شبكة قدس الإخبارية

الخليل في "فوّهة البركان".. ما آخر أحوال كورونا؟

899
فيحاء خنفر

الخليل- خاص قُدس الإخبارية: "كثير من الناس تظهر عليهم أعراض لكن خايفين يفحصوا، ووالدتي وحدة منهم" يراقب الصحفي أحمد الرجبي (26 عاماً) من مدينة الخليل تفشي الفيروس في المدينة بقلق، فبعدما كان يسمع عن الإصابات كأعداد صار الآن يتابعها هو وعائلته بشكلٍ خاص، بعد إصابة 11 شخصاً من الأقارب والمعارف من حولهم، والعدد مرشح للازدياد.

تقدم أحمد لأخذ عينة بعد شعوره ببعض الأعراض، برغم التزامه بيته منذ نحو أسبوعين ونصف، إلا للضرورة متجنبًا الاختلاط، لكنه تفاجأ في الأول من يوليو/تموز بصدور نتيجته "إيجابية" وإصابته بالفيروس.

أجرت أسرة أحمد الفحص أيضًا، وتبين أن والده، وإخوته وهم "شاب وفتاتان مصابون أيضاً"، بينما امتنعت الوالدة عن عمل مسحة بسبب خوفها من الإصابة، وتعيش الأسرة الآن حالة ترقب في منزلها الكائن في عقبة أنجيلة، يقول أحمد: "والدي لا يعرف بإصابته ولا إصابتنا، حتى الآن، خوفاً على معنوياته".

التسارع في ازدياد أعداد المصابين واتساع رقعة الوباء في الخليل خلق رهبة لدى البعض حتى من إجراء الفحص، خوفاً من النتيجة، حيث بلغت عدد الإصابات النشطة في المحافظة 3180 إصابة، منهم 32 يتلقون العلاج في المراكز الصحية، ومنهم 5  في العناية المكثفة، بينهم 2 على أجهزة التنفس الاصطناعي، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 13 كان آخرها لرجل ستيني في مستشفى دورا صباح اليوم.

وبحسب ما صرح محافظ الخليل جبرين البكري مؤخراً فإن نحو 10% من المصابين يعانون من أمراض مزمنة وحياتهم مهددة بالخطر.

يقول المختص في الطب الوبائي د.حمزة الزبدي: "العدوى تتدحرج بصورة كبيرة ففد أصبحت مجتمعية ومصادرها متعددة، وهنالك صعوبة بالغة في تتبع الإصابات فالوباء أصبح منتشراً في الكثير من الأحياء والمناطق داخل المحافظة، كما أن نحو 80% من المصابين لا تظهر عليهم الأعراض وبالتالي يخالطون وينقلون المرض دون أن يشعروا بذلك".

وأضاف الزبدي لـ"قدس الإخبارية": "5% من الإصابات دخلت المراكز الصحية والـ 95% الباقيين محجورين في منازلهم، وهذا يشكل خطورة بالغة لأن جزءاً منهم لا يلتزمون بشكل كامل بالحجر المنزلي".

وأشار إلى أن "الخليل تحتاج لرفدها بالطواقم الطبية، وتحديداً بأطباء وممرضي العناية المكثفة، والحاجة ملحة لأجهزة تنفس اصطناعي، ومراكز صحية متخصصة لعلاج كوفيد 19"، منوهًا إلى إمكانية احتياج أي شخص للعناية المكثفة حتى لو كان شاباً أو ذو صحة جيدة، ورغم أن هذه الحالات قليلة إلا أنها حصلت ويمكن أن تتكرر في أي وقت.

وبحسب الزبدي، فإنّه من المتوقع أن تزداد أعداد الإصابات بالمئات، وأن يصبح الوضع أكثر خطورة خلال الأسبوعين المقبلين إذا انتهى الإغلاق.

وأوضح أن الطواقم الطبية تحتاج ما بين 10-14 يوماً حتى يتم رصد الإصابات الحالية وحصر الخرائط الوبائية لها، مرجحاً انخفاض عدد الإصابات بعد نحو أسبوعين إذا استمر الإغلاق.

وتابع: "نحتاج لقرارات مبنية على المؤشرات الوبائية الحالية"، مضيفًا: "الخشية من عدم كفاية القدرة الاستيعابية للمراكز الصحية من الأمور الأساسية التي تواجه النظام الصحي في المحافظة".

من جانبه، اعتبر مدير المستشفيات الحكومية د. نجي نزال، أن عدم التزام الناس بإجراءات التباعد الاجتماعي وعدم الاختلاط، من المسببات الرئيسية للعدوى، مضيفًا: "البعض غير مقتنع بخطورة المرض، وبعض المخالطين غير ملتزمين بالحجر".

وأوضح نزال لـ"قدس الإخبارية"، أن نقص الكوادر الطبية، يمثّل عائقًا للقطاع الصحي في الخليل خاصة مع تسجيل إصابات بين الطواقم العاملة، ويمثل شح المعدات الطبية عائقاً ثانياً رغم أن وزارة الصحة اشترت بعضاً منها، ولكن عرقلة الاحتلال ستؤخر وصولها لأسابيع.

واعتمدت وزارة الصحة مستشفى دورا الحكومي للتعامل مع مرضى كورونا، كما جرى تقسيم مستشفى عالية الحكومي لقسمين وتخصيص أحدهما لمصابي كورونا من مرضى الباطني للعمليات الجراحية والقسطرة القلبية، إضافة لقسم الولادة من مصابات كورونا، ويحتوي على 100 سرير منهم 6 أسرّة للعناية المكثفة.

وكانت نقابة الأطباء في الخليل حذرت من أن مستشفى دورا غير جاهز للتعامل مع حالات كورونا في ظل عدم جهوزية قسم العناية المركزة، كما طالبت النقابة بنقل المرضى من مستشفى عالية وتحويله كلياً للتعامل مع المصابين بالفايروس، مع التشديد على ضرورة تدريب الكوادر الطبية على آلية العمل في الظروف الجديدة وتوفير احتياجات الوقاية اللازمة لهم.

وحذّر أخصائي الأنف والأذن والحنجرة، د. خليل البابا الذي يعمل في الخليل، من قلة عدد الكوادر الطبية مقارنة بعدد السكان، قائلًا إن إصابة أي كادر ستؤدي إلى إغلاق المستشفى، مما يسبب تدميراً للقطاع الصحي".

وأرجع الإصابات الأخيرة في صفوف الأطقم الطبية إلى عدم التزام بعض المراجعين ونقص شروط الحماية في المستشفيات، على حد قوله.

وقال البابا في حديثه لـ"قدس الإخبارية"، إن "الضغط على الأطباء رهيب جداً، وهناك قلق شديد في التعامل مع المرضى، وضغط نفسي هائل، منذ بداية الجائحة ونحن نقول للزملاء قم بالتعامل مع أي مريض كأنه مصاب بالفايروس، وكأنك أنت أيضاً مصاب به، خشية من وقوع هذه الإصابات".

استمرار الوضع في الخليل على ما هو عليه ينذر بكارثة حقيقية، فبعدما كانت تعد الإصابات بالعشرات أصبحت تحسب بالمئات يومياً، وتشكل نسبة الإصابات النشطة في الخليل نحو 78% من مجمل الإصابات في المحافظات الأخرى والبالغة 4100.