شبكة قدس الإخبارية

بين الأقطش وخوري.. تناقض جامعة بيرزيت

يباي
عبيدة سامي

أخيرًا خرج مجلس أمناء جامعة بيرزيت اليوم ببيان يُعقّب على مشاركة عضو المجلس باسم خوري بلقاء تطبيعي في "تل أبيب"، هذا اللقاء الذي كان واحدًا من لقاءات عدة "فلسطينية-إسرائيلية" تزايدت بطريقة غير مفهومة بعد الإعلان عن صفقة تصفية القضية الفلسطينية.

اللافت أن بيان الجامعة جاء قبيل حراك طلابي غاضب داخل أروقة الجامعة بدأ بوقفة ثم بمسيرة اتجهت نحو مبنى الإدارة، حيث هتف المشاركون بأعلى صوت بأن التطبيع خيانة وطالبوا بنبذ المطبعين، لكن الأهم من تأخر البيان هو لهجته ومحتواه.

جاء بيان الإدارة ركيكًا غير مقبولًا لدى عموم طلبة الجامعة نفسها ولا للشارع الفلسطيني، فلقد كان أشبه ببيان صليب أحمر وليس من إدارة جامعة العياش التي زفّت بالأمس غير البعيد ابنها الطالب في كلية الإعلام ساجي درويش الذي يُصر طلبة الجامعة على استحضار اسمه دومًا في كل مناسبة وكأنهم يقولون: لا تصافح فدمه ما زال على أيدينا.

لكن، لم يكن ساجي والشهداء من قبله وبعده والأسرى وعذاباتهم، الحاضرين فقط على المشهد، كان رئيس دائرة الإعلام في بيرزيت سابقًا ضيفًا على تعليقات وأحاديث الطلبة.

حين خرج الأقطش على الجزيرة في لقاءٍ كان فيه شخص من كيان الاحتلال، كان موقف الجامعة قويًا جدًا، وأكدت أن سياستها "واضحة جدًا" بعدم التطبيع مع الكيان بكافة أشكاله، مشددة على أن كل من في الجامعة عليه التوافق والتلاءم مع سياستها في رفض التطبيع لأن سياستها "واضحة جدًا" برفض التطبيع مع الاحتلال.

وفي ساحات الجامعة، عبّر الطلبة عن غضبهم من لقاء الأقطش، وأيضًا وصل الحال إلى البعض بالتهجم على مكتب الدكتور حسب ما قيل في حينه، ثم خرجت صفحة جامعة بيرزيت ببيانين من الأقطش، الأول يوضح فيه ما حدث معه ويؤكد الالتزام بمعايير المقاطعة، والثاني يؤكد على التزامه بوحدانية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، وأعتقد أن هذه النقطة هي مربط الفرس وسبب كل ما حدث.

إذ أنه منذ سنوات، يخرج علينا الكثيرون من منظمة التحرير بلقاءات مع إسرائيليين بمقابلات صحفية -كما فعل أسامة القواسمي مثلًا حين خرج بلقاء فيه على الطرف الآخر الناطق باسم جيش الاحتلال أفخاي أدرعي-، ولم نرى هجومًا عليهم، وبالتالي فالتفسير الأرجح أن رفض الكثير من الفلسطينيين للتطبيع بكافة أشكاله تم استغلاله للهجوم على الأقطش بسبب ما قاله عن المنظمة، لكن لا بأس فنحن هنا لمناقشة قضية تعامل إدارة جامعة بيرزيت بالتحديد.

إذن، بعد صمت، خرجت الجامعة في بيانها المتعلق بلقاء عضو مجلس الأمناء مع محتلين في "تل أبيب" ومن بدايته كانت المفارقة واضحة جدًا، حيث بدأ بيان مجلس الأمناء بالقول "اطلع مجلس الأمناء على الاحتجاجات التي صدرت وخاصة من مجتمع الجامعة" وهنا يتضح أن الموقف جاء بعد الاحتجاجات وليس للفعل التطبيعي نفسه.

وما يثير التساؤلات في بيان مجلس الأمناء، أنه لم يذكر اسم العضو حتى، واكتفى بالقول إنه أحد أعضاء المجلس، وأن مشاركته كانت بصفة شخصية، كيف تبدأ الجامعة بيانها بالإشارة إليه بأنه أحد أعضاء المجلس وتمتنع عن ذكره بالاسم ثم تعود لتقول هو لا يمثل سياسة الجامعة؟ ولماذا لم يكن موقف الجامعة واضحًا بأن كل من فيها ممنوع من التصرف بأي شكل يخالف سياسة الجامعة؟

إن المفارقة العجيبة في موقف الجامعة والذي بدا واضحًا لدرجة أن هذه الجزئية طغت على معظم تعليقات الطلبة على منشورها عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، يزيد الشكوك حول تأثر قرارات ومواقف الجامعة بجهات تمثل الموقف الرسمي الفلسطيني الداعم للتطبيع بالطريقة التي تحلو له والتي يحاول البعض -عبثًا- شرعنتها وكسب التأييد الشعبي لها من خلال أوصاف تظن للوهلة الأولى أنها من مجانين وليست شخصيات قيادية، من قبيل "اختراق المجتمع الإسرائيلي" و"اشتباكات سياسية لإسقاط اليمين الإسرائيلي".

لقد تميزت بيرزيت دومًا بمواقفها الوطنية، وظلت لسنوات -خاصة ما بعد الانقسام- الجامعة الوحيدة التي يُشهد لها من القاصي والداني بمواقفها الثابتة والجريئة، ولكن التغيرات المتسارعة في مواقف الجامعة ليس ابتداءً بمنع المظاهر الوطنية التي تُسميها بلا مبرر "مظاهر عسكرة"، وحتى موقفها الأخير اليوم ضد مُطبع من مجلس الأمناء شارك بلقاء مع محتلين وسط "تل أبيب".

#الاحتلال #بيرزيت #تطبيع