شبكة قدس الإخبارية

أصبحتُ أمًا.. لكن في زمن "الكورونا"!

850067.gif

رنين الكيلاني - قبل شهرٍ واحدٍ مثل اليوم، أبصر ابني الأول "ينال" النّور و أصبحت أمًا ! وتغيرت حياتي فجأة، أصبحت مُقبلة عليها بشكلٍ مفرط، فمددت ذراعي على امتداد الكون لأفهم كيف يستطعنَ الأمهات أن يلدن أنفسهن مجددًا عند ولادة أطفالهن وأدركت أخيرًا معنى ذلك حرفياً.

أن تبذل الواحدة فينا نفسها حتى آخر رمق لتفهم كينونة ومشاعر وطبيعة جسدٍ عند حمله لصدرك لا يملأ حجمه الصغير كامل يديك، ورغم ذلك تبادله الخوف والحب والفرح والحزن والأمل والرهبة وكل المشاعر المتناقضة كما لا تبادلهم لأحد.

ولم أستقبله كما استقبلت باقي الأشياء التي انتظرتها في حياتي بقناع قطة ساخرة أخيف به أطفال الحي ومن حولي وأخفي بسذاجته شوقي للأشياء التي أنتظرها، استقبلته كما لو أنني لم أنتظر في حياتي أي شيءٍ عداه .

أصبحت أمًا ورسمت كثيرًا في الماضي بمخيلتي هذه اللحظة، كنت أعتقد أنها مهمة أسهل بكثير مما أعتقد، ما الصعوبة في جعل ملاك يقول لكِ "ماما"؟ لكنني الآن في بداية الطريق وفهمت لماذا الجنة تحت أقدامنا، وأن مهمتي لا تقتصر على الاحتواء وبعث الحنان إليه والتخلي عن أنانيتي والتضحية من أجله ولا يكفي أن أحارب لأكون البسمة على ثغره بدلًا من الدمعة، أن أكون الدواء قبل أن يصله المرض، أن أكون عينيه التي ترى وقلبه الذي ينبض وكلّ وتحركاته.

فهمت بصورة أعمق من كل هذا أنه امتداد لي وصورة مصغرة لأفكاري وطموحاتي وأهدافي وأنني الباب الأول لديه لدخول هذا العالم الموحش والمقفر. وأنه السبب الإيجابي الوحيد الذي يجعل من نكران الذات أمرًا جيدًا والتخلي عن روتيني اليومي وأحلامي إنجاز مقابل بكائه المستمر ليلاً ليقول في وجه العالم ووجهي أنا هنا.

أصبحت أمًا، وتصادف ذلك مع انتشار وباء "كورونا" في العالم، وازدياد عدد الوفيات في أرجائه، وارتفاع سعر الدولار في الأسواق؛ ووقاحة ردود الأفعال إزاء مخططات ترمب وتقسيم البلاد، وتغير خطابات المقاومة واتجاه البوصلة. 

أصبحت أمًا وفلسطين ما زالت محتلة، والتعليم وشكل ملابس المدرسة وكتب التاريخ مجرد نكتة، أصبحت امًا في زمنٍ فاسد ومرحلة شرسة لا ترحم ضعيفًا ولا تحمي محتاجًا.

أصبحت أمًا وتصادف ذلك مع شهر يوم الأم، لو تصادف ذلك في زمنٍ ويوم آخر لقلت لابني كما يقول الشعراء وكما يكتب الكتاب خواطر ورسائل مليئة بالمواعظ والنصائح ولكنني لن أكون الأم المثالية التي تخيلتها لأنني لا أملك "طولة البال" الكافية لذلك، سأقول لينال في عصر الكورونا كن قويًا لأجلك وكن بخير لأجلي..