شبكة قدس الإخبارية

التكبير والطرق على الأبواب.. عرف اعتقالي يعبر فيه الأسرى عن أقصى درجات احتجاجهم

فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: يلجأ الأسرى الفلسطينيون للتكبير والطرق على الأبواب في حالات الاحتجاج القصوى، وهي خطوة تُفهم من قبل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية بأنها إنذار ورسالة تحذيرية عن مدى الاحتقان والغضب الذي يسود أوساط الأسرى بسبب قضية أو ممارسة احتلالية أو حدث كبير وقع في السجون كاستشهاد أحد الأسرى.

يقول مدير مكتب إعلام الأسرى لـ"قدس" ناهد الفاخوري، إن الأوضاع داخل سجون الاحتلال تشهد توترا عاليا خاصة في الأسابيع الأخيرة بسبب فيروس كورونا الذي بدأ ينتشر بين الأسرى في ظل إهمال مصلحة السجون الذي تمارسه بهذا الخصوص.

وأضاف: الأسرى في سجني جلبوع والنقب، قاموا مساء اليوم الثلاثاء، بالطرق على الأبواب والتكبير كخطوة احتجاجية على الأوضاع التي يعيشونها داخل السجون خاصة بعد الإعلان عن استشهاد الأسير كمال أبو وعر نتيجة الإهمال الطبي.

ويتوقع الفاخوري، أن يتم إرجاع وجبات الطعام يوم غد الأربعاء كخطوة احتجاجية، بحسب ما هو متعارف عليه لدى الأسرى في السجون في مثل هذه الحالات، بالإضافة إلى إعلان الحداد على روح الشهيد أبو وعر.

وأوضح الفاخوري، أن حالة الغليان التي تشهدها السجون، تأتي في ظل الإهمال الطبي الحقيقي الذي يتعرض له الأسرى المرضى، في إطار توجيه رسالة شديدة اللهجة إلى مصلحة السجون.

وتنظر إدارة مصلحة السجون إلى هذه الخطوة الاحتجاجية، على أنها "خطوة كبيرة وحالة من التمرد والعصيان داخل السجون"، وترى أنها ظاهرة تستوجب التدخل والقمع.

وحول كيفية تعامل إدارة مصلحة السجون مع الاحتجاجات التي يقوم بها الأسرى، قال الفاخوري: يتم الحديث مع ممثلي الأسرى في البداية، وفي حال لم يستجب الأسرى يتم فرض العقوبات عليهم، وقد يصل الأمر إلى تدخل وحدات القمع لإيقاف "حالة التمرد"، وقد تلجأ مصلحة السجون إلى محاكمة الأسرى على خطواتهم الاحتجاجية.

ويعتقد الأسير المحرر محمد بدر، أن التكبير هو إحدى الممارسات الثقافية التي صاحبت حركة المقاومة الفلسطينية، إذ تأخذ طابعا سياسيا أكثر منه دينيا، رغم أنها واحدة من أهم الاستدعاءات من الموروث الديني والثقافة الإسلامية، فتجد أن كل أبناء الفصائل الإسلامية والوطنية يلجأون لهذا النوع من التعبير السياسي الثقافي سواء في السجن أو في خارجه.

ويضيف لـ"قدس"، أن الاحتلال يعتبر التكبير تأطيرا للعمل أو الممارسة في سياق وطني أو ديني، فمثلا: عندما تقع عملية طعن أو إطلاق نار، يكون أحد أهم المعايير الإسرائيلية في الحكم على الحدث بأنه على خلفية قومية، هو التكبير، بحيث تستعير الرواية الإسرائيلية الأمنية والإعلامية فعل التكبير للتدليل على خلفية ما جرى.

ويقول: نحن مجتمع ثقافته إسلامية بمختلف توجهاته الفكرية، و"الله" يمثل الناصر الأكبر للمستضعفين في مواجهة المستكبرين الأقوياء المتسلحين بكل أدوات القوة. في المقابل، يتسلح المستضعفون بكل معاني القوة والصمود، ومن بينها الاستعانة بالله، فتجد أن كثيرا من الأسرى يصبحون أكثر تدينا بعد اعتقالهم.

وحول عملية طرق الأبواب، تقول الأسيرة المحررة لينا خطاب لـ"قدس": الباب الذي يطرق في السجن، هو أحد أدوات السيطرة الاستعمارية، وهو التمثيل الأقرب للاحتلال بالنسبة للأسير، فبالتالي يلجأ لضربه بصفته "عدو". كما أن الطرق على الأبواب يمثل إعلاء لصوت الاحتجاج ونقلا لمشاعر الغضب من الصدور إلى مسامع السجانين والضباط، الذين يبدأون بالتجهز لقمع الأسرى في هذه الحالة من خلال الاعتداء عليهم بالضرب أو الغاز.

ويرى المحررون بدر وخطاب وفاخوري، أن الطرق الجماعي على الأبواب في السجون هو عملية نضالية وانخراط في قضية عامة، ففي الزنازين الانفرادية قد يطرق أسير باب زنزانته بمنطلقات شخصية ولأنه شعر بالضيق منها، لكن في الأقسام العامة يكون الأمر في أغلب الأحيان بقرار تنظيمي، وبمجرد سماع أحد الأقسام تطرق على الأبواب، ينخرط السجن ككل في العملية.

وتنتهي عملية التكبير والطرق على الأبواب بقمع الأسرى ومعاقبتهم، وهو أمر معروف لديهم مسبقا، لكنهم يعتقدون أن هذه الخطوة هي أضعف الإيمان في التعبير عن الرفض وممارسة النضال الجمعي، وبالتالي هم مستعدون لتحمل تبعاتها وما يترتب عليها.