شبكة قدس الإخبارية

آثارٌ متروكة.. "كهف طور بدو" نموذجًا

مالك الجعبري

خاص - قُدس الإخبارية: المعالم الأثرية ضالتُنا، أنّا وجدناها فنحن أحق بها، والحق يوجب عدم تركها مرتعًا للخراب ومكانًا تفوح منه رائحة النفايات بدلًا من عبق التاريخ الذي يحمل في طياته دلالاتٍ أبعادُها تشير بالبنان إلى ملكيتنا كفلسطينيين لهذه الأرض التي حوت في حقبة مضت – معظم الحضارات اليونانية والرومانية والبيزنطية والإسلامية – وعاش الفلسطيني فيها قبل أكثر من 2500 عام.

يتربع كهف "طور بدو" بمساحته المقدرة 300 متر، جنوب غرب الخليل في بلدة إذنا، شاهدًا بِقدمه ونقوشه على تعاقب الحضارات في الأراضي الفلسطينية. يضم الكهف سراديب وأنفاق استخدمها الفلسطيني في ثورته أمام الغزو الروماني، وعلى سقفه فتحاتٌ لتتسلل خيوط الشمس فيه وللتهوية، إلا أنه اليوم يقع في منطقة تصنف "ج" أي غير خاضعة للسلطة الفلسطينية ما جعله متاحًا لعديد من "المستهترين" الذين استغلوه في التخريب والفساد.

من الانعدام إلى الاهتمام

الافتقار لأهم الخدمات في المكان الأثري كالمياه والكهرباء نتيجة وجوده في منطقة مهمشة تصنف "ج"، وجراء سلوك البعض بحرق الخردة والمخلفات في الكهف، دفع أفرادًا من عائلة "أبو جحيشة" الذين يملكون الأرض التي يقع عليها الكهف إلى تشكيل "لجنة إحياء الطور" بهدف وقف عمليات التخريب كحرق الخردة ورمي النفايات في المنطقة، كما يؤكد عضو اللجنة، محمد أبو جحيشة.

ويشير عضو لجنة إحياء الطور خلال حديثه لـ "قدس الإخبارية" إلى أن الكهف بعد تنظيفه والاهتمام فيه صار صالحًا للزيارات بعد أن كان مرتعًا للمهملات، موضحا أن أصحاب الأرض وسكان البلدة أصبحوا يزورونه بشكل دوري، في سبيل الحفاظ عليه من التخريب.

وطالبت لجنة إحياء طور بدو، الجهات المختصة بتقديم الدعم للمكان باللوحات التعريفية والتشييد على أطرافه ووضع بوابة فيه، مبينة عدم رغبتهم بإرسال وزارة السياحة موظفين ليباتوا في الكهف باعتباره ملكية خاصة لعائلة أبو جحيشة.

يبعد الكهف عن جدار الفصل العنصري مسافة تقدر بثلاثة كيلومترات، ومع ذلك عند تنظيفه من مخلفات حرق الخردة والنفايات، هددت سلطات الاحتلال بمصادرة معدات التنظيف ومنع العاملين فيه من العمل دون أي مبرر كما يقول رئيس بلدية إذنا، محمود سليمية.

ويبين سليمية لـ "قدس الإخبارية" بأن البلدية وقعت مع دائرة الآثار في محافظة الخليل اتفاقية تؤكد على الالتزام بإحياء منطقة الكهف لاستقبال الزائرين وسعيهم في إيصال الكهرباء خلال الأيام القادمة للمنطقة وتأمين مدخل الكهف لتوجيه الناس صوبه وافتتاحه في أقرب وقت.

سعيٌ لترميم الكهف

وزارة السياحة قالت على لسان رئيس قسم الإرشاد في إدارة المواقع بمديرية السياحة والآثار في الخليل، جبر الرجوب، إنها حرصت على الاهتمام بكهف طور بدو من خلال تنظيم فعاليات وأنشطة في المكان واستجلاب طلبة السياحة والآثار في الجامعات للتعريف بالموقع وتفعيل حملات تطوعية لتنظيفه بالمبيدات وتسهيل الطرق نحوه منذ عام 2017 والتعاون مع سلطة جودة البيئة لزراعة أشجار حرجية بالمكان.

وارتأت الوزارة عدم التعليق على القول بأن تواجد طواقمها في المكان قد يوحي باستملاكه، فيما أكد الرجوب أن الوزارة في حال سعت لاستملاك المكان فذلك سيتم بشكل قانوني من خلال قانون الاستملاك ودفع الثمن وموافقة صاحب الملكية والبلدية بشكل توافقي.

وأشار الرجوب إلى أن الوزارة أدرجت الموقع ضمن قائمة مسار فلسطين التراثي الواصل من منطقة بيت مرسم جنوب غرب الخليل إلى قرية بتير في الريف الغربي لبيت لحم، وسعت لتوفير حارس للمكان ووضع شاشة عرض داخل الكهف للتعريف بتاريخه وتفاصيله.

من جانبه نفى نجل صاحب ملكية الأرض، التي يقع فيها الكهف، صهيب إبراهيم أبو جحيشة أن تكون وزارة السياحة أو أي جهة أخرى قد تبنت ترميم الكهف بشكل كامل، مبينًا أنه اجتمع باعتباره رئيس لجنة إحياء الطور مع رئيس بلدية إذنا ومدير دائرة الآثار في محافظة الخليل، طالب صوايفة وتعهد الأخير برفع كتاب للبلدية والجهات المعنية بدعمهم ومساعدتهم كلجنة للكهف.

وأشار نجل صاحب ملكية الأرض إلى أن جمعية الأرض الخضراء زارت المنطقة في 2017 وزرعت بعض الأشجار إلا أنه لم يتم في الوقت اللاحق متابعة الكهف، ولم تُسير الزيارات والفعاليات للمكان من قبل أي أحد مما سهل الأمر على "المجهولين" بالتخريب والحرق في الكهف.

اللافت في الأمر قليلًا هو الجدل حول اهتمام سكان البلد في الكهف أم لا، ومتابعة وزارة السياحة والآثار للمعالم الأثرية من عدمها، إلا أنه ما من فائدة حقيقيةٍ على جدلٍ كهذا، سوى التذكير للناس والجهات المسؤولة أن في الأراضي الفلسطينية، أماكن أثرية وتاريخية على جميع الجهات المعنية – الوقوف أمام مسؤولياتها تجاهها حتى لا تكون بالغد القريب تحت سطوة التخريب أو الاحتلال إن جاز التعبير.

 

 

 

#وزارة السياحة #سياحة #كهف #آثار