شبكة قدس الإخبارية

دموع لوالدها المحرّر الرّفاعي: “أنت فعلاً معنا ولّا بنحلم؟”

6lx9a554b1n4

رام الله المحتلة - خاص بقدس الإخبارية: عن تلك اللقاءات التي تأتي بعد عمرٍ طويل من الحرمان والأسى، عن وسادة كانت تغرق في الدّموع وتسأل متى ينتهي الألم والظلم، متى سيعيشون كل تفاصيل عمرهم مع بعضهم البعض، لا يفرّقهم السجان ولا السجون.

دموع هي ابنة الأسير الفلسطيني ماهر الرفاعي (45 عامًا) الذي قضى 19 عامًا في سجون الاحتلال، وهو عمرها الذي قضته بعيدًا عنه، ففي اليوم الذي اعتُقل فيه والدها كانت جنينًا في رحم أمّها.

في التاسع عشر من شهر حزيران/ يونيو عام 2001 اعتقلت قوات الاحتلال الرفاعي من بلدة كفر عين شمال رام الله، وفي الثلاثين من شهر آب/ أغسطس من العام ذاته وُلدت ابنته الثانية، وكان ما زال قيد التحقيق، حينها تمكن المحامي من زيارته مبلّغًا إياه بولادة زوجته، فبكى، وقال فلتسمّوها “دموع”.

تقول دموع في حديثها لـ”قدس الإخبارية”: “الثامن عشر من حزيران كان يومًا من العمر، تجهزت أنا وعائلتي له منذ فترة طويلة، فهو اللقاء الذي سيجمعني بوالدي بدون قضبان السجون، بدون السماعة البغيضة التي تحجب عني صوته، بدون الزجاج الذي يُخفي ملامحه”.

وتضيف: “انتظرته عند حاجز الظاهرية، كان برفقة أربعة أسرى آخرين، في البداية قلت “وين أبوي”، لكن سرعان ما عرفته، وركضت إليه كطفلة مشتاقة جدًا لحضن والدها الذي لم تحضنه سوى مرة واحدة فقط”.

دموع كانت تزور والدها في السجون، وترفع السماعة وتسمع صوته، وتراه من خلف الزجاج، لكنها لم تحتضنه سوى مرة واحدة عندما كانت في السابعة من العمر، وقالت: “صوته كان طبيعيًا، لا تشويش، وملامحه جميلة بدون الزجاج الذي كان يفصل بيننا أثناء الزيارة”.

ما بعد الحرية

انتهى الاستقبال وبقي الرفاعي مع ابنتيه ميس ودموع، يقبلهما تارة ويعانقهما تارة أخرى، يتحدثّون مع بعضهم عن أمور عديدة، وفي الوقت ذاته لا يصدّقون أن الحلم أصبح حقيقة.

عند الرابعة فجرًا، استيقظ الرفاعي وذهب لغرفة دموع يُحاول أن يشبع من رؤيتها بعد 19 عاماً من البُعد، فزعت لكنها تذكّرت بأن والدها عاد وملأ المنزل بعد أن كان موحشًا بسبب غيابه، وعند السادسة صباحًا بدأ يُجهز الفطور لهم، تقول دموع.

وتُضيف: “من ليلة أمس وحتى الصباح ونحن نقول أحقًا أنت معنا أم أننا ما زلنا نحلم، الحمد لله أنه بيننا”.

وحدّثتنا دموع أيضًا عن صعوبة غياب الأب عن البيت، خاصة خلال المناسبات الاجتماعية، وتقول: “وُلدت، وتنقلت بين المراحل الدراسية ونجحت في التوجيهي ودخلت الجامعة، ولم يكن موجودًا، ولكنه كان دائم الحضور في كل تفاصيل حياتي، كان يشجّعني ويمدّني بالقوّة لاجتياز كل الصعاب والمحن”.

وفي مشهد مؤثّر لحظة استقبال دموع لوالدها المحرر قالت وهي تحتضنه بشدّة “يابا خليني معك”..