شبكة قدس الإخبارية

الشهداء والشقائق الحمراء

86
عبيدة سامي

"في وقت السحر كنتُ في روضة الشقائق الحمراء، فسألتُ نسيم الصبا العليل من هؤلاء الشهداء؟ جميع هؤلاء الذين يتدثرون بالأكفان الدامية.. قال لي: لست أنا ولا أنت محرماً للأسرار الخافية، فحدثني عن الدماء الياقوتية القانية، وعن ذوي الشفاه المبتسمة والثغور الراضية". -حافظ الشيرازي-.

قالوا إن جثمانه بقيَ في العراء عشرة أيام، لن يحدثنا أحد كيف سار نازفاً إلى ذلك الواد المحاصر بالمستوطنات والدوريات العسكرية. ما الذي أشعل قلبه؟ فقرر أخذ الثأر بيده؟

عشرة أيام في الوادي، يحتضن سلاحه، وينسج من دمه شريان حياة للأرض، وقد اقترب الربيع، وفيه يصعد نبات "الحنون"، الذي تقول الأسطورة إنه خلق من الدم، وصار مع الأيام رمزاً للشهداء.

لن أغرق في الكلام الأدبي حول الشهيد، لكن هناك ما يثير الفتنة واللوعة، في قصصهم، أساطير حية في زمن يعمل الإنسان فيه على قتل فكرة "الأسطورة"، كما قال الشهيد باسل في مقاله حول "الحرب".

هؤلاء الشهداء، هم برنامجنا السياسي في زمن الكلام عن سياسة، لا تشبه شيئاً من العمل السياسي الحقيقي، الملتصق بالأرض وبالميدان. هؤلاء الشهداء، يخرجون من شقوق اليأس، يعرفون الطريق المستقيم، الذي لا يضل عنه من رأى بنور قلبه.

فخر، شادي وغيرهم، هؤلاء الشهداء "المجهولون المعرفون"، يجب أن يكونوا درساً في التريبة الوطنية والسياسية.

يوماً ما بعد أن تتحرر البلاد، ستحكي الأمهات لأبنائهن في واد الدلب وأمام باب الأسباط، عن شهيدين عرفا الطريق الواضح والصحيح، لمسح آثار المهانة التي أراد ترامب ونتنياهو إنزالها بنا.

لن يُذكر المطبعون آنذاك، إلا كما يُذكر الآن سعد حداد وأنطوان لحد، وعقل هاشم، وأبناء روابط القرى.