شبكة قدس الإخبارية

وفد العار: لبنان يفاوض عدوه

237176-1808712071
عرفات الحاج

أصدرت قيادتا حزب الله وحركة أمل، بيانًا رفضتا فيه تضمين الوفد اللبناني إلى مفاوضات ترسيم الحدود مع العدو الصهيوني، شخصيات مدنية.

يذكر أن لبنان يخوض نزاعًا مع العدو الصهيوني حول ملكية حقول الغاز في المياه الاقتصادية في البحر المتوسط، ويتعلق النزاع بشكل أساسي بأحد حقول الغاز والذي يسمى "بلوك ٩"، وقد جرى الاتفاق على إجراء هذه المفاوضات بوساطة وضغوط أمريكية أدت للتوصل إلى اتفاق إطار ينظم عملية التفاوض هذه.

وانطلقت اليوم الأربعاء المفاوضات المباشرة بين الوفد اللبناني والوفد التابع للعدو، بعد أن وصلت الوفود المشاركة، إلى مقر الأمم المتحدة في الناقورة جنوب لبنان.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الوفود ستجتمع في خيمة أنشأت لإجراء المفاوضات، وأن الموفد الأمريكي ديفيد شينكر سيشارك ضمن الجلسة الافتتاحية، وهو ما يعني اتخاذ الجلسة لمزيد من السمات السياسية الواضحة.

وقال البيان إن "أمل" و"حزب الله"، يعلنان رفضهما الصريح لما حصل واعتباره "يخرج عن اتفاق الإطار" الذي أعلنه رئيس البرلمان نبيه بري، و"يضر بموقف لبنان ومصلحته".

ودعا البيان إلى "رفض الانجرار إلى ما يريده العدو الإسرائيلي من خلال تشكيلته لوفده المفاوض وضمّه بأغلبه شخصيات ذات طابع سياسي واقتصادي".

قبل صدور هذا الموقف الرسمي، مرر الحزب مواقفه، من عملية التفاوض اللبناني على ترسيم الحدود البحرية مع العدو الصهيوني، عبر قناة المنار ومنصات إعلامية أخرى مقربة من حزب الله.

مساء الأحد وفي نشرة الأخبار المسائية على فضائية المنار، تساءلت مقدمة النشرة  عن "الحاجة إلى المدنيين في وفد يواجه عدواً. أليس في الجيش اللبناني ما يكفي من خبراء مساحة وقانون وبترول وغيرها من مواد التفاوض الموجب حضورها على طاولة النزال هذه؟".

لم تكن هذه الرسائل كافية لردع موقف الرئاسة اللبنانية عن تساوقها مع الرؤية الأمريكية لعملية التفاوض من حيث الشكل، وهو ما يبدو ما قد أدى لإصدار حزب الله وحركة أمل بيان رسمي يندد بشكل الوفد ودوره، فيما يشير لدرجة عالية من سخونة الموقف بين حزب الله و"حليفه" الرئيس اللبناني ميشال عون.

التحالف بين حزب الله والجنرال ميشال عون، وحسابات أزمة لبنان الاقتصادية، ومراعاة دور نبيه بري في التأسيس لهذه المفاوضات، كل هذا لا يمكن أخذه على محمل الجد كتفسير للنظر لطاولة المفاوضات كساحة نزال، وليس الحزب جهة تجهل هذا الفارق أو تستمرأ الخلط فيه، لكن تراكمات الخلل في الموقف السياسي اللبناني منذ "انفجار المرفأ" قد تشكل مدخل ملائم لفهم هذا الانهيار في الموقف السياسي الرسمي، وغض الطرف وتمرير الأمر من قبل مقاومة تنازل العدو الصهيوني وترفض منحه ذرة من التنازل عن أبسط تفصيل ميداني في معادلة ردع أرستها بدماء الشهداء.

الرئيس اللبناني ميشال عون كان قد سمى مدير عام القصر الجمهوري اللبناني، انطوان شقير لرئاسة الوفد، في استكمال لخطى سياسية عبر عنها صهره زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل، ذو المواقف الانعزالية المعادية للشعب الفلسطيني، وهي مواقف من حيث توقيتها تشكل انصياع واضح للرغبة الأمريكية بتظهير تفاوض لبناني مع العدو، كجزء من سياق انجرار النظم العربية للفظ فلسطين وقضيتها، خصوصا أن الإدارة الأمريكية التي تلعب دور الوسيط بين الطرفين في هذا الملف، ضغطت لإعطاء صبغة سياسية لهذا التفاوض.

رفض حزب الله إعطاء صبغة سياسية لهذا التفاوض، لم يصل لحد وضع فيتو واضح، او تصعيد الأمر بشأن وجهة الرئاسة اللبنانية ومن قبلها رئاسة مجلس النواب في التعامل مع الملف، وهو ما يعتبر دون السقف المعروف لمواقف الحزب.

لدى العدو والجانب الأمريكي ارتياح واضح لجر لبنان الرسمي للجولة الحالية من الاختراقات للمواقف العربية، وهو أمر لا يخفيه محلليه ووسائل اعلامه، لكن ذلك لم يكن كاف بالنسبة للعدو لإلغاء أو تأجيل مناوراته العسكرية المقرة للتدرب على العدوان على لبنان والتي تجري في موازاة المفاوضات وفي ذات توقيتها.

وقال محلل الشؤون السياسية في موقع "والاه" العبري باراك رافيد إنه يجري الحديث عن تطور سياسي دراماتيكي، مشيراً إلى أنه "للمرة الأولى منذ 30 عاماً، تجري مفاوضات مباشرة بين دبلوماسيين وخبراء من "إسرائيل" ولبنان على موضوع سياسي مدني".

تفاوض في الخيمة.. و أعداء في الداخل:

داخليا لا يبدو الوضع الداخلي اللبناني في أفضل أحواله، فحالة التراجع في الموقف اللبناني السياسي، وفي مواقف المقاومة وحلفائها في لبنان من الإملاءات الغربية، باتت تشكل منفذ لتوسيع أطماع القوى الاستعمارية، وأعداء المقاومة من القوى الانعزالية اللبنانية، فقد نسبت مصادر إعلامية -جريدة الأخبار اللبنانية- لوليد جنبلاط أن سمير جعجع زعيم ميلشيا القوات اللبنانية المعادية للمقاومة، ذات السمعة المعروفة والسيئة حاضرا وماضيا في التآمر مع العدو الصهيوني وحلفاؤه ضد المقاومة في لبنان، أنها جهزت ١٥ ألف مقاتل مسلح للقتال ضد حزب الله.

اشارة أخرى للنوايا بتفجير الوضع في لبنان، و إعادة تنشيط برنامج الاقتتال الداخلي كوسيلة لاستنزاف المقاومة وحزب الله، فما يدركه أبسط المتابعين للشأن اللبناني، أن مقاتلي سمير جعجع المأجورين لن يكونوا أبدا ندا للمقاومة التي لقنت العدو الصهيوني دروس عدة، ولكنهم بالتأكيد أداة مثلى لإشعال اقتتال أهلي-شامل او محدود- يذكي النزعات الطائفية.

الهدف الغربي هو وضع ضغوط اضافية على حزب الله، حتى لو كانت كلفة ذلك إحراق لبنان بأسره، وهو ما عكسته العقوبات الأمريكية على لبنان، واعادت تظهيره التوجهات الأمريكية مؤخرا بفرض عقوبات خاصة على شخصيات من القوى السياسية المتحالفة مع الحزب، وعقوبات أخرى على المصارف والمؤسسات الاقتصادية التي تعمل فيما تسميه الإدارة الأمريكية مناطق سيطرة حزب الله، والمقصد هنا تركيز العقوبات الاقتصادية ورفع وتيرتها على شرائح وقطاعات محددة من بين اللبنانيين، فيما يتم ابتزاز شرائح أخرى واغراءها بإمكانية الإغداق عليها نظير مواقفها ضد الحزب.

المسعى الأمريكي والصهيوني والذي تشارك فيه الحلفاء العرب للكيان الصهيوني، طيلة الفترة السابقة، كان معاقبة المقاومة من خلال معاقبة عموم اللبنانيين على أمل استثارة الجمهور اللبناني ضد الحزب، فيما يبدو المسعى الحالي هو اشهار تشكيل "كونترا" تعمل كأداة ابتزاز مسلح، بجانب الابتزاز الاقتصادي والسياسي الذي يبدو أن أركان أساسية في النظام السياسي اللبناني تشارك فيه أو ترضخ له بدرجات متفاوتة، وهو أمر لا يبدو بمعزل عن اجمالي الهجمة على قوى المقاومة في المنطقة.

المصدر: بوابة الهدف