شبكة قدس الإخبارية

في زمن "كورونا"... كيف حال مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالشتات؟

82

الشتات- خاص قُدس الإخبارية: تتصاعد الأرقام والأحداث حول العالم بسبب انتشار فيروس "كورونا-كوفيد 19" بدءًا من آسيا وأوروبا وصولًا إلى افريقيا وأمريكا، وسط قرارات دولية بقطاعات مختلفة وإعلان حالات الطوارئ. لكن أين مخيمات اللاجئين من كلّ هذا؟

تشهد مخيمات اللاجئين اكتظاظًا بشريًا هائلًا، وسط بنية تحتية ضعيفة، وخدمات صحية واجتماعية مترهلة، ويمكن لأحد أن يتخيل ماذا تعني إصابة أبناء المخيمات بفيروس كورونا، وسرعة الانتشار واحتمالية فقدان السيطرة.

ففي لبنان، تعد مخيمات اللاجئين أكثر التجمعات اكتظاظًا في البلاد، وتضمّ قرابة نصف مليون لاجئ، تقودها "الأقدار وحسن الحظ" إلى عدم تسجيل إصابات -حتى الآن- فيها، بدون أن تتخذ السلطات الرسمية تدابير صحية وقائية قصوى وخطة طوارئ مشتركة من الهلال الأحمر والدفاع المدني الفلسطينيين لمواجهة الوباء ومنع وصوله إلى المخيمات.

سقطت المخيمات الفلسطينية من خطة الطوارئ الذي أعلنتها وزارة الصحة اللبنانية لمواجهة الوباء في البداية، باعتبار أن مسؤولية الوقاية والعلاج في حال ظهور إصابات، تقع على عاتق "أونروا" التي تتكفل بشؤون اللاجئين واستشفائهم ضمناً. وفقًا لصحيفة الأخبار.

في التفاصيل، أجرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، في العاشر من آذار الماضي، فحوصات لثلاث حالات فلسطينية من مخيمات (المية والمية وعين الحلوة ومنطقة الغازية) أظهرت خلوّها من "كورونا"، مؤكدة أن لا إصابات بالفيروس بين اللاجئين الفلسطينيين.

الوكالة التزمت بقرار وزارة التربية، فأقفلت المدارس التابعة لها في كل المخيمات والتجمّعات، وشرعت في تنظيم ندوات للتوعية، وعمّمت رسائل على تطبيق "واتساب" ووسائل التواصل الاجتماعي.

من جهتها، دعت السلطة اللبنانية إلى "اتخاذ تدابير كاملة في محيط مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والسوريين ومنع الدخول إليها والخروج منها، كتدبير للحد من فيروس كورونا". في خطوة اعتبرها مراقبون "تمييزية" بإحكام الحصار على المخيمات، وحظر الحركة منها وإليها، وكأنها هي مصدر "الفيروس"، علما أنّه لا وجود لأي حالة فيها.

من جانبه، أعلن وزير الصحة حمد حسن انتقال فيروس كورونا المستجد من مرحلة الاحتواء، إلى مرحلة الانتشار، وهذا ما يزيد المخاوف من إمكانية انتشاره في المخيمات، خصوصاً مع ازدياد عدد حالات الإصابة في لبنان، والتي وصلت إلى أكثر من ثمانين حالة.

كما لا تشمل خطط المواجهة الحكومية، تجهيز المستشفيات داخل المخيمات في ظل الشكوى من عدم قدرة مستشفى بيروت الحكومي على استيعاب المصابين، فيما مستشفيات الأقصى والنداء والقدس والهمشري في عين الحلوة ومحيطه لا تشتمل على غرف عزل.

ويعتمد سكان المخيم أساساً على مستشفى صيدا الحكومي الذي يعاني من تعثر تشغيلي ونقص في المستلزمات الطبية، حتى من قبل بدء الأزمة الاقتصادية وانتشار الفيروس.

وتعاني المستشفيات التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في المخيمات "بلسم في الرشيدية والناصرة في بر الياس وصفد في البداوي وحيفا في برج البراجنة، فضلاً عن الهمشري في صيدا" من نقص شديد في مختلف التجهيزات.

المثير للخوف في مخيمات صور، اختلاط سكانها بالبيئة الجنوبية التي سجلت أكثر من حالة إصابة. وأي إصابة كفيلة بنقل العدوى إلى المئات.

المفوضية والمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية

جهود مفوضية اللاجئين في لبنان، تنصب على نشر المعلومات الصحيحة وتوعية اللاجئين بهذا الخطر الصحي العالمي، ومنها: "نشر المعلومات المتعلقة باحتياطات النظافة الشخصية والوقاية، وتوفير موظفين للإجابة عن أي أسئلة لدى اللاجئين حول الفيروس، بالإضافة إلى توفير منتجات النظافة الصحية ومواد التعقيم، فضلاً عن برامج التوعية للاجئين".

وقال الباحث في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، "ريني فيلدأنغل"، إن خطر الإصابة بفيروس كورونا لدى اللاجئين، الذين يقيمون في المدن الكبرى، قد يكون أكبر منه مقارنة باللاجئين الذين يعيشون في المخيمات الكبيرة.

وتابع: "في مخيم الزعتري بالأردن مثلاً، الخطر أقل لأنه من السهل على اللاجئين الحصول على الخدمات الصحية، أما بالنسبة للاجئين الذين يعيشون في مدن كبرى في لبنان مثلاً، فالخطر أكبر لأنهم غير مسجلين ولا يستطيعون الوصول إلى أي خدمات صحية".

مبادرات

انطلقت حملة وقاية بمبادرات أهلية ومدنية وبالتعاون مع تجمعات الفلسطينيين في الشتات، لا سيما الأطباء، تتضمن نشر ملصقات ومنشورات ومواد إرشادية في المرافق العامة والمراكز الصحية والمنشآت والمدارس ورياض الأطفال في المخيمات وتقديم الإرشادات اللازمة لتجنب الإصابة.

كما تعمل الحملة على توفير مواد النظافة والتعقيم وتقديمها لاستعمال الطلاب في المدارس والمرافق العامة، فيما بادر الدفاع المدني الفلسطيني إلى تعقيم التجمعات العامة والمدارس والمقاهي في المخيمات كافة.

الأردن: إجراءات وقائية

مفوضية اللاجئين في الأردن، قالت إن "وجود فيروس كهذا بحد ذاته أمر مقلق"، وأوضحت أنه "إذا حصلت أي إصابة في تجمعات اللاجئين القريبة من بعضها البعض، مثل المخيمات، فإن الانتشار يكون أسرع".

في الأردن، تبدو المستشفيات داخل المخيمات مهيئة للاستجابة لأي حالة، إضافة إلى أن الوصول للمستشفيات داخل المخيمات أسهل منه في المناطق الحضرية، وقد تكون نسبة خطورة انتشار الفيروس في المخيمات "أقل" منها في الخارج.

وبالإشارة إلى نقطة المخيمات، فهي لا يوجد فيها حالات سفر للخارج، كما أن موظفي منظمات الأمم المتحدة يخضعون لرقابة كبيرة فيما يتعلق بالسفر، لمنع نقل المرض لأي شخص.

وكان الأردن سجل أول حالة إصابة بالفيروس، لكنها تماثلت للشفاء وخرجت أمس الجمعة، ووضع 80 شخصاً قيد الحجر الصحي.  ولم يكشف عن حالات جديدة.

وأعلنت وزارة الصحة الأردنية، مواجهة خطر انتشار الفيروس، وخصصت رقماً موحداً للطوارئ (وهو 111)، ويشمل بطبيعة الحال من في المخيمات أيضًا، فعند وجود أي اشتباه يمكن للاجئين الاتصال بالرقم. كما خصصت الحكومة الأردنية ستة مستشفيات معتمدة لفحص الحالات المشتبه بإصابتها وعزلها. 

وتعد الإجراءات المتخذة في المخيمات بالأردن، شبيهة بتلك المتخذة خارج المخيمات وعلى رأسها الحملات التوعوية للمحافظة على النظافة الشخصية.

الحالة السورية أخيرًا

 فيما يتعلق بالأحوال في سوريا، لم تؤكد بعد أي حالة إصابة بالفيروس، إلا أن هناك تقارير تتحدث عن انتشار فيروس كورونا في 4 محافظات سورية وسط تكتم السلطات، وهنا تزيد من مخاوف انتشاره في مخيمات النازحين شمال البلاد، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وحذر المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية في أنقرة هيدين هالدرسون، أن "الأنظمة الصحية الهشة في سوريا، قد لا تملك القدرة على رصد الوباء والتصدي له". والمنظمة لا يمكنها تقديم الخدمات عبر الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة من داخل سوريا.