شبكة قدس الإخبارية

احذروا خلط هذه المواد.. أخطاء قاتلة عند تنظيف وتطهير المنزل

93

طب وصحة- قُدس الإخبارية: يخشى كثيرون الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وإمعانًا في طرد هواجس وصول العدوى إليهم يمارسون أشياء قد تضرهم، من بينها مثلًا استعمال أكثر من مادة منظفة أو مطهرة.

يتوهم هؤلاء أن خلط المواد الكيميائية يزيد من القوة التنظيفية أو التطهيرية لها، وهذا منطق لم تثبت جدواه، وله في الوقت ذاته عواقب وخيمة.

في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، شهد مطعم "بافلو وايلد وينغز" بمدينة برلينغتون التابعة لولاية ماساتشوستس الأمريكية حدثًا مؤسفًا، إذ حاول بعض موظفي المطعم تطهير الأرضية بشكل متقن؛ وخلط مادتين منظفتين على الأرضية. على الفور تكونت مادة جديدة وبلون أخضر، وانطلقت منها سحابة أبخرة كثيفة.

خرج مدير المطعم، ريان بالديرا (32 عامًا) من مكتبه مذعورًا، حاول أن يخمد سحابة الأبخرة، لكنه سقط مغشيًا عليه، وفي المستشفى لفظ أنفاسه الأخيرة. ورد في تقرير المستشفى أن العامل خلط تركيبتين منظفتين، إحداهما تحتوي على الكلور والأخرى تتكون من أحماض؛ فنتج عن ذلك غاز الكلور السام، ما أودى بحياة بالديرا سريعًا.

أفادت نتائج التحقيق أن العامل خلط تركيبة تحتوي على الكلور (هيبوكلوريد الصوديوم)، تركيزه 8 – 10% مع تركيبة منظفة للأرضيات حمضية الوسط الهيدروجيني، وتحتوي على مادتين فعالتين؛ حمض الفوسفوريك بتركيز (22 – 28%)، وحمض النيتريك (18 – 23%)، ما أدى لتكوين سحابة كثيفة من غاز الكلور القاتل.

أما تقرير الرابطة الأمريكية لمراكز مكافحة السموم، فقال إن الولايات المتحدة ترصد ما يزيد عن 2000 حالة مماثلة سنويًا، وأن عام 2017 شهد 2824 حالة تسمم جراء خلط المواد المنظفة بشكل عشوائي.

يدندن هؤلاء على وتر النتيجة "التآزرية"، ومفاده أن استعمال مادة لها قوة تطهيرية ولنفرض (5) مع آخر قوته التطهيرية (3)؛ فالبديهي أن يكون مجموع الفعل التطهيري للمركبين الكيميائيين (8)، لكن الواقع يقول إن نتيجة هذا الخلط قد لا تُثمر علاقة تآزرية، بل سامة ومميتة أحيانًا مثلما حدث في مطعم "ماساتشوستس".

في حين، ينجم عن خلط المضادات الحيوية تثبيط فعالية المواد الفعالة في كل المضادات المستخدمة، لا يترتب على استعمال أكثر مضاد حيوي تسريع وتيرة الشفاء، والأمر نفسه عند استعمال المنظفات والمطهرات؛ فما بواعث هذه السمية؟ وكيف نتجنبها؟


أولًا: مركبات الكلور متنوعة في التركيبات المنظفة، وقد لا يكون الكلور مادة رئيسة في تركيبة ما، أي ربما لا تكون المادة الفعالة في التركيبة، لكنه يلعب أدوارًا ثانوية، ما يعني حتمية عدم خلط مركبات لا نعلم محتواها درءًا للمخاطر الناجمة عن هذه الخطوات الكارثية.

يدخل الكلور في تركيبات المنظفات العامة، وتركيبات منظفات الأرضيات والأطباق، فضلًا عن تركيبات تنظيف وتطهير الأسطح على اختلاف أنواعها، وكذلك تركيبات منظفات الأنسجة والملابس.

تعد مركبات الكلور من المواد المُبيِّضة للملابس (قاصرات الألوان)، ومثله في ذلك مبيضات الأوكسيجين، ومواد التبييض بالاختزال، ومواد التزهير أو الصبغ البصري. أشهر مركبات الكلور استعمالًا في التركيبات المنظفة مادة هيبوكلوريد الصوديوم NaOCl، في حين تستخدم أقراص هيبوكلوريد البوتاسيوم في تطهير أحواض وحمامات السباحة.

ثانيًا: يتعين عدم خلط هيبوكلوريد الصوديوم مع غيره من المواد الكيميائية الأخرى، خصوصًا المواد التالية:

1-    الخلط مع الأمونيا

الأمونيا (روح النشادر NH3) غاز عديم اللون، نفاذ الرائحة، توجد في الطبيعة بنسب قليلة، ويفرزها الجسم البشري بكميات ضئيلة، وفي حالة زيادتها فإنها تشير إلى حالة طبية تستلزم مراجعة الطبيب المختص.

عند خلط مركبات الكلور مع الأمونيا (روح النشادر NH3)، تنتج مركبات الكلور-أمينات Chloramines وتشمل كلورأمين الأحادي (NH2Cl) وكلورأمين الثنائي NH(Cl)2، وهي من الغازات شديدة الخطورة.

تدخل الأمونيا في تركيبات كيميائية عدة، من بينها منظفات الأسطح الزجاجية، لذلك يُرجى الحذر من خلط مركبات الكلور مع منظفات الأسطح الزجاجية.

2-    الخلط مع الأحماض

تشمل التركيبات الحمضية كل التركيبات التي يكون فيها الأس الهيدروجيني/الوسط الهيدروجيني (PH) أقل من 7.0، وكلما كانت درجة الحموضة أقرب إلى الواحد زادت الخطورة، ويدخل في عِداد هذه الفئة منظفات الأرضيات (فلاش، هاربك)، منظفات البالوعات، مزيلات الصدأ، وغيرها من التركيبات الحمضية.
يشار للأحماض في بعض الدول العربية باسم "مياه النار"، وأكثر الأحماض المستعملة في تنظيف الأرضيات حمض هيدروكلوريك HCl وحمض الكبريتيك H2SO4 سواء كان مركزًا أو مخففًا. 

خلط التركيبات الحمضية مع مركبات الكلور ينجرّ عنه غاز الكلور السام (الكلورين)، والمستخدم في الحروب الكيميائية منذ الحرب العالمية الأولى. يصل الكلورين سريعًا إلى الرئة، مولّدًا خليطا من حمض الهيدروكلوريك وحمض هيبوكلوريس وكذلك حمض هيبوكلوريد، ناهيك بمركبات مسببة لتآكل الأنسجة والأغشية المخاطية. 

3-    الخلط مع الكحوليات

يخلط البعض الكلور أو مركباته مع الكحوليات (ميثانول، إيثانول، أيزوبروبانول، بيوتانول)؛ للتأكد من تطهير الأسطح الصلبة أو حتى الأيدي والأسطح الرخوة، طلبًا لوقاية النفس والآخرين من هاجس العدوى بفيروس كورونا المستجد وغيره من العوامل المُمْرِضة، ومسبّبات الأمراض على اختلاف أنواعها، لكن الخطورة قائمة في هذه الحالة أيضًا.
عند تفاعل مركبات الكلور مع الكحوليات أو الأسيتون، تنتج مادة الكلوروفورم، وهي مادة مسرطنة مُحتملة للإنسان وفق تقارير وكالة حماية البيئة الأمريكية EPA ومركز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأمريكي CDC، ويجدر أن نبتعد عنها تمامًا.

يعد ماء الأوكسجين (هيدروجين بيروكسيد H2O2) مكافئة لهيبوكلوريد الصوديوم في تبييض الأنسجة والملابس، ولها فعل تطهيري قوي، وتستعمل في مطهرات الفم والأماكن الحميمية، ويفضله البعض على الكلور لانعدام رائحته، في حين يمتلك الكلور رائحة نفاذة، لكن خلط ماء الأوكسجين مع الأحماض قد يؤدي إلى كارثة.

ينجم عن خلط ماء الأوكسجين بالأحماض إطلاق حمض البيرخليك Per-Acetic Acid، يُعرف كذلك بحمض البيروكسي أسيتيك، ويشار إليه اختصارًا PAA، وهو من المواد شديدة السُّميّة للأسماك والأحياء المائية، فضلًا عن تأثيراته الخطيرة على الصحة العامة.

لذلك، وحرصًا على سلامتك وسلامة من حولك، لا تغامر بخلط المواد الكيميائية؛ فإن النواتج الكيميائية قد تكون عديمة اللون أو الرائحة، لكنها تضر بصحتك وصحة الآخرين على نحوٍ غير متوقع.

المصدر: وكالات- الجزيرة