شبكة قدس الإخبارية

 الاقتصاد الفلسطيني في مرحلة الانعاش.. هل جاءت كورونا لتقضي عليه؟

U0n71
دعاء شاهين

رام الله – خاص قدس الإخبارية: لم يعد مقهى "كوستا " بمدينة رام الله بالضفة المحتلة يعج بالمرتادين إليه كما السابق فكل شيء في المكان بات ساكنا، وأوقفت حركة الزبائن وسرح العاملون من عملهم بعدما أغلقت أبوابه أمامهم، مجبرا، تحسبا لأي طارئ ناتج عن انتشار وباء كورونا الذي غزا العالم ويبدو أن فلسطين أخذت نصيبها منه.

 بعد أن أعلنت السلطة الفلسطينية في الخامس من الشهر الجاري حالة الطوارئ لمدة شهر عقب تسجيل أول إصابات بفيروس كورونا في مدينة بيت لحم، ووصل إجمالي الإصابات في صفوف الفلسطينيين بفيروس كورونا إلى 41 حالة.

وبموجب حالة الطوارئ، اتخذت السلطة سلسلة إجراءات احترازية شملت إغلاق الفنادق وإلغاء حجوزات السياح ووقف استقبالهم فضلا عن إغلاق مطاعم وأماكن عامة، المؤسسات التعليمية، صالات الأفراح، الأندية، وهو ما تسبب ببطالة مؤقتة لآلاف العاملين، في الوقت الذي تعاني منه الأراضي الفلسطينية من ارتفاع نسب البطالة والفقر.

وفي مدينة كرام الله تنشط حركتها ليلا ونهارا لم يكن بالسهل على الأهالي وأصحاب المهن اتخاذ مثل هذه الإجراءات كونها سلاح ذو حدين، فالأول يكمن في كونها إجراءات وقائية والآخر إغلاق مصدر رزقهم.

يقول علاء أبو الحج في حديثه "لشبكة قدس": "أزمة كبيرة وخطيرة لحقت بالمطعم والعاملين فيه بعد قرار الطوارئ كونه مصدر الدخل الوحيد الذي نعتمد عليه ويعتاش من خلاله سبعة عاملين جميهم يعيلون أسر هم وبحاجة لتوفير قوت يومهم، الآن هم بدون عمل ولا نعرف إلى متى سيبقى الحال هكذا لكن في حالة استمر لفترة أطول، حقيقة، الأمر سيبدو معقدا للغاية".

وأضاف "أن الدخل اليومي للمطعم كان يقدر بـ 4000 شيكل لكن الآن صفر، كما أن أجور العاملين يتنوع ما بين 2000 إلى 3000 شهريا، والآن ليس لدينا القدرة على دفع أجور العاملين، أو ثمن إيجار المحل الشهري فهذه الخسارة الكبيرة من سيعوضنا إياها".

وأكد على أنه مؤيد للقرار لكنه في نفس الوقت طالب الجهات الحكومية التي أصدرته بوضع خطة إستراتيجية لتعويضهم، أو إعفائهم من دفع الإيجار الشهري والذي يقدر بـ 200 دولار أمريكي، فيما نوه إلى أنهم محافظون على القيام بإجراءات الوقاية الشخصية تحديدا بعد التأكد من وجود حالات منتشرة في مدن كبيت لحم.

ولا يختلف الحال كثيرا في مدينة غزة المحاصرة صغيرة المساحة والمكتظة بالسكان رغم أنه لم يعلن حتى الآن وجود أي إصابة بالفيروس، فتقوم الجهات الصحية بإمكانات متواضعة لإجراء الفحوصات، إلا أن ذلك لم يعف الحكومة بغزة من اتخاذ إجراءات احترازية مشابهة للضفة لكن بأقل حدة، وبدأت وزارة الصحة الفلسطينية باتباع إجراءات الحجر الإجباري للقادمين عبر معبري بيت حانون ورفح، في مدارس تم تخصيصها للحجر الاحترازي بعد أن أغلقت أبوابها أمام الطلاب، بينما تم تخصيص مركز مسقط الطبي في خان يونس مكانًا لحجر المرضى.

 وفي أحد المقاصف التابعة لمدرسة بنات جباليا الإعدادية شمال قطاع غزة، بدت علامات التذمر واضحة على أصحاب تلك المحلات التجارية بسبب توقف الحركة الشرائية وتعطيل مرافقها التعليمية، ما ألحقهم بخسائر فادحة.

يقول الشاب أحمد والذي يعمل بائعا في مقصف مدرسي: "ما نتعرض له صعب جدا ولدينا تخوفات وخشية من استمرار هذه الإجراءات لفترة أطول في حال لم يتوقف هذا الوباء، الأمر ليس مقتصرا على البيع فهنالك التزامات متعددة تقع على عاتقنا، بدءًا من تصريف دفعات مالية للتجار، وتعويض جزء  من أموال الإيجار التي دفعت لوزارة التربية والتعليم لترسوا عليهم المناقصة وتقدر بـ 20 ألف شيكل".

وأضاف يشكل البيع في المقصف المدرسي مصدر دخل لي ولشقيقي ووالدي، جميعنا نعمل بهذه الحرفة الموسمية، فمن المعروف أن أي خلل طارئ يعصف بالبيع يؤدي إلى تدهور الموسم وتثاقل الديون على كاهله، راجيا أن تنتهي هذه الأزمة سريعا وتعود الحياة بشكلها الطبيعي.

قلق وتخوفات كبيرة بين الفلسطينيين في حال استمرت هذه الأزمة من ناحية صحية واقتصادية وتحدث مسؤولون محليون عن رصد انخفاض في معدلات الحركة التجارية بنحو 50 في المائة مع تصاعد أزمة انتشار فيروس كورونا لا سيما بشأن قدرة أصحاب المنشآت التجارية على الحفاظ على صمودها أم لا.

 وعن تداعيات الطوارئ التي حلت بالأراضي الفلسطينية نبه المحلل والخبير الاقتصادي أسامة نوفل بأن هناك نوعان من التأثير بصفة عامة على الاقتصاد الفلسطيني وقطاع غزة، نظرا لأن الاقتصاد الفلسطيني في حالة تآكل وتدهور، وفي عام 2019 شهد تراجعا خطيرا في معدلات النمو.

وبالتالي تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي إلى 3%، كذلك زادت الإجراءات بشأن الكورونا الإشكالية فيما يخص تأثيرها على موازنة السلطة الفلسطينية التي تعتمد بنسبة 80 % من خلال الإيرادات المحلية من رسوم وضرائب. وفي ظل وجود مثل هذه الإجراءات ستتراجع هذه الإيرادات بشكل واضح.

 وأوضح أن أهم القطاعات الأساسية تأثرا هو الخدمات الذي يشكل ما نسبته 60 % من الناتج المحلي الفلسطيني، والعمال الذين يعملون داخل الأراضي المحتلة وعددهم 160 ألف عامل، وتشكل عوائدهم ما نسبته 35-40% من الناتج القومي الفلسطيني، وفي حالة توقفوا كليا بسبب الإغلاقات ومنعوا من الدخول للعمل فإن الاقتصاد الفلسطيني سيخسرها هذه القيمة.

  وأضاف: "تعرض قطاع السياحة لخسائر بفعل الكورونا فالضفة تعتمد بشكل كبير على السياحة وبعد توقفها تم تسريح مئات العمال، أما الخسارة الأخرى فهي تعلق الخدمات الخاصة بالنقل الخاص، ونقل البضائع، لأن كل المدارس والجامعات توقفت".

وعلى مستوى القدرة على الاستيراد من الخارج بين أنها ستشهد سيتراجع الإنتاج العالمي من الغذاء وبالتالي ستتأثر الأراضي الفلسطينية التي تعتمد في معونتها من المساعدات الخارجية، لا سيّما بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الوباء عالمي.

وفيما يخص قطاع غزة ذكر نوفل أن الخسائر ما زالت محدودة مقتصرة على توقف قطاع النقل الخاص بالجامعات والمدارس، خسارة لبعض المطاعم، المحال التجارية، وأكد أن الوباء ما زال في مرحلته الأولى. وفي حال انتشر سيضرب الاقتصاد الفلسطيني كليا.

 وأشار إلى أنه في ظل هذا الوباء، الحكومة الفلسطينية سواء كان بالضفة أو قطاع غزة، عليها التزامات كبيرة من ضمنها توفير المستلزمات الطبية لعلاج هذا الفيروس وبالتالي هي بحاجة إلى نفقات أخرى غير مدرجة في موازنة السلطتين وهذا من الخسائر الكبيرة التي تلحق بالاقتصاد الفلسطيني.