

عادل وجوديت ارتبطا خلال تواجدهم في كولومبيا قبل أن يعودا إلى فلسطين في نهاية التسعينيات، وهو ابن لأب فلسطيني هاجر في الخمسينات إلى كولومبيا واستقر فيها بعد أن تزوج من امرأة كولومبية.

 وبدأت رحلة عودة عادل وجوديت مع اشتعال الحرب في كولومبيا ليستقرا في فلسطين، إلا أن استقرارهما لم يستمر طويلا، إذ اشتعلت انتفاضة الأقصى، وفقدت خلالها العائلة أوراقا بالغة الأهمية خلال عبورها عن حاجز قلنديا. 

تعلق جوسي، أن والديها لم يستطيعا الوصول إلى القدس حيث كانا يعملان هناك، وبدأت العائلة بالتفكير بالعودة إلى كولومبيا مجدداً، وعند التواصل مع السفارة الكولومبية في تل أبيب، ردت بأنها سترسل قوة من شرطة الاحتلال لنقلهم من مخيم الجلزون إلى المطار، وهو ما رفضته العائلة التي بقيت محاصرة سياسياً واقتصادياً.
 

جوديت لن تعود 

عود إلى بدء، توقعت العائلة أن يتم إبعاد الوالدة خمس سنوات، كما يجري بالعادة مع الذين يتهمهم الاحتلال "بمخالفة الإقامة"، إلا أن الاحتلال بقي يمنع والدتها من العودة رغم محاولاتها المستمرة. تروي جوسي، "آخر محاولة كانت عام ٢٠١٨، احتجزت أمي في إحدى غرف مطار بن غوريون، وكان يفصل بينها وبين والدي الذي لم يراها منذ ست سنوات حائط واحد، إلا أنهم لم يسمحوا لهما باللقاء". 

وتبين جوسي أن والدتها تعرضت للضرب والتنكيل واحتجزت في سجن المطار نحو خمسة أيام قبل أن يتم إبعادها إلى كولومبيا مجدداً، "وخلال سعينا في الإجراءات القانونية تبين لنا أن أمي أُجبرت على التوقيع على ورقة مكتوبة باللغة العبرية تتعهد بها بعدم دخول "إسرائيل"، رغم أنهم أخبروها أن مضمون الورقة شيء آخر".
 

شركة فلسطينية تتنصل من حقوق عادل وجوديت 

رغم أن جوسي ووالدها يستطيعان السفر وفقا لما يتوفر لديهما من وثائق قانونية تمكنهما من التنقل، إلا أنهما باتا مقيدين بمعيقات اقتصادية حاصرت العائلة. فقبل سفر جودت، فقدت عملها ومصدر رزقها الوحيد بشكل تعسفي بعد نحو ١١ عاماً من العمل كمربية لدى إحدى العائلات التي تملك واحدة من كبرى الشركات الفلسطينية - تتحفظ العائلة على ذكرها اسمها بسبب وجود إجراءات قانونية -.

 تعلق جوسي، "كان من المفترض أن تسعى أمي لأخذ أتعابها فور عودتها من السفر، إلا أنها لم تستطع العودة، وانشغلنا بعض الوقت في أولوية أن تعود إلينا". وتشير إلى أن العائلة التي كانت تعمل لديها والدتها تنصلت من حقوق والدتها وأتعابها، وباتت تساوم العائلة على مبلغ بسيط جداً لا يتناسب مع سنوات العمل التي قضتها لديهم. 

وأضافت، أن والدها الذي يعمل لدى ذات الشركة، اضطر للسفر عام ٢٠١٨، وذلك بعد أن تقدم للحصول على إجازة مدة شهرين دون راتب، ليتفاجأ فور عودته أنه تم فصله من العمل بشكل مفاجئ ورفضت الشركة إعطائه أتعابه.

وتقول، "تمت مساومة والدي على أتعابه، ورفض تعويضه عن فصله بشكل تعسفي، ومنذ عام ٢٠١٨ حتى اليوم ونحن نسعى في إجراءات قانونية لاستعادة حق والدي من أتعابه وبدل فصله بشكل تعسفي  والأشغال الشاقة التي كان يقوم بها بالعمل". وتشير إلى أنه خلال تداول المحكمة القضية استخدمت الشركة عمالاً لديها لتقديم شهادات ضد عادل.

العائلة مكبلة اليوم اقتصادياً، ومشتتة بين دولتين، تواصل سعيها لانتزاع حقوقها، "لا يوجد حياة، حياتنا وأحلامنا كلها معلقة، غير قادرين على بناء حياة هنا، وغير قادرين على التخطيط لأحلام جديد هناك.. نحن نعيش بين نارين طوال الوقت" تقول جوسي.