شبكة قدس الإخبارية

"مرح كبرت قبل أوانها"

33enlyfgabvt
فاطمة محمد أبو سبيتان

القدس المحتلة-خاص بقدس الإخبارية: جهاز صغير، انتظار طويل، دقات قلب متسارعة، أتراني أسمع صوتهم اليوم أم غدا أو أن الحظ لن يحالفني؟!. على الطرف الآخر يقولون "يا رب تزبط معنا.. يا رب نقدر نحكي.. يا رب تسمع صوتنا".

هذا تماما ما يحدث بين الأسير أو الأسيرة وذويهم ممن ينتظرون برنامج جسور الأمل على راديو راية إف إم، أو برامج أخرى تعتبر جسر الوصل بين الأسرى وأطفالهم وزوجاتهم وعائلاتهم، خاصة أولئك الذين يمنعون من زيارتهم بسبب الحجج الأمنية.

دقت الساعة السادسة ويزيد، وحملت سوسن مبيض هاتفها وبدأت بالاتصال، فاليوم هو يوم ميلاد ابنتها مرح باكير، تلك الأسيرة التي دخلت السجن طفلة وأصبحت اليوم شابة يافعة ناضجة تنتظر الحرية.

اتصلت، ردت المذيعة وتمكنت من الحديث كأول متصلة وأرسلت معايداتها لمرح وكذلك والدها وشقيقتها، على أمل أن تسمعهم فيسعد قلبها وترتفع معنوياتها ككل مرة، وشاركتها الإذاعة أيضا بأغنية لميلادها.

عند الساعة السادسة من اليوم السادس والعشرين من كانون ثاني/ يناير عام 1999 جاءت مرح، وملأت المنزل فرحا بقدومها، هي البنت الأولى في العائلة والثانية بعد شقيقها البكر، وكما كان لهذا التاريخ ذكرى سعيدة، كان للثاني عشر من تشرين أول/ أكتوبر 2015 أثرا أليما وترك وجعا لم تعرف العائلة طعم الراحة بعده.

ففي هذا التاريخ أطلقت قوات الاحتلال النار على مرح بعدما غادرت مدرستها في حي الشيخ جراح بالقدس، ولم يكتفوا بواحدة، رصاصة تلو أخرى حتى نخرت 12 رصاصة جسدها، ما زالت تعاني آثارها حتى اليوم، بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن.

تقول والدتها لقدس الإخبارية: "اليوم مرح هي ابنتي الناضجة الواعية التي تحب المطالعة، تقرأ العديد من كتب الفلسفة والعلوم السياسية والتنمية البشرية، وهي تعمل على إنشاء كتيب يحمل تلخيصا لما ورد في تلك الكتب، وما استخلصته من عبر ودروس إلى جانب دراسة الخط العربي بشكل متقن".

وتضيف أن مرح "تكمل اليوم عامها الحادي والعشرين في سجون الاحتلال، وهذا العام الخامس الذي لم نحتفل فيه معها، لكن لعل صفقة تبادل الأسرى قريبة فيرتاح بالنا وتتنفس أسيراتنا حرياتهن".

ما قبل الاعتقال، كانت مرح تنتظر من والدتها في كل عام مفاجأة عبارة عن كعكة بنكهة جديدة إلى جانب كعكتها المفضلة "تشيز كيك"، وتقول: "يا ليتها معي ونعد هذه الكعكة معا، يا ليتها بجانبي نغني لها أنا ووالدها وشقيقها وشقيقاتها، ونحتفل بعام مليء بالفرح والحرية لا بالأسر والأسى".

مرح التي نجحت في الثانوية العامة داخل السجون، تريد أن تدرس المحاماة عقب خروجها من سجون الاحتلال لتدافع عن الحق وتقف ضد الظلم، لكن قبل أن تخوض ذلك، تفكر في أن تدرس في البداية التصوير والصحافة لتكتب من خلالها معاناة الشعب تحت الاحتلال وتصور حياتهم وحقوقهم المسلوبة من خلال قلمها الحر.

معاناتها في "الدامون" بعد الإصابة

تعاني مرح اليوم من انخفاض حاد في الدم، وانخفاض كريات الدم البيضاء رغم حصولها على الفيتامينات والحديد، وهذا ما يستدعي إجراء عدة فحوصات لمعرفة سبب ذلك.

وتقول والدتها لقدس الإخبارية إنها تعاني أيضا من أوجاع بسبب "البلاتين" الذي وضع في يدها جراء إصابتها بالرصاص، إلى جانب ضعف النظر، لافتة إلى أنها لم تكن تلبس نظارتها ما قبل الاعتقال بشكل دائم، لكنها اليوم تلبسها في كل الأوقات.

مرح وبحسب والدتها "كبرت قبل أوانها" ولم تكن تتخيل أن ابنتها التي دخلت طفلة أصبحت اليوم أسيرة لا تريد انقضاء مدة الحكم فقط (ثماني سنوات ونصف بتهمة التخطيط لتنفيذ عملية طعن) وإنما تبني نفسها ومستقبلها حتى لو كان ذلك داخل قلاع الأسر.