شبكة قدس الإخبارية

2020... من القدس خمسُ محطاتٍ للأمل

123213304_3442285515860459_7507988990360519722_n
زياد ابحيص

يهيمن وباء كورونا على ذاكرة القدس لعام 2020، نعم كان الوباء شديد الأثر على القدس إذ مر بـ 16 ألفا من أهلها، وخطف من بينهم 139 نفساً ارتقت إلى ربها، إلا أن استغلال المحتل له كان الأشد وطأة؛ فتحْت اسم الخوف من الوباء المجهول فرض إغلاق الأقصى 69 يوماً هي الأطول في تاريخه منذ الاحتلال الصليبي، وتفرغ الاحتلال للاعتقال والملاحقة والإبعاد لعله يتخلص من النخبة النشطة في القدس، وفرض منع التجمهر باسم الوباء لعله يقتل روح الإرادة الشعبية، وجبى الملايين من غرامات ارتداء الكمامات والتجمعات كانت موجهة أساساً لإكمال دائرة إفقار المقدسيين والإجهاز على تجار البلدة القديمة.

رغم كل ذلك تجلت الإرادة الشعبية في القدس خمس مراتٍ خلال 2020 من تحت حُجب الظلام والتفريط:

أولاً: في الفجر العظيم الذي انتقل من المسجد الإبراهيمي إلى إلى الأقصى في الجمعة الثانية من شهر 1-2020 وانطلق من هناك نوراً يشق الآفاق ويوحد كل فلسطين التاريخية في تحركٍ شعبي موحد لأول مرة منذ انتفاضة الأقصى.

ثانياً: في كسر الإبعاد عن الأقصى على يد أمين المنبر الشيخ عكرمة صبري ومحبيه في 24-1-2020، ليخطّ طريقاً يمكن من خلاله سحب سلاح إبعاد المرابطين من يد المحتل، لكنه يحتاج إلى استكمال ومثابرة.

ثالثاً: في جمعة نصرة رسول الله صلى الله عليه في 29-10-2020 التي شهدت توافد عشرات الآلاف إلى الأقصى للمرة الأولى منذ دخول الوباء قبلها بسبعة أشهر... وفي طرد صهاينة العرب الذين اقتحموا الأقصى في 16 و 18-10-2020.

رابعاً: في خيمة الاعتصام في حي بطن الهوى في سلوان وأداء صلاة الجمعة فيها بدءاً من شهر 11-2020، في وجه إجراءات الطرد الجماعي التي طالت الحي، وفي إحياء لتجارب خيام الاعتصام الشعبي كسلاحٍ فعال في التدافع المحتل وتعطيل فرض مخططاته أسوة بتجارب خيمة الحلواني وخيمة الصمود في حي الشيخ جراح وخيمة الصمود في حي البستان.

خامساً: في هبة مقام النبي موسى الذي اعتدت على حرمته فرقة فلسطينية راقصة وأقامت فيه حفلاً بموافقة وزارة السياحة في 26-12، فجاءت الهبة الشعبية في اليوم التالي لاستعادته كمقدس من يد سلطة تلهو به بأموال المنح الأوروبية وتعبث به تارةً كفندق وتارةً كقاعة حفلات في طريق تيهها المستمر منذ 27 عاماً، فجاء الحراك الشعبي وفي القلب منه شباب القدس ليصحح البوصلة ويعيد الأمور إلى نصابها مع بداية السنة الجديدة في 1-1-2021.

نعم هناك أمل في فلسطين مركزه القدس والثلة المباركة من المرابطين المدافعين عنها المتشبثين بأقصاها الثابتين على الحق تهوي قلوبهم إليها من كل صوب، الذين تتجدد فيهم الروح وتسري إلى غيرهم مرة بعد مرة رغم الألم والتضييق والوباء وتواطؤ الأعداء وانهيار جزء من العرب عند حذاء المحتل.

نعم هناك أمل وهو يفصح عن نفسه مرةً بعد مرة مع تتالي الشهور والسنين، الأمل هناك في هذه الإرادة الشعبية الماضية، وفي إيمانها بالمقدس الذي يحييها ويشحذ فيها الهمة الماضية... ففي أربعة من خمسة محطاتٍ كان الدفاع عن المقدس عنوان الأمل.

الأمل ليس في جولات "المصالحة" التي باتت عنواناً للعجز وتبديد الثقة وبلادة العقل السياسي، ولا في الانتخابات التي توشك أن تكون مدخلاً نحو الأسوأ، وليس في إصلاحٍ متعذرٍ لمنظمة التحرير هو أقرب إلى الخيال، ولا في البُنى الفوقية التي تصر معظم النخبة الفلسطينية على أن الطريق إلى الفعل يمر بها... الطريق إلى الفعل يمر بإدراك مواطن الفعل والأمل حيث تفصح عن نفسها، واحتضانها والمضي بها لعلها تمضي بالأمل من القدس إلى كل مدينة وقرية كما فعلت الانتفاضات وكما فعل الفجر العظيم.

لن نفقد الأمل ما دامت القدس، وما دام الرباط، وما دام الأقصى نحميه فنظهر به على الحق... فإذا به هو الذي يحمينا.