الرياض - قُدس الإخبارية: منذ توليه منصب ولاية العهد في السعودية، عقب خلاف كبير لا زالت آثاره تترد في العائلة الحاكمة، بدأ محمد بن سلمان بخطوات "انقلابية" وفقاً لخبراء ومحللين، داخل المملكة، على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فاتحاً عهداً جديد يسير نحو تطبيع علني للعلاقات مع دولة الاحتلال.
حملة اعتقالات واسعة شنها النظام السعودي طالت عدداً من الدعاة والعلماء، بينهم عوض القرني، وسلمان العودة، وعلي بادحدح، وعلي العمري، ومحمد موسى الشريف الذين عرفوا بمواقفهم الداعمة لمقاومة الشعب الفلسطيني، ومهاجمتهم للتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
بالتوازي مع حملة الاعتقالات التي طالت الدعاة والعلماء، شنت أجهزة الأمن السعودية اعتقالات لعدد من الشخصيات والأكاديميين ورجال الأعمال المقربين بين الجالية الفلسطينية في المملكة، بتهمة قربهم من المقاومة الفلسطينية، وتواصل السلطات احتجازهم في ظروف صحية وإنسانية صعبة، بشهادة مؤسسات حقوق إنسان، طالبت بالإفراج عنهم.
من بين المعتقلين الفلسطينيين في السعودية، ممثل حركة حماس في المملكة محمد صالح الخضري ونجله، رغم العلاقات الواسعة التي كان يملكها مع أطراف في النظام.
ولم يكتف النظام السعودي بحملات الاعتقالات والتنكيل، بحق الفلسطينيين، بل لاحق كل من يعمل على جمع التبرعات لصالح القضية الفلسطينية.
وشكل وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع فريقه "الصهيوني"، الداعم بشكل مطلق لتصفية القضية الفلسطينية، دفعة معنوية وسياسية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، اللذان يعملان بكل جهودهما لتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال، وبناء تحالفات معها.
خبراء في الشؤون السعودية اعتبروا أن خطوات بن سلمان، تعتبر انقلاباً على السياسة التقليدية للمملكة في التعامل مع القضية الفلسطينية، رغم أن المملكة طرحت "المبادرة العربية" ومبادرات سابقاً، لتحقيق تسوية بين "إسرائيل" والعرب، إلا أن سياسات ولي العهد جاءت "كحرق مراحل".
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" كشفت في شهر يناير الماضي، أن ابن سلمان ضغط على الرئيس محمود عباس، للقبول ببلدة أبو ديس كعاصمة لدولة فلسطينية بديلاً عن مدينة القدس المحتلة.
وبعد إعلان البحرين والإمارات تطبيع العلاقات بشكل رسمي مع الاحتلال، قال محللون إن إقدام النظامين وخاصة البحريني على التطبيع لم يكن ليتم بدون معرفة السعودية، رغم الأخبار التي تحدثت عن رفض الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لهذه الخطوات.
وقد تندرج تصريحات وزير الخارجية السعودي، قبل يومين، حول قبول السعودية بالتطبيع مع الاحتلال بعد إقامة دولة فلسطينية، تهيئة نفسية وكسراً لحاجز القبول بإقامة علاقة مع "إسرائيل".
هذه السياسات ترافقت مع هجوم إعلامي تقوده وحدات إعلامية محسوبة على النظام السعودية، عرفت "بالذباب الالكتروني"، لمهاجمة الفلسطينيين و"شيطنة" صورتهم في الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف تهيئة الرأي العام السعودي، للقبول بالتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وفي رمضان الماضي، بثت قناة "MBC" مسلسلاً يحمل رسائل تطبيعية تجاه الإسرائيليين، واعتبر محللون أن هذه الخطوات الإعلامية، تأتي في سياق التهيئة النفسية لقبول التطبيع.
وخلال الأسابيع الماضية، خرج مسؤولون سعوديون بينهم الأمير بندر بن سلطان، لمهاجمة الفلسطينيين وتحميلهم مسؤولية ما جرى معهم، ورسائل أخرى تدفع باتجاه أن التطبيع الذي حصل في المنطقة، ليس تهمة يجب أن تحاسب عليها الدول التي أقدمت عليه.
ما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية، عن زيارة قام بها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع رئيس الموساد، إلى السعودية والاجتماع مع محمد بن سلمان، لم يكن مفاجئاً إلا ربما في التوقيت، لكن توجه ولي العهد السعودي للتطبيع وقمع أي صوت رافض، كان واضحاً خلال السنوات الماضية.
ورغم الظروف القاتمة والسوداوية في المملكة، إلا أن خبراء ومحللين في دولة الاحتلال، يحذرون من أن شعوب المنطقة وبينها السعودي، ترفض التطبيع وتعادي "إسرائيل"، رغم كل سياسات القمع والترهيب التي تتعرض لها من أنظمتها.