شبكة قدس الإخبارية

كيف تحول الأسرى إلى كبش فداء لمشاريع السلطة وقيادتها؟

 الضفة المحتلة - خاص قدس الإخبارية: يبدو أن ملف الأسرى والمحررين هو "كبش الفداء" الذي تقدمه السلطة الفلسطينية قربانا للإسرائيليين والأمريكيين والأوروبيين لإثبات "حسن نيتها" وجديتها كشريك في "عملية السلام" وطرف يحاول قدر الإمكان كبح جماح المقاومة، التي تنظر لها الأطراف المذكورة كـ"إرهاب" غير معترف بشرعيته.

ويكشف مصدر مطلع على ملف الأسرى في السلطة الفلسطينية أن مسلسل الاستهداف لملف الأسرى بدأ يطفو على السطح بوضوح بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لبيت لحم في 23 مايو 2017، حيث أبدى الأخير انزعاجه من وجود وزارة للأسرى تدفع لهم مخصصات مالية وهو ما يتناقض مع الشعارات التي تطلقها السلطة الفلسطينية عن "محاربة الإرهاب".

ويوضح المصدر لـ"قدس" أن الإسرائيليين كانوا باستمرار يطلعون الإدارة الأمريكية والأوربيين على كشوفات رواتب الأسرى وخاصة المحكومين بالمؤبدات منهم، من باب التحريض على السلطة، وإبراز التناقض في دورها ووظيفتها، تحديدا عندما يتعلق الأمر بوظيفتها بمنع وقوع عمليات للمقاومة.

ويقول المصدر إن السلطة حولت وزارة الأسرى إلى هيئة في مايو 2014 بعد ضغوط إسرائيلية، وبعد زيارة ترامب إلى بيت لحم بأيام، وبعد زيارة بيت لحم بدأ الحديث يدور عن إمكانية تحويل هيئة شؤون الأسرى إلى جمعية أهلية تؤدي دورا أشبه بدور الجمعيات الخيرية على أن تتبع لوزارة الداخلية.

وبالنسبة للإسرائيليين والأمريكيين والأوروبيين لا يبدو الأمر مرتبطا بشدة بالرواتب والمخصصات وإنما بتجريم النضال الفلسطيني وقضية الأسرى وشرعية الأعمال التي اعتقلوا بسببها، وهذا ما بدأ يتحقق بعد الحديث عن تحويل الأسرى في السجون إلى ملفات الإعالة الاجتماعية ودمج المحررين منهم في الوزارات المختلفة.

وشدد المصدر على أن قرار وزارة جيش الاحتلال بتأجيل تطبيق الأمر الإسرائيلي الذي يعاقب البنوك التي تدير حسابات للأسرى، كان في سياق تفاهمات وتواصل بين الإسرائيليين والأوربيين، إذ توكل الأوروبيون بأمر معالجة هذا الملف مع السلطة الفلسطينية، وبناء على ذلك تم تجميد تطبيق القرار منذ مايو 2020 وحتى نهاية أكتوبر 2020، حيث أبلغ وزير جيش الاحتلال الأوربيين أن الأمر العسكري سيكون قيد التنفيذ في 31 ديسمبر 2020.

وأشار المصدر إلى أن اللجنة التي تشكلت من قادة الأجهزة الأمنية ورئيس هيئة شؤون الأسرى قدري أبو بكر ووزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، هي التي اتخذت القرارات الأخيرة بخصوص ملف الأسرى.

ويعتقد وزير الأسرى السابق وصفي قبها أن السلطة الفلسطينية تتحمل مسؤولية مباشرة عن ما وصل إليه ملف الأسرى، لأنها خضعت في كل المراحل التي تعرضت فيها للابتزاز بخصوص هذا الملف، وهو ما أعطى الاحتلال دافعا لمواصلة الابتزاز في هذا الإطار إلى أبعد حد.

وبالنسبة للوزير السابق قبها، كانت المحطة الأولى من خضوع السلطة الفلسطينية للاحتلال عندما حولت الوزارة إلى هيئة، وبالتالي لم تعد على أجندة ملفات الحكومة إلا من خلال وزراء لوزارات أخرى. أما المحطة الثانية فكانت بقبول السلطة في أكتوبر 2019 استلام أموال المقاصة بعد اقتطاع قيمة رواتب الأسرى منها.

واعتبر قبها أن قبول السلطة بالخضوع للابتزاز الإسرائيلي مؤخرا خاصة بعد تهديده لمعاقبة البنوك، وهو ما دفع السلطة للبحث عن حلول لتفادي العقوبات الإسرائيلية؛ شكل ضربة قاضية للملف الذي أصبح مهددا بشكل حقيقي وجوهري.

واعتبر الباحث في الشأن الإسرائيلي والأسير المحرر، ناصر أبو خضير، أن تحويل التعامل مع ملف الأسرى من ملف قائم بحد ذاته إلى ملف اجتماعي هو سقوط مدو للسلطة الفلسطينية وخضوع لكل الإملاءات الإسرائيلية والأمريكية في هذا الملف، لأن هذا يعني تجريم الأسرى الفلسطينيين ونضالهم، ويضع علامة سؤال كبيرة حول مستقبل المشروع الوطني.

وقال أبو خضير لـ"قدس" إن السلطة تمارس دورا مرسوما لها بالكامل، وهو القضاء على آخر أنفاس المشروع الوطني التحرري، والتعدي على الأسرى بهذه الطريقة يعد جريمة نكراء تسجل في جبين الهرم السياسي الفلسطيني.

ويعتقد الباحث أبو خضير أن السلطة منوط بها القيام بمهام أمنية اقتصادية، لذلك لن يقف مسلسل التنازلات من قبلها سواء في ما يتعلق بملف الأسرى أو غيره، والاتجاه النهائي هو تحويل دورها من سلطة إلى إدارة مدنية في مناطق الاكتظاظ السكاني الفلسطيني، وقد نجح الاحتلال بنسبة كبيرة في تحقيق هذا الهدف.

ووفقا لأبو خضير؛ تحاول السلطة تغطية عورتها من خلال رسالة المنسق وتسوق تراجعها على أنه انتصار كبير، وهو ما يعزز فكرة أن السلطة تحولت إلى إدارة مدنية لشؤون السكان الفلسطينيين، وبالتالي مطلوب منها أن تتخلى عن نضال الأسرى. متسائلا: ما الذي تبقى لهذه السلطة من أوراق تغطي بها عوراتها؟.

ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الأربعاء خبرا مفاده أن السلطة أبلغت الأوروبيين باستعدادها لتغيير القانون الخاص برواتب الأسرى الفلسطينيين وتحويل الأموال لعائلاتهم بناء على وضعها الاقتصادي والاجتماعي بدون أي اعتبارات تتعلق بالأسير.

وقبل نحو أسبوعين، طلبت هيئة شؤون الأسرى من الأسرى المحررين تعبئة استمارات "دمج وتأهيل" لدمجهم في الوزارات المختلفة حتى لا تصرف لهم رواتب تحت بند قانون الأسرى، وهو القرار الذي اعتبره مراقبون في حينها أنه جاء تحت الضغط الإسرائيلي والغربي.

 

 

 

#رواتب الأسرى ##عودة_التنسيق