شبكة قدس الإخبارية

السلطة الوكيلة والفصائل العاجزة

1013474540_463_512_5608_3292_1000x541_80_0_0_ef4cb8563b98163f42102644e2ba633c
خالد بركات

إذا كانت كُلّ الفصائل الفلسطينية تقف ضد قرار "عودة العلاقات" بين السلطة الفلسطينية وكيان الاحتلال، واذا كانت غاضبة من الخديعة التي تعرّضت لها على يد محمود عباس وفريقه الأمني وتعتبر ما جرى "طعنة لجهود المصالحة والوحدة " فلماذا تعجز هذه القوى مُجتمعةً عن تنظيم مظاهرة واحدة في رام الله المُحتلة مثلاً أو في أي مدينة ومخيم وقرية في الضفة على نحو خاص.. ضد قرار السلطة المنفرد؟ كي لا نسأل مثلاً ونقول: لماذا تعجز الفصائل عن تشكيل جبهة وطنية موحدة - لا سمح الله - فهذه مهمة أصبحت حُلماً بعيد المنال وخارج قدرتها .. إنها مهمة أكبر منها.

نحن فعلاً نسأل وبعد سقوط وانهيار سقف توقعاتنا: لماذا لا تستطيع حركتي حماس والجهاد والشعبية والديموقراطية وحزب الشعب وغيرها وغيرها من قوى تنظيم وعقد مؤتمر صحفي موحد على الأقل؟ تعلن فيه موقفها من قرار السلطة بدل إصدار عشرين بياناً منفصلاً لن يقرأها عشرين شخصًا.

صحيح أن المشكلة الكبيرة تظل في الثور الكبير (حزب السلطة) غير أن المسار الذي تسلُكه الفصائل الفلسطينية في علاقتها مع القيادة المتنفذة في منظمة التحرير، لا يزال حتى الآن، مساراً عقيماً لا يتجاوز حدود الحَرَد والعتب ومحاولة مُكررة لامتصاص غضب قواعدها وأنصارها. إن التصريحات والبيانات البائسة لا قيمة لها في موازين القوى على الأرض وانها أشبه بمنطق أحزاب المعارضة العربية الشكليّة ..مُعارضة تخدم السلطة أكثر مما تصوبها أو تردعها.

على قيادات الفصائل الفلسطينية أن تفكر ملياً في وضعها البائس قبل التفكير في تغيير أحوال الشعب الفلسطيني الذي يعرف تمامًا ماذا يجري ولا يحتاج لمن يقول له " الحقيقة" أو يُحلل واقعه العاثر . فالشعب الفلسطيني هو أكثر من يعرف واقعه لأنه هو الذي يكتوي بنار الاحتلال والمنافي والحصار والسجون كل يوم ويدفع الثمن من لحمه الحي كل يوم. أظن ان ما يريده شعبنا من كل هذه الفصائل الفلسطينية الـ 15 هو تغيير وضعها الداخلي وتغيير مواقفها وأدائها وسلوكها، وان تغادر حالة العجز والنكوص وتتقدم بخطى واثقة نحو مبادرة وطنية موحدة لتغيير واقعها المأزوم.

ليذهب المحللون والمتابعون والمراقبون إلى أيّ مسجد أو كنيسة أو مقهى فلسطيني وليسألوا الناس عن رأيهم ومواقفهم مما يجري، فلن يسمعوا إلا الحقيقة مُجسّدة في بضع من الآيات الكريمة والأحاديث المقدسة والأمثال الفلسطينية التي تعصر حكمة الشعب وفلسفته الشعبية في عبارات قليلة. وكلها تقول بان الله لا يُغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وان "اللي بِجرب المُجرّب عقله مُخرّب" وان الأصل هو تغيير الفاشلين لا تغيير القضيّة!

إن السير في الطريق ذاته الذي بدأ في مؤتمر مدريد عام 1991 وفي أوسلو 1993 لا يزال هو طريق الخراب ذاته الذي تسلكه طبقة "السلام الاقتصادي" مع انكشاف أكثر و أوضح لدور وماهية هذه السلطة وكيانها الوكيل وما تقدمه في خدمة المشروع التصفوي للقضية الفلسطينية.

ولقد وصلت السلطة الفلسطينية إلى مُستقرّها النهائي في حضن الكيان الصهيوني وباعتبارها سلطة وكيلة للاحتلال ولطبقة 1 % من هوامير المال والمرحلة.. سلطة الحكم الذاتي التي تجسّدت واقعاً يحكمها الضابط الصهيوني " أبو ركن" ويدير شؤونها عشرات من ضُبّاط "الشاباك" وجهاز "الشين بيت" في "يهودا والسامرة".