شبكة قدس الإخبارية

نتنياهو فاز لكنه لم ينتصر

88177405_1294716510919958_458919613514645504_n
سعيد بشارات

انتهت الانتخابات الإسرائيلية الثالثة، وكانت نتائجها دراماتيكية، وغير متوقعة، ومؤشر على تغير وانقلاب بنيوي في تفكير واتجاهات المجتمع الإسرائيلي الصهيوني، كانت نسبة التصويت عالية وهي الأعلى منذ عشرين عاماً، سواء في الوسط الاحتلالي اليهودي، أو حتى في وسط السكان الفلسطينيين الأصليين، حقق اليمين في هذه الانتخابات تقدم كبير جداً، وتراجع مخزي لليسار والذي يعتبر مؤسس هذا الكيان، وانتقل الاتجاه السياسي العام ليفوض الصهيونية العلمانية الدينية الحريدية كي تشكل الحكومة.

  نتنياهو حقق إنجازا هائلا الليلة حسب مراقبين. ولكن جاء التساؤل الذي يرافق كل جولة من الجولات السابقة: هل فاز؟ في السياسة الإسرائيلية، النصر يعني أمر واحد: أن يشكل الطرف الفائز-وفي هذه الحالة اليمين-الحكومة. لكن حتى بعد حملة كبيرة وفرز ملايين الأصوات، ما زال الوقت مبكراً لمعرفة ما إذا كان نتنياهو قد أنتصر وأفرز فوزه حكومة مستقرة.

 مع 61 مقعدا لنتنياهو، ستقام حكومة يمينية سريعة، ومع 60 مقعدًا ستمنحه فرصة معقولة جدًا لمثل هذه الحكومة. بـ 59 سيكون أمرًا معقدًا، لأن هناك أغلبية في الكنيست تريد إرساله إلى البيت بسبب ملفاته الجنائية. 58 ستقود لحكومة أقلية أو سن قانون أساسي ضدها.

نتنياهو في هذه الأثناء لا يريد حكومة الوحدة، لأن خيار الوحدة لن يسمح له باتخاذ خطوات مهمة بالنسبة له في المجالين السياسي والقانوني.

هذا الاستنتاج جاء من خطاب بنيامين نتنياهو الليلة، الذي لم يدع فيه إلى المصالحة مع بيني جانتس، ونتنياهو سيصلي من أجل 61 مقعدًا. إذا فشل في القيام بذلك، فسوف يحاول جلبهم "انفراديًا"، من الأحزاب، مهما احتاجوا.

الوحدة ستقلل من فرصه بالتعامل مع القضايا التي تهمه، ولن تسمح له باتخاذ خطوات مهمة له في المجال السياسي والقانوني. لن تسمح له الوحدة بتعيين وزير القضاء الذي يريده، أو التأثير على هوية المستشار القانوني القادم الذي يمكنه رفع لائحة الاتهام ضده.

بالنسبة لأزرق أبيض؛ سيواجه رئيس ازرق ابيض بيني جانتس الآن تحديين داخليين: الأول -التأكد من أن لا أحد من قمرة القيادة يشكك في قيادته أو الدعوة لعودته إلى البيت، والثاني -إبقاء جميع أعضاء الكنيست في مكان قريب منه. حتى أولئك الذين يعتقدون أنه "صفر" وغير قادر على القيادة وإبقاء الحزب موحد خلفه.

كانت صفقة القرن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقطة تحول في الحملة الانتخابية، لكن القصة الحقيقية للحملة كانت ولا تزال عدم قدرة أزرق أبيض على شرح كيفية تشكيل الحكومة لجمهور الإسرائيليين.

 

قبل شهرين فقط، لم يفهم الكثيرون سبب تفضيل الليكوديين لرجل بثلاث لوائح اتهام أمام جدعون سار الذي حاول منافسته في الانتخابات الداخلية. الليلة الماضية حصلوا على الجواب. جلب نتنياهو مقعداً واحدا أقل من أرييل شارون في أوج قوته. الليكود لا يزال هو الجهاز السياسي الأكثر تطورا على الخريطة.

أكثر إنجاز للكتلة اليمينية، كان إنجاز نتنياهو نفسه. لقد جاء الرجل الذي يرأس إسرائيل منذ 11 عامًا إلى هذه الحملة الانتخابية بعد فشله في الحصول على الحصانة من المقاضاة، أو حتى تعليق تاريخ افتتاح محاكمته بسبب الرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة. لا بل واستخدمه خصومه كسلاح ضده، وقام، من جانبه، بحملة لرفع الأصوات -. أخيرًا، وثق الناخبون به.

الآن هناك سؤال كبير يحوم حول قائمة أزرق أبيض، وهو هل سيتم خداع بعض أعضائها، الذين يعتبرون علامات يمينية قابلة للانتقال والتحول، وذلك من أجل الانضمام لصفوف الكتلة اليمينية لمساعدتها على الفوز بأغلبية 61 عضو في الكنيست، في مقابل الحصول على منصب رفيع المستوى.

أكد ميكي زوهر عضو الكنيست عن الليكود ليلة الثلاثاء في استديو نيوز 12 أنه أجرى اتصالات مع أحزاب خارج الكتلة حتى قبل الانتخابات وأعلن: "إذا كان لدينا 60 مقعدًا نظيفًا". "يفهم المسؤولون في المعسكر الثاني أنه ليس لديهم مستقبل، وستؤدي الحملة الانتخابية الأخرى إلى زيادة تراجعهم وبإمكاننا أن نقول على وجه اليقين أننا سنشكل حكومة." أكد زوهر لنيوز 12، قائلاً: "إذا كنا بحاجة إلى جلب أعضاء الكنيست من المعسكر المعاكس، فسنغير القانون بالتأكيد حتى لا تتم معاقبتهم"

الانهيار الكبير الذي حدث الليلة الماضية هو انهيار حزب العمل اليساري، حزب العمل -ميرتس -جسر، الذي حصل، وفقًا للعينة، على ستة إلى سبعة مقاعد، وتم تقليص سلطته في الكنيست إلى النصف. سيمثل حزب العمل التاريخي، المعروف باسم "الحزب الذي أسس الدولة"، من قبل بعض أعضاء الكنيست في الكنيست الـ 23 الذين التحقوا به حديثاً مع وجه قديم يمثله بيرتس.

ما دفع الى فوز نتنياهو-الفاسد والمرتشي، وحزبه هو أصوات المحبطين الذين سأموا الانتخابات وجولاتها المتكررة، ولأن شريحة واسعة أصبحت مدركة أن هناك نظام سياسي محطم ومحبط، ولا يمكن لأي أحد في الفترة الحالية انتشاله من الدمار سوى تمكن رئيس الوزراء من الفوز وتسخير اليائسين لصالحه.