شبكة قدس الإخبارية

في طريقك إلى حاجز الموت تمهل فعلى يسارك حياة

-224448856
هديل أبو عامر

تمر آلاف السيارات يومياً عبر حاجز زعترة العسكري، والذي يربط شمال الضفة بوسطها، يخبرك (GPS) أن خروجك من نابلس متجهاً إلى رام الله، يعني مرورك عبر حاجز زعترة.

ولكن هل فكرت يومأ بماهية البيوت القابعة فوق التلة الصغيرة؟ هل راودتك نفسك أثناء شرائك للقهوة من على مفترق زعترة من الحاج أبا محمد بدخول هذه القرية؟ هل ظننت يوماً أن هذه بيوت للمستوطنين كما يظن آخرون؟ إذا أردت حقاً أن تتعرف على هذا القرية، الرجاء ربط الأحزمة، رحلتنا على وشك أن تبدأ.

يبلغ عدد سكان زعترة حوالي (160) نسمة، (قطاين) من الزيتون، بضع أشجار من السرو والكثير من (الخَضار)، بالإضافة إلى القطط التي اتخذت من زعترة مأوى لها. "حين ضاقت به قرية بيتا، قرر الحاج محمود الأقطش -المؤسس الأول لقرية زعترة-مغادرتها بعيداً إلى زعترة.

 وجد ضالته في كهف رومي واسع الأرجاء، يطل على شارع نابلس – رام الله ". يقول يوسف العيلة في كتابه (بيتا الشوامخ). "لم تدم إقامة الحاج محمود طويلاً في الكهف، بعدها قرر استبدال الكهف ببناء بيت من طابقين على ظهر تلة زعترة ".  ويضيف " أنجب الحاج محمود تسعة أبناء ذكور وبنت واحدة. وبسبب القيود الإسرائيلية التي تمنعهم من البناء لوقوع زعترة في المنطقة (C)، اضطر اثنا عشر من أحفاد الحاج محمود للانتقال إلى بيتا والعيش فيها".

لم ترَ زعترة النور كباقي القرى والمدن الفلسطينية إلا منذ عقد من الزمن "الكهربا اجت في (2010) والمي في (2009)، كنا عايشين على (الماتور)، تيجي الكهربا على أذان المغرب لحد الساعة (12) بالليل" يقول سمير الأقطش أحد أحفاء الحاج محمود بالرغم من قصر المدة الزمنية إلا أنها كانت مهلكة مادياً. " كل واحد فينا كان يدفع (500) شيكل شهرياً ".

ما إن تطأ قدمك قرية زعترة، إلا وتطل عليك غيمة محملة بالسعادة، تبدأ قطرات السعادة تدريجياً، فتشعر لاإرادياً براحة كبيرة. تلامس عبق الأصالة والقدم في كافة زوايا زعترة. لعل من أكثر الأشياء التي تُذكر بعراقة زعترة، هي ساعة الحاج محمود. "ساعة مستديرة ملساء، ذات توقيت عربي، مربوطة بأحد أطرافها الجانبية بخيط أسود غليظ " يقول العيلة. "ستظل أتساءل لماذا كان الحاج محمود الأقطش يحمل ساعة ذات توقيت عربي؟ ربما لأنه لم يكن يعترف بسيادة زمن الاحتلال الإسرائيلي! " ويتعجب العيلة من نفسه قائلاً

" في زفاف أحد شبان زعترة سألت أبا أمجد – أحد أبناء الحاج محمود – عن أخبار شجرة التين القائمة أمام المغارة " ولشجرة التين هذه ذكريات جمة، ولعل من أكل منها يوماً ما لا يزال يذكر طعم تينها الحماضي. يصف العيلة حزنه لعدم وجود شجرة التين " كأني شيعتها في يوم زفاف الشاب. هل يمكن لإنسان عاقل أن يشارك في مأتم شجرة تين أثناء حفلة زفاف شاب صديق"

على المدخل الرئيسي تماماً وعلى يمينك ترى "محددة"، تتابع المسير فتجد " المضافة" وهي عبارة عن غرفة مزودة بحمام خارجي ولها ساحة أمامية. تعتبر المكان الأمثل لكافة المناسبات. خطوتان إلى الأمام وتصل إلى " البيدر" وهي الساحة المقابلة للشارع الرئيسي. وما إن تجلس " ورا الدور" حتى ترى كل عربة ومركبة مارة، وأما من الجهة الأمامية فهناك على رأس " الحبلة" يوجد مسجد زعترة. ونزولاً من " ورا الدور" تكمل سيرك فتجد القليل من المنازل على جهة اليمين والكثير من أشجار الصنوبر على جهة اليسار وهي ما تسمى "بالواد " نزولاً.

لا شيء يضاهي متعة شرب كأس من الشاي مع الميرمية البلدية أو النعناع المقطوف بعناية من الأحواض المحاذية للمسجد، والمكان الأمثل لاحتسائها هناك على "اليبدر" حين تعزل الشمس خيوطها الذهبية وتصدر أشجار الصنوبر أصواتها وكأنها تقول حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً.

إذا مررتم بقرية زعترة يوماً لا تترددوا في زيارتها والتعرف على أهلها المعروفين بالطيبة والكرم والأصالة، عزيزي السائق في طريقك إلى حاجز الموت تمهل فعلى يسارك حياة.