شبكة قدس الإخبارية

كيف سينتهي وباء كورونا؟

90513946_10216433004086030_5636587295403409408_n
همام يحيى

بخصوص "كيف سينتهي الوباء؟"، هناك الاحتمالات التالية:

١- الاحتواء: أي أن ينتهي بالطريقة نفسها التي انتهى بها فيروس SARS عام ٢٠٠٤، بحيث يُعزَل جميع المُصابَين، وأمّا ان يَشفَوا أو يُتوّفَّوا، ولا يعود هناك بؤر عدوى .. هذا احتمال في حكم المستحيل، لأن الفيروس شديد العدوى highly contagious لكنّه ليس شديد الأذى والإماتة في المُجمَل، وكثير من حامليه بلا أعراض أو بأعراض طفيفة ولن يُفحَصوا أصلا.

٢-اكتمال الوباء وتشكّل مناعة القطيع بلا تدخّل: أي أن يأخذ الوباء مداه الكامل، بلا عزل ولا حجر ولا حظر ولا تباعد، فيُصيب جميع البشر الذين يجدهم في طريقِه، فإمّا أن يعيشوا ويكتسبوا مناعةً ضدّه، أو يموتوا بسببه، فلا يعود هناك من يمكن أن ينقلَه لعلّ هذا ما حدث مع الانفلونزا الإسبانية، وهذا خيار لا يدعو له أحد ولا يتبنّاه أحد، وهو خيار مدمِّر وغير أخلاقي ونتيجتُه انهيار المستشفيات وتكدّس الجثث في الطُّرُقات.

٣-تشكُّل مناعة القطيع المتدرجة وتحويل الوباء لمرض موسميّ: أي الإقرار بأن احتواء الوباء بشكل كامل مستحيل، وأن تركَه يأخذ مداه بشكل كامل غير ممكن ولا مقبول بالتالي يُصبحُ الهدف هو إبقاؤه تحت السيطرة بالعزل والحظر والتباعد الاجتماعي، وبتوسيع نطاق الفحص وتتبُّع المخالِطين، والنتيجة أنه سينتقل ببطء، ويؤدّي لوفيات لا بدّ منها ولكنّها غير محصورة في نطاق زمني ضيّق، وتتشكّل مناعة ضدّه ببطء، إلى حين تصنيع لُقاح سيوسّع من نطاق أصحاب المناعة الذين لن يستطيع الفيروس استخدامَهم كناقلين له، هذا هو الخيار الذي تتبنّاه جميعُ الدّول، صراحةً أو ضِمناً.

هذه الاحتمالات لا تأخذُ في الحُسبان بعض المفاجآت السعيدة التي نتمنّاها، مثل أن نكتشفَ أثراً قويّا جدّاً لارتفاع الحرارة على الفيروس، أو أن يكون لأحد الأدوية الموجودة سلفاً أثر ضدّ الفيروس -لأنّ تصنيع علاج وتجريبَه من الصفر سيأخذُ وقتاً طويلاً يحولُ دون التأثير جذريّاً في مسار الوباء-أو أن نكتشف أن جزءاً واسِعاً من البشر، لأسباب جينية أو بيئية، أقلّ قابليّة للإصابة بالفيروس أو نقلِه، وبالتّالي أن يكون هؤلاء نقاطَ نهاية dead ends لسلسلة العدوى.

وحتّى بتضافرِ هذه العوامل، وبتصنيع لقاح بعد عام ونصف، سيكون الفيروس غالباً قد انتشر على نطاقٍ واسع، كما أننا نعرف من تجارب سابِقة أن أكثر اللقاحات توفّراً لا تصل لجميع البشر، ولهذا ما زال مرض مثل شلل الأطفال موجوداً رغم توفّر لقاح فعّال وآمن ورخيص منذ عقود.

بالتالي، الاحتمال الأكبر أن يتحوّل الوباء، أو نحوِّلَه نحن بتعبير أدقّ، لمرض موسميّ، ويُصبحَ من أسباب "نزلة البرد" لبعضِنا، ومن أسباب الوفاة للبعض الآخر،  أسباب الوفاة الكثيرة، والتي من بينها "وجع الحياة" كما قال درويش.