شبكة قدس الإخبارية

عبد الله لوالده الأسير إسماعيل العروج: "كبُرت يا والدي وما زلت متشوّقًا لرؤيتك"

159938409599921

بيت لحم - خاص بقدس الإخبارية: آلاف الطلّاب عادوا إلى مدارسهم اليوم، بعضُهم رافقتهم أمهاتهم، والبعض الآخر آباؤهم، نشروا صورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكتبوا عبارات جميلة وأمنيات لأبنائهم بالتوفيق والسلامة، لكنّ رابعة العروج كتبت نصًّا مختلفًا وأمنيةً لا يُلحّ في طلبها إلّا من سُلبت منه حريّته وأُبعد عن أهله وأحبائه خلف قضبان السجون.

عبد الله ابن السادسة حرمه الاحتلال من حُضن والده إسماعيل عندما كان رضيعًا، ثم طفلًا يلهو بين جنبات المنزل، حرم والده من كلمة “بابا” حينما قالها لأوّل مرّة، واليوم غدا عبد الله طالبًا في الصف الأول الابتدائي، لم يرافقه والده للمدرسة ولم يفرح به في اليوم الأول، ولا بالتفاصيل التي سيعود بها وسيحدث والديه عنها.

الأسير إسماعيل العروج (36 عامًا) اعتُقل في الـ12 من شهر آذار/ مارس عام 2014، عقب اقتحام منزله في قرية العروج جنوبي شرق مدينة بيت لحم، وبعد عامين على الاعتقال حُكم بالسجن لمدة سبع سنوات، وسيتم الإفراج عنه في آذار من العام القادم.

تروي زوجته المحرّرة رابعة العروج لـ”قدس الإخبارية” قصتهما، وكيف أنهما كانا ينتظران مولودهما “عبد الله”، وتقول: “كنت حاملًا في الشهر الأخير، اعتُقل إسماعيل في الثاني عشر من آذار، وجاء عبد الله إلى الدنيا في نهاية الشهر ذاته”. 

وتُضيف: “كانت لحظات صعبة جدًا علي، كنت أتمنى لو أنه عاش معي تفاصيلها، لكنّ الاحتلال حرمنا منها، وبقي إسماعيل فترة لا يعرف عنّا شيئًا ونحن أيضًا بسبب التحقيق، لكن في النهاية وصله الخبر”.

عبد الله زار والده لأول مرّة في السجن، عندما كان عمره نحو ستة شهور، لكنه لم يستطع احتضانه، وعندما اقترب من عامه الأول احتضنه لأوّل مرّة، فكانت لحظة صعبة على كليهما.

تقول رابعة لـ"قدس": “إن تربية طفلها لم تكن بالأمر السّهل، فهي تقوم بمهام الأم والأب، لكن صورة والده حاضرة دائماً، وتضيف “أكثر المواقف التي كانت صعبة على ثلاثتنا حينما اعتُقلت أنا”. 

اعتقل جيش الاحتلال رابعة من منزلها بعد نحو عامين على اعتقال إسماعيل، واقتادها بعيدًا عن ابنها الرضيع (حينها كانت ما زال مُرضعة)، ومكثت في سجون الاحتلال والتحقيق لمدة شهر، ثم أُفرج عنها.

“سنوات طويلة من الأسر مرّت على إسماعيل، ونحو عامين ونصف في العزل لا نعرف عنه شيئًا، لكن الأمل بالفرج القريب لم يغب، إسماعيل كان حاضرًا في كل تفاصيل حياتنا، في أوقات الفرح والحزن، ووجود عبد الله والعائلة كان يمدّني بالقوّة وباليقين بأن الحرية باتت قريبة”، تقول رابعة.

المحررة رابعة كتبت رسالة بلسان ابنها عبد الله على صفحتها عبر “فيسبوك” في أول يوم دراسي له:   

 جيت يا بابا على هالدنيا وما شفتك

مشيت أول خطوة وما شفتك

وحكيت أول كلمة

ودخلت الروضة وخلصتها وكمان ما شفتك

وهي اليوم رايح على الصف الأول وأنا كمان نفسي أشوفك وأقبل رأسك يا أبوي

فرج الله كربك

يا أبو عبد الله العروج

وفرج الله كرب كل الأسرى

حال إسماعيل ورابعة وعبد الله كحال مئات الأسرى الفلسطينيين الذين حُرموا من العيش مع عائلاتهم، أبنائهم، زوجاتهم، ومشاركة تفاصيل الحياة التي لا يُمكن أن تتكرّر.