شبكة قدس الإخبارية

عن الشهيدين "إبراهيم" و"نور"... إليكم الرواية

86

فلسطين المحتلة- قُدس الإخبارية: منذ ساعات الصباح الأولى، باغت الفلسطينيين خبرُ استشهاد شابين بظروفٍ متفرقة، وبأماكن مختلفة، لكن ما يجمعهما أن "القاتل واحد".

وأعلن عن استشهاد الأسير نور البرغوثي من قرية عابود غرب رام الله، داخل سجون الاحتلال، فيما أعلن لاحقًا عن استشهاد الشاب إبراهيم هلسة برصاص الاحتلال عقب تنفيذه عملية مزدوجة بالدهس والطعن على حاجز "الكونتينر" ببلدة السواحرة جنوب شرق القدس المحتلة.

حكاية نور، بدأت باعتقاله بشباط 2017، بدعوى الضلوع بأنشطة مقاومة ضد الاحتلال، والحكم عليه بالسجن لثمانية أعوام، قضى منها 4 أعوام، حتى استشهاده اليوم.

وكان يقبع في غرفة رقم (15) بقسم رقم (25) بسجن النقب الذي يعد أكبر سجون الاحتلال، يشارك الأسرى حياتهم وأجواءهم، وهو بصحة جيدة لا يعاني أمراضًا مزمنة أو مستعصية.

سقط مساء أمس في حمّام الغرفة فاقدًا للوعي، وحاول أسرى الغرفة فتح الباب، لكنهم لم يتمكنوا وقاموا باستدعاء الإدارة التي تعمدت التأخر لأكثر من نصف ساعة.

ولم تحضر إدارة سجون الاحتلال إلا بعد حالة من الغضب من قبل أسرى القسم، تمثلت بالتكبير والصراخ والطرق على الأبواب، وبعد نقله من السجن أعلن عن استشهاده فجرًا. وسادت في سجن النقب الصحراوي حالة من الحزن والغليان، وعلت التكبيرات والدعاء للشهيد البرغوثي في كل أرجاء السجن.

والدة البرغوثي وشقيقاته وأقاربه استقبلوا الخبر الصادم، بحزنٍ بالغ، على فراقه بهذه الظروف، بعد أن منعوا قسرًا من رؤيته قبل استشهاده. فيما قال والده المسن الحاج جابر البرغوثي، "ابني استشهد في سجون الاحتلال، وهم الذين تسببوا في إعدامه، ويتحملون المسؤولية الكاملة".

وقالت شقيقته في حديثها للإعلام، "شقيقي تمنى الشهادة قبل اعتقاله، واليوم هو شهيد وحُرّ وروحه حرّة خارج سجون الاحتلال، وفي الزيارة كان يتمنى يوم الحرية، وقد تحقق مراده اليوم، فروحه فارقت الجسد الأسير تشتكي لله ظلم الاحتلال".

الغزال وصورة الفرح

أما الشهيد إبراهيم، فمنزله يبعد عن "حاجز الكونتينر"، أمتارًا قليلة، على أرض أجداده التي صودرت لإقامة حاجز عسكري يملكه الاحتلال ويتحكم بمفاصل الحياة والحركة هناك، ما كان يخلق في قلبه غصّة مستمرة.

فزعت والدته على النداءات والصراخ، حين تناقل الخبر "الجيش طخوا إبراهيم"، صرخت قهرًا وفزعًا، واقتادها الاحتلال للمكان، لترى آخر موطئ قدم للثائر الراحل، وقلبها يتلمس الطريق، يتمنى لو تمنع كل العابرين من الخطو، تمنعهم من الخطو فوق خطوه.

ترك نور بعد استشهاده اليوم، طفلًا يرقبُ والدًا لن يعود، وزوجة تحمل صورة الزفاف، لشريكٍ لا تُنسى ابتسامته، ووالدة تقتلها الصدمة، وأبٌ يلعن الاحتلال كل دقيقة ولا يصدق رحيله.

كان يسميه أصدقاؤه، "الغزال"، وها هو الآن يرحل سريعًا، تاركًا لهم أيضًا مواقف من الإخلاص ومحبة الجميع والمبادرة في فعل الخير والمساعدة في لجان الطوارئ، وصورته معهم خلال حفل زفافه قبل مدة لم ينسوا تفاصيلها، وها هو يختار زفّة جديدة.

اليوم، سقطت قنابل الصوت والغاز على رؤوس أهله وذويه في المنزل، بعد اقتحام قوات الاحتلال لمنزله عقب وقت قصير من الحدث، وفي زاوية المنزل والدة تكادُ تقتلها الصدمة، ووالده لا يصدق فقدان فلذة كبده، بالرغم من رؤيته لدمه على الحاجز وجثمانه ممددًا.

العائلة ثابتة على موقف واحد، وهو أن إبراهيم يسترد حقه المسلوب، في الأرض والهوية، فـ"الغزال" يعدو حرًا، ولا يقبل الصيد الرخيص.