شبكة قدس الإخبارية

جـرن الرمـان

82
جمال كيوان

جرن الرمان، من المواقع المثيرة في البلاد والفريدة في العالم. الحُفرة الضخمة التي يصل عرضها إلى نحو 14 كيلومترًا وطولها نحو 40 كليومترًا، كانت قد تشكلت على مدار ملايين السنين في عمليّة مذهلة.

يعرض الجرن للزائرين مجموعة وافرة من الصخور الرائعة الفريدة، وظاهرة الماغما، والمواقع البركانية القديمة، والينابيع، والآبار ومجموعة من الآثار عن حياة الإنسان في المنطقة خلال آلاف السنين.

في الماضي، كانت منطقة النقب المركزيّة خط الساحل لبحر شاسع اسمه بحر التيشس. وهو ما تشهد عليه التشكيلة الهائلة لمُتحجّرات الحيوانات المائيّة في أنحاء النقب الشرقي.

قبل 90 إلى 100 مليون سنة غمر البحر هذه المنطقة، وتكونت فيه طبقات من الصخور الكلسيّة الصلبة. هذه البنية من الطبقات الرمليّة المحصورة تحت طبقات صخريّة صلبة هي أساس تكوّن أجران التآكل.

قبل نحو 80 مليون سنة اجتاحت المنطقة عمليّة جيولوجيّة تركت أثارًا هائلة على المنطقة. فقد اصطدمت القارة الأفريقيّة بقارة أورأسيا، مما أدى إلى تجعُد الأرض فارتفعت الجبال من مصر وحتى سوريا. تسمي تلك التجعدات “الشق السوري” والذي يشمل جبال النقب، و"جبال يهودا" وجبال الجليل.

شق كبير اخترق طبقات الصخور مما أدى إلى ارتفاع سلسلة جبليّة عالية في النقب، هي سلسلة محمل (رمون). كانت هذه السلسلة بمعظمها منخفضًا تحت بحر التيشس، لكن قمتها برزت فوق سطح البحر. عندما تعرضت المنطقة قبل نحو 60 إلى 70 مليون سنة إلى تأثيرات الطقس والأمواج، بدأت عملية تآكل وتعريّة طبيعيّة للطبقة الصخريّة الصلبة المرتفعة.

بعد تآكل الطبقة الصخريّة المرتفعة والصلبة، تم الكشف عن طبقة صخور رمليّة ليّنة، والتي ظلت محصورة بين الجدران، مما أدى إلى تكوّن الجرن القديم على رأس الجبل. قبل 40 إلى 50 مليون سنة عاد بحر التيشس وغمر المنطقة، لكن عمليات تكتونيّة أخرى اجتاحت شمال القارة الأفريقيّة قبل نحو 30 مليون سنة، مما أدى إلى ارتفاع منطقة النقب مرة ثانية.

كيف تكوَّن جرن رمون؟

في أعقاب هذه العمليّة ظهر في الجهة الشرقيّة منخفض البحر الميت، وهو جزء من الشق السوريّ الأفريقيّ، والذي تسبب في ميلان الأرض في اتجاه منطقة وادي العربة الأكثر انخفاضًا. كما مالت سلسة رمون، وخلال ملايين السنين والكميات الهائلة للأمطار تم جرف طبقة الصخور الرمليّة الليّنة. مع الوقت اتسع جرن رمون وانكشفت الطبقات الصخريّة القديمة في قاعه.

توجد في النقب خمسة أجران فريدة ومختلفة عن بعضها: الجرن الصغير، الجرن الكبير، جرن رمون وهو الأكبر، وجرنين آخرين على جبل عريف، في مركز النقب. هذه الأجران ليست أجران بركانية، بل أجران تَجوِيّة (تآكل)، والتي تشكلت خلال عملية جيومورفولوجيّة مدهشة